بعد منحها مدة زمنية لاستيعاب "صدمة موقف الصحراء".. فرنسا تبدأ مساعي إصلاح علاقاتها مع الجزائر
شرعت فرنسا في الأيام الأخيرة، في محاولات دبلوماسية لإصلاح العلاقات مع الجزائر، بعدما قررت الأخيرة قطع العلاقات السياسية معها، على إثر إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في يوليوز الماضي، دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء كحل وحيد.
ووفق ما أوردته تقارير إعلامية فرنسية في اليومين الماضيين، فإن إشارات عن محاولة قصر الإليزيه إصلاح العلاقات مع الجزائر، بدأت تبرز مؤخرا، من خلال برقية التهنئة التي بعثها ماكرون إلى تبون بعد إعادة انتخابه رئيسا للجزائر، إضافة إلى بعثه لكلير لوجوندر، المبعوثة الخاصة ومستشارته لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، للقاء الرئيس الجزائري.
وقالت الصحافة الفرنسية، إن هذه المحاولات تبدو مفهومة من طرف باريس، بالنظر إلى رغبتها في الابقاء على علاقات جيدة مع الجزائر التي ترتبط معها بالعديد من الشراكات على جميع المستويات، بالرغم من أن الصحافة الجزائرية فسّرت تلك الخطوات بأنها محاولات "للتودد وطلب العفو" من الجزائر.
وفق خبراء ومحللون سياسيون كان قد تواصلت معهم "الصحيفة"، أشاروا إلى أن فرنسا كان من المتوقع أن تبدأ في القيام بمساعي لاصلاح العلاقات مع الجزائر، لكن منح الأخيرة مدة زمنية لاستيعاب صدمة إعلان موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء.
وحسب ذات المصادر، فإن باريس كانت تُدرك أن إعلان موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء لن يتقبله قصر المرادية بسهولة، وهذا ما يُفسر خطوتها الاستيباقية، عندما أعلمت الجزائر عن عزمها اتخاذ موقف دعم مقترح الحكم الذاتي، قبل الإعلان الرسمي عنه.
وكان الخبير السياسي الأمين مشبال، قد قال لـ"الصحيفة" بهذا الخصوص إن "الإشعار المبكر للنظام الجزائري يُعطيه الوقت الكافي لـ'امتصاص الصدمة'، قصد تجاوز ردود فعل متشنجة لا تخدم في نهاية المطاف المصالح المتبادلة والمتشابكة ما بين الجزائر وفرنسا".
ويتضح أن المساعي التي بدأتها فرنسا لاصلاح العلاقات مع الجزائر، بعد إعادة انتخاب تبون، تأتي بعد منح أصحاب القرار الجزائريين فرصة لاستيعاب الصدمة، لتبدأ مرحلة جديدة من التفاوض لإيجاد حل للخلافات، لكن دون أن يؤدي ذلك إلى تراجع فرنسا عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء.
وكان العديد من الخبراء، قد أكدوا لـ"الصحيفة"، أن السيناريو الإسبانيي هو نفسه سيتكرر مع فرنسا، حيث ستستمر الأزمة الدبلوماسية والقطيعة الثنائية لفترة من الزمن، ثم ستبحث الجزائر عن مبرر لإعادة علاقاتها مع فرنسا، دون أن تفرض على باريس التراجع عن موقفها الداعم لمغربية الصحراء.
وكانت الجزائر قد بررت خطوة إعادة علاقاتها مع إسبانيا، بالرغم أن مدريد ظلت متشبثة بموقفها الداعم للمغرب في الصحراء، (بررت) ذلك بأن إسبانيا أعلنت عن مواقف جيدة في قضية الصحراء، وأن خطاب رئيس الحكومة الإسبانية الأخير في الأمم المتحدة لم يشر إلى دعم مقترح الحكم الذاتي.