هروبًا من الغلاء وضعف الجودة.. آلاف المغاربة يرفعون عدد السياح في إسبانيا بخمس مرات مقارنة بالمغرب صيف 2024.. هل فشلت الحكومة في إدارة القطاع؟

 هروبًا من الغلاء وضعف الجودة.. آلاف المغاربة يرفعون عدد السياح في إسبانيا بخمس مرات مقارنة بالمغرب صيف 2024.. هل فشلت الحكومة في إدارة القطاع؟
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 5 شتنبر 2024 - 15:00

حقق المغرب رقمًا قياسيًا وطنيًا يبلغ 10 ملايين وافد في السبعة أشهر الأولى من العام الجاري، وهو رقم ضئيل بالمقارنة مع عدد الوافدين السياحيين لدى إسبانيا، التي سجّلت 53.37 مليونًا بنهاية يوليوز الماضي، بما فيها عشرات الالاف من السياح المغاربة الذين فضلوا التوجه نحو الدولة الإيبيرية لقضاء العطل السياحية، هروبا من الارتفاع الصارخ لأسعار الخدمات السياحية في المملكة سيّما خلال الفترة الصيفية.

ووفق ما أظهرته إحصائيات المعهد الوطني الإسباني للإحصاء (INE)فقد بلغ عدد الوافدين السياحيين إلى إسبانيا خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 53.37 مليون، أي بزيادة قدرها 12% مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، وهي الزيادة ذاتها التي تعني ارتفاعا بخمس مرات من المغرب الذي حقق رقمًا قياسيًا وطنيًا بـ10 ملايين وافد في 7 أشهر الأولى من العام الجاري.

وقد أنفق هؤلاء السياح الوافدين على الجارة الإيبيرية ومن بينهم عشرات الالاف من المغاربة الذين هربوا من الغلاء الفاحش في أسعار الخدمات السياحية في المغرب (أنفقوا) حوالي 71 مليار أورو، أي بزيادة قدرها 18.6% مقارنة بعام 2023، وهو أيضًا رقم قياسي جديد تُحققه الجارة الشمالية، التي استقبلت حوالي 11 مليون سائح زاروا البلاد في شهر يوليوز فقط، أي بزيادة قدرها 7.3% مقارنة بيوليوز 2023، مما يشكل أيضًا رقمًا قياسيًا آخر.

وفي هذا السياق، أعرب وزير الصناعة والسياحة، جوردي هيرو، في بيان له، عن ارتياحه لهذه "الزيادة الكبيرة" في إنفاق المسافرين الدوليين، مؤكدًا أن السياحة "تستمر في كونها المحرك الرئيسي لاقتصاد البلاد، من خلال توليد الثروة وتوفير فرص العمل".

وسجلت الدول الرئيسية المصدرة للسياح زيادات ملحوظة في عدد الوافدين خلال يوليوز، على غرار المملكة المتحدة التي تظل في الصدارة بلا منازع بأكثر من 2 مليون سائح، تليها فرنسا بأكثر من 1.6 مليون وألمانيا بـ1.2 مليون، فيما كانت المناطق التي استقبلت أكبر عدد من السياح في يوليو هي جزر البليار (2.54 مليون، +23.4%)، كاتالونيا (2.39 مليون، +22.1%)، ومقاطعة فالنسيا (1.47 مليون، +13.6%).

وقد أثار الارتفاع المسجل والمستمر في عدد السياح المغاربة الذين زاروا إسبانيا اهتمام التقارير السياحية الرسمية في إسبانيا التي أشارت إلى السياح القادمين يؤثرون بشكل إيجابي في النشاط الاقتصادي للمدن السياحية في بلدهم، ذلك أنه في ماربيا  لوحدها يتجاوز متوسط إنفاقهم اليومي 600 أورو وقد يصل إلى 1000 أو 1500 أورو، مقارنة بمتوسط إنفاق السائح الإسباني المحلي الذي يبلغ حوالي 200 أورو يوميًا.

وتُساءل هذه الأرقام وزارة السياحة المغربية، التي وعلى ما يبدو لم تستطع التحكم في اختلالات التي تعتري القطاع وتدبير أزمة غلاء أسعار الخدمات السياحية، بما يضمن إنعاش السياحة الداخلية مع الحفاظ على كتلة السياح المغاربة بمن فيهم أفراد الجالية المغربية ممن اختار الكثير منهم قضاء عطلته بشواطئ شبه الجزيرة الإيبرية، في وقت أن هناك من الأسر من أصبحت تلتقي خارج المغرب مع الأقارب المقيمين في دول المهجر.

ولا شك أن الارتفاع المهول لأسعار المؤسسات السياحية التي ألهبت جيوب الطبقة المتوسطة من المغاربة خاصة خلال فصل الصيف مقارنة مع وجهات سياحية عالمية مماثلة للمغرب، هي السبب الرئيسي لهذه الخسارات المتتالية التي تتلف القطاع رغم الوعود التي قطعتها الوزارة الوصية في وقت سابق، مما يؤثر على التنافسية واستقطاب السياح الذين يفضلون وجهات أخرى أقل تكلفة وبخدمات أكثر جودة.

وقد وضعت الحكومة الإسبانية من جانبها، محفّزات بالجملة أسالت لعاب السائح المغربي المتعطّش لمعادلة الجودة والثمن وشملت كافة المدن، في مقدّمتها الاسعار التنافسية المنخفضة  التكلفة والمشجعة كميا ونوعيا من أجل جذب السياح وتوفير سبل المتعة والراحة والترفيه، سوا تعلّق الأمر بوكالات الاسفار، و ما يرافقها من انخفاض تكلفة النقل البحري والجوي وتشجيعها الخطوط الجوية منخفضة التكلفة، أو أسعار  الفنادق والنزل السياحية المشجعة جدا، وكذا وجود خدمات ترفيهية متطورة بأثمنة تكاد تصل نصف تلك المقترحة في المغرب، من طرف المؤسسات السياحية المغربية التي تنتهز العطل لمضاعفة أرباحها بأسعار خيالية، في غياب المراقبة وذلك في مختلف مدن المغرب السياحية في مقدّمتها مراكش، طنجة أكادير وغيرها.

وهذه العوامل جميعها، التي أشعرت السائح المغربي بخيبة أمل، ودفعته للهجرة السياحية صوب الجارة الإيبيرية، هي في الحقيق تهديد اخر لـ"رؤية 2030" التي وضعت الحكومة خارطة طريقها بغرض مضاعفة السياح في المملكة، في ظل تحديات كبيرة فرضها واقع الغلاء وارتفاع أسعار الخدمات السياحية.

وقد سبق لتقرير برلماني للمجموعة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية في المجال السياحي بمجلس المستشارين، أن حذّر الحكومة من  خطورة فقدان المغرب لأكثر من مليون سائح مغربي اختاروا قضاء عطلهم في كل من إسبانيا وتركيا والبرتغال بفضل العروض التنافسية الممتازة التي يُقدّمونها مقارنة بنظيرتها المغربية، منبّها إلى الاختلالات التي باتت تواجه قطاع السياحة في المغرب، والمرتبطة أساسا بارتفاع أسعار الخدمات السياحية المقدمة لزوار المملكة والسياحة الداخلية على حد سواء مقابل تراجع الجودة.

وقد أكد التقرير، الذي تتوفر عليه "الصحيفة" أن أسعار الخدمات السياحية في المؤسسات السياحية تعرف ارتفاعا مهولا خاصة خلال فصل الصيف مقارنة مع وجهات سياحية عالمية مماثلة لبلادنا، مما بات يؤثر على التنافسية واستقطاب السياح الذين يفضلون وجهات أخرى أقل تكلفة وبخدمات أكثر جودة، بمن فيهم المغاربة الذين يختارون قضاء عطلهم في إسبانيا أو البرتغال أو تركيا وعددهم في ارتفاع متزايد سنة بعد أخرى حتى وصل أكثر من مليون سائح مغربي سنة 2023.

وأورد التقرير، أنه بسبب قلة المراقبة أو انعدامها فضلا عن عدم إشهار الأسعار والتباين الصارخ بين مؤسسة فندقية وأخرى مماثلة في التصنيف، يشكل غلاء الأسعار السياحية سواء المتعلقة بالإيواء أو بالتغذية، عائقا حقيقيا أمام الأسر من الطبقة المتوسطة ويحد من إمكانية استفادتها من فرصة قضاء عطلتها بسبب عدم قدرتها على تحمل تكاليف السفر وغلاء أسعار الخدمات السياحية، كما يحد ارتفاع الأسعار من تنافسية القطاع على المستوى الخارجي وفق التقرير ذاته.

وكانت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، قد أكدت أنها تولي اهتماما كبيرا لدعم السياحة الداخلية وتطويرها، وتسعى لرفع نسبة مساهمة السياح الداخليين في ليالي المبيت وتحفيز السفر، وتوفير عروض ومنتوجات سياحية ملائمة لعادات المواطنين وإمكانياتهم المادية ونمط استهلاكهم في السفر، مشيرة في حديثها بمجلس النواب في مارس الماضي، إلى أن السياحة الداخلية سجلت خلال 2023 نحو 8.6 ملايين ليلة مبيت بالفنادق المصنفة، بنسبة 33 بالمئة من مجموع ليالي المبيت، وأن السائح المغربي يحتل المرتبة الأولى قبل السائح الأجنبي وهو ما يدل على إقبال المغاربة على السياحة الداخلية.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...