ماكرون يعود لملف الذاكرة.. هل تستجيب باريس لبعض مطالب الجزائر لإنهاء الأزمة الناجمة عن دعمها لمغربية الصحراء؟
عقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اجتماعا مع اللجنة الجزائرية – الفرنسية المشتركة، المكلفة بمراجعة ودارسة ملف الذاكرة، وأكد عن عزمه في مواصلة العمل على هذه القضية لإيجاد تسويات مرضية للطرفين، وفق ما كشفته "Europe 1" أمس الأحد.
وأضاف المصدر ذاته، أن ماكرون أعرب عن آماله في أن تصل اللجنة المشتركة إلى خلاصات يُمكن تنفيذها على أرض الواقع من أجل تحقيق المصالح التاريخية بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما، مشيرا إلى أن الرئيس الفرنسي أعرب عن هذه الرغبة بالرغم من الأزمة القائمة بين البلدين، جراء موقف باريس الداعم لمغربية الصحراء.
ويفتح هذا التحرك من طرف الرئيس الفرنسي، الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت باريس ستلجأ إلى ملف الذاكرة كمدخل نحو إصلاح العلاقات مع الجزائر، وإنهاء التوتر الدبلوماسي القائم بين البلدين، عبر الاستجابة لبعض المطالب الجزائرية في هذا الملف.
وفي هذا السياق، قال الخبير السياسي، صبري الحو، في حديث مع "الصحيفة"، إن ملف الذاكرة هو "ملف قديم جديد" بين الجزائر وفرنسا، وقد تشير رغبة ماكرون في العودة لهذا الملف، إلى احتمالية وصول اللجنة المشتركة إلى خلاصات تستدعي إعادة النقاش.
وبخصوص احتمالية أن تقدم فرنسا تنازلات أو تستجيب للمطالب الجزائرية في هذا الملف من أجل إصلاح العلاقات الثنائية التي تأزمت بين الطرفين بسبب موقف فرنسا من سيادة المغرب على الصحراء، أكد الحو أن كل ما يُمكن أن تقدمه باريس في هذا الملف هو الاستجابة لبعض المطالب الجزائرية فيه، مستبعدا أن تقدم فرنسا تنازلات كبرى.
وأضاف الحو في هذا الصدد، أن باريس قد تلجأ إلى فتح الأرشيف الاستعماري الذي تطالب به الجزائر، والموافقة على إرجاع مقتنيات ترتبط بالذاكرة الجزائرية، وهي خطوة جريئة، لكن لا يُمكن أن تصل إلى مطالب جزائرية أخرى، مرتبطة بالإقرار بالجرائم ، وهو الاقرار الذي سيفرض على فرنسا تقديم تعويضات.
وبشكل عام، قال الخبير صبري الحو، إن موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية، هو موقف يدخل ضمن قراراتها السيادية، وهو موقف يتطابق مهع الشرعية التاريخية، على اعتبار أن فرنسا تحتكر الحجة الكافية لكي تقول لمن تعود الصحراء، ولم يكن موقفها ضد الجزائر، لكن بالرغم من ذلك، فإن باريس ترغب في خلق التوازن في علاقاتها مع البلدان المغاربية، وقد يكون ملف الذاكرة من المداخل لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
وبخصوص غضب الجزائر وردود فعلها ضد باريس بعد إعلان موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، قال الحو إن "التاريخ والمناسبت تُبين كيف تتعامل الجزائر في مثل هذه المواقف، حيث يغلب عليها الرد الآني بدو استحضار العواقب، لكن سرعان ما يخبو غضبها".
وأضاف المتحدث ذاته في هذا السياق، بأن "الجزائر ستتراجع عن عنادها مع فرنسا، لأنها دولة تابعة في الحقيقة لفرنسا، ولا يُمكن أن تصمد أمام صراحتها"، مشيرا إلى أن النخبة العسكرية الحاكمة في الجزائر يحملون جميعهم النسية الفرنسية، وبالتالي فإن موقفهم الغاضب من باريس هو لامتصاص الغضب الشعبي لا أقل ولا أكثر.