أوكرانيا تفاجئ الجميع وتحرج بوتين

 أوكرانيا تفاجئ الجميع وتحرج بوتين
فاضل المناصفة
السبت 17 غشت 2024 - 16:35

توغل أوكراني داخل الأراضي الروسية يفاجئ الجميع ويفتح الباب لقراءات عديدة حول أهمية هذه الخطوة وتوقيتها ومدى تأثيرها على الموقف التفاوضي، اذ يأتي هذا التوغل في منطقة كورسك الحدودية في وقت كان السكان الأوكرانيون يشككون في قدرة زيلنسكي على تحقيق النصر بعد سنتين ونصف من الحرب لكن من المؤكد أن هذا الحدث سيرفع من الروح المعنوية للجنود الأوكرانيين .

الهجوم الأوكراني المضاد 2023 الذي كان يجري وجها لوجه كبد القوات الأوكرانية خسائر فادحة وهو ما دفع بتغيير الاستراتيجية في هذا الهجوم، هذه المرة  واستنادا على معلومات استخباراتية دقيقة أكدت وجود عدد قليل من احتياطات الجيش الروسي في منطقة كورسك الحدودية شن الأوكرانيون هجوما مباغتا مستغلين هذا الفراغ الذي يسمح لهم بالقيام بعملية إختراق سريعة وغير مكلفة بشريا وبالفعل نجحوا في خداع الروس الذين ركزو في خططهم العسكرية على التعامل مع أي هجوم مضاد محتمل على أراضي اقليم دونباس .

عملية التوغل نجحت في السيطرة على بلدة سودجا الاستراتيجية ما يعني أن الأوكرانيين متمركزون الآن على آخر خط في محطة توزيع الغاز، والتي من خلالها تزود شركة غاز بروم الروسية كل من سلوفاكيا والنمسا عبر عبر أوكرانيا وعلى القرب من محطة كورسك النووية، وهذا في حد ذاته مكسب تفاوضي في صالح الأوكرانيين هذا في حال ما اذا تمكنو من الصمود أمام خطة الهجوم التي يعدها الروس لاسترجاع البلدات التي سقطت في يد قوات زيلنسكي .

ولنكون واقعيين فإن عملية التوغل لا يمكن أن توصف بالتحول الكبير في الحرب لأنها تبقى عملية محدودة ولكن بعد 5 أيام من التوغل الأوكراني لا تزال موسكو غير قادرة على تنظيم دفاع فعال لوقف القوات الأوكرانية ذات القدرة العالية على المناورة ومن المثير للإهتمام أن نرى القوات الأوكرانية تقود هجوما على أراض روسية بتلك الجرأة والمخاطرة العالية وهذا في حد ذاته رسالة قوية تطمئن الحلفاء الغربيين على أن معركة النفس الطويل لاتزال مستمرة وأن مايشاع على قرب انهيار القوات الأوكرانية خاطئ، وأن خطة التوغل على الأراضي الروسية ماهي إلا تأكيد على إصرار الرئيس الأوكراني فلودومير زيلنسكي على شروطه التفاوضية وعدم رغبته في تقديم تنازلات مهينة للروس في حال تم الجلوس على طاولة المفاوضات . 

التوغل الأوكراني الذي اصطدم بمقاومة ضعيفة كشف حجم الضعف في قوات الإحتياط الروسية وكشف أيضا أن روسيا قد رمت بحجم كبير من احتياطاتها في إقليم دونباس ووضع قادة الجيش و رئيس الأركان العامة الروسي فاليري غيراسيموف في ضغط كبير بعد أن تسبب سوء التخطيط في احراج بوتين الذي لطالما تكلم في خطاباته على أن العملية العسكرية في أوكرانيا تسير في الإتجاه الصحيح لتحقق الأهداف المرجوة منها، لكن وبعد سنتين ونصف من المعارك يبدو أن أوكرانيا لديها اليوم من الأوراق ما يجنبها الخنوع في المفاوضات وما يمكنها من استمرار الحرب على خلاف الروس العاجزين عن التقدم والراغبين في انهاء الحرب والإكتفاء بإقليم دونباس.

وعلى الرغم من أن الكرملين أعلن مناطق كورسك وبيلغورود وبريانسك "مناطق عمليات لمكافحة الإرهاب" مما يمنح الجيش المزيد من الصلاحيات، إلا أن الخبراء يشككون في أن هذا سيكون كافياً لوقف التقدم الأوكراني. كما يشيرون أيضًا إلى أن الوضع في كورسك يمكن أن يؤثر على تقدم روسيا في أوكرانيا.

عملية التوغل ليست فقط مجرد رفع للمعنويات لأنها ساهمت في تخفيف الضغط على الجنود الأوكرانيين على الجبهة في شرق البلاد بعد أن قررت روسيا سحب قواتها من منطقة دونتسيك المتنازع عليها من أجل وقف التقدم الأوكراني في كورسك، لكن الخفاظ على هذا المكسب الاستراتيجي للقوات الأوكرانية ليس سهلا بالمرة ومن الواضح أن الرد الروسي سيكون قويا بحجم الاحراج الذي تعرض له بوتين.

وفقا للخبراء العسكريين الغربيين، فإن التأثير المحتمل لغزو القوات الأوكرانية في منطقة كورسك في غرب روسيا يمكن أن يكون كبيرا. وفقًا لخبراء من معهد دراسات الحرب الأمريكي (ISW)، فإن التطورات الأخيرة لا يمكن أن تؤدي إلى تعزيز محتمل لموقف أوكرانيا فحسب، بل قد تعرض أيضًا الاستقرار في روسيا للخطر مع وجود اعداد كبيرة من النازحين من المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ وهو ما سيخلق حالة من الغضب والاستياء ربما ستمتد لتشعل شرارتها في موسكو مركز القرار.

يمثل التوغل الأوكراني تحديا سياسيا خطيرا وتحديا لسمعة الكرملين، وهو الأكبر منذ تمرد قائد قوات فاغنر يفغيني بريغوجين العام الماضي، ويكشف عن أوجه قصور كبيرة في فعالية السلطات المركزية والإقليمية الروسية، ومن المؤكد أن تداعيات هذا النجاح الأوكراني ستطال رؤوس كبارالجنرالات الروس كعقاب على فشلهم في التحضير والإعداد لمثل هذا النوع من التكتيك الأوكراني حتى وان نجحو في طرد القوات الأوكرانية من منطقة كورسك.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...