تبون يبدأ عُهدته الثانية بـ"التخلص" من خصومه.. أقال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية بعد صدام حول الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء

 تبون يبدأ عُهدته الثانية بـ"التخلص" من خصومه.. أقال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية بعد صدام حول الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأربعاء 25 شتنبر 2024 - 19:43

على نحو غير مفاجئ لمن يتابعون عن كثب الصراع "الصامت" داخل المؤسسات الأمنية والأجهزة الاستخباراتية الجزائرية، افتتح الرئيس عبد المجيد تبون ولايته الجديد على رأس الجمهورية، بإعفاء الجنرال جبار مهنى، أحد أبرز القادة العسكريين في البلاد، من مهامه كمدير عام للوثائق والأمن الخارجي، وعين العميد موساوي رشدي فتحي خلفا له.

وجاء في الإعلان الصادر عن القوات المسلحة الجزائية، والذي نشرته على نحو واسع وسائل الإعلام المحلية اليوم الأربعاء، أن "الفريق أول السعيد شنقريحة، أشرف، باسم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على التنصيب الرسمي للعميد موساوي رشدي فتحي مديرا عاما للوثائق والأمن الخارجي خلفا للواء جبار مهنى".

ووفق بيان الجيش فإن شنقريحة "أسدى بالمناسبة جملة من التعليمات والتوجيهات لإطارات هذه المديرية لمواصلة بذل المزيد من الجهود في خدمة الجزائر وخدمة لمصالحها العليا، مؤكدا على الالتفاف حول قائدهم الجديد ومساندته ودعمه في أداء مهامه".

المثير للانتباه أيضا في بيان الجيش هو إعلانه الضمني إحالة الجنرال مهنى على التقاعد، رغم كونه أحد أقرب المقربين من شنقريحة، إذ أوردت الوثيقة أن هذا الأخير "أشاد بخصال اللواء جبار مهنى وبالأدوار الريادية التي أداها في المؤسسة العسكرية باعتباره ممن كرسوا حياتهم لخدمة الوطن والدفاع عن الجمهورية".

إعفاء مهنى أتى بعد سنتين على تعيينه على رأس المديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي، وهو جهاز مخابراتي يتولى القضايا الخارجية، لكنه يأتي أيضا إثر حدثين مفصليين، الأول هو إعلان الرئيس الفرنسي دعم بلاده للسيادة المغربية على الصحراء، والثاني هو ظفر تبون بولاية ثانية على رأس الجمهورية مدتها 5 سنوات.

وعلى الرغم من أن تعيين مهنى، كان أساسا برغبة من شنقريحة، الرأس الثاني للنظام الحاكم في الجزائر، إلا أن ذلك لم يحُل دون بروز صراع بينه وبين تبون، حول المتحكم في خط سير الملفات الخارجية للبلد، وخصوصا ملف الصحراء الذي تعتبره الجزائر "مسألة سيادة"، حتى مع إصرار خطابها على توصيفه بأنه يهم المغرب وجبهة "البوليساريو فقط".

وإذا كان انتخاب تبون لولاية جديدة قد منحه "الشرعية" اللازمة لإبعاد العديد من الوجوه عن موقع السلطة، فإن ما ساعده على ذلك في ملف مهنى تحديدا، هو الفشل الدبلوماسي والاستخباراتي المزدوج في قضية اعتراف باريس بسيادة المغرب على الصحراء، إثر رسالة الرئيس إيمانويل ماكرون للملك محمد السادس، نهاية يوليوز الماضي.

هذه الواقعة كشفت حالة "الدربكة" الواضحة في تدبير الأمر على المستوى الإعلامي على الأقل، فحتى قبل إعلان باريس والرباط رسميا عن الأمر، أصدرت الخارجية الجزائرية يوم 6 يوليوز 2024، بيانا وصف لقرار الفرنسي بأنه "غير منتظر، مضيفا "تم إبلاغ السلطات الجزائرية بفحوى هذا القرار من قبل، نظيرتها الفرنسية في الأيام الأخيرة".

ولإثبات "نظرية" أن القضايا الخارجية الجزائرية تُدار برأسين، ظهر وزير الخارجية أحمد عطاف، المحسوب على صف تبون، يوم 31 يوليوز، للحديث عن رسالة ماكرون التي بعث بها قبل ذلك بيوم إلى العاهل المغربي، إذ أورد "لقد تم إطلاع رئيس الجمهورية بها بصفة مسبقة من قبل نظيره الفرنسي خلال اللقاء الذي جمعهما يوم 13 يونيو الماضي، أي منذ أكثر من شهر ونصف".

ومع ذلك، فإن مظاهر الصراع بين تبون ومهنى برزت أبكر من هذا التاريخ، ووصلت ذروتها في يوليوز من سنة 2023، حين جرى إسقاط اسم مهنى من لائحة الترقيات، بعدما كانت الأوساط الإعلامية الجزائرية المقربة من الجيش تُمهد لتعينه "منسقا عاما" لأجهزة المخابرات، وبالتالي الشخص ذو الصلاحيات الأمنية الأوسع على الإطلاق.

وإبعاد مهنى عن المديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي، يُنهي سنتين من "الاستقرار" على مستوى القيادة في هذا الجهاز الحساس، لأن تعيينه في شتنبر من سنة 2022 جاء بعد مسلسل من التغييرات في ظرفية زمنية قصيرة، بدأت في يناير 2021 حين تمت الإطاحة باللواء محمد بوزيت، الذي اعتُقل وأحيل على القضاء العسكري بتهمة "التخابر مع دولة أجنبية"، في إشارة إلى الإمارات العربية المتحدة، وبإفشاء أسرار عسكرية ومعلومات تُهدد الأمن القومي.

إعفاء بوزيت جاء بعد أن قضى على رأس الجهاز 9 أشهر فقط في ولايته الثانية، ليخلفه اللواء نور الدين مقري، الشهير بـ"محفوظ البوليساريو" حيث عُين رسميا على مديرا علما للوثائق والأمن الخارجي بتاريخ 20 يناير 2021، لكنه أُقيل من منصبه في أبريل من سنة 2022 بعد أن كشفت تحقيقات داخلية أن السيطرة على الجهاز ذهبت لساعده الأيمن العقيد حسين حميد الشهير بـ"بولحية".

بعدها مباشرة جرى تعيين اللواء جمال كحال الشهير بـ"مجدوب" المقرب من إيران، لكنه سيغادر المنصب في يوليوز 2022 في عملية تبادل غامضة أصبح خلالها مديرا عاما لجهاز الأمن الداخلي التابع لرئاسة الجمهورية مباشرة، عوضا عن اللواء عبد الغني راشدي، الذي خلفه على رأس الإدارة العامة لمديرية الوثائق والأمن الداخلي، قبل أن يتم إعفاؤه في 3 شتنبر 2022.

وتعيين موساوي رشدي تحديدا هذه المرة، يؤكد أن تبون يعي الدور "الدبلوماسي" للمديرية العامة للوثائق والأمن الخارجي، وفي الوقت نفسه اعتبر مديرها العام السابق "كبش فداء" بعد ما راكمته بلاده من صدمات على هذا المستوى، خصوصا في ملف الصحراء الذي أصبح الطرح المغربي فيه، المتمثل في مقتح الحكم الذاتي، هو الحاضر على طاولة القوى الكبرى.

وموساوي رشدي البالغ من العمر 47 عاما، بالإضافة إلى كونه من خارج "الحرس القديم" للجيش، الذي ينتمي إليه قائد الأركان السعيد شنقريحة، هو أيضا ابن عائلة توارثت العمل الدبلوماسي، وهو نفسه كان جزءا من السلك الدبلوماسي، كمسؤول عن مكتب الأمن في السفارة الجزائرية ببرلين، حين كان الرئيس يتعالج هناك ما بين 2020 و2021، بالإضافة إلى أن علاقته الشخصية بابن الرئيس، محمد تبون، ليس أمرا خافيا، لدرجة أن معارضين جزائريين يتحدثون عن أنه يقف وراء تعبيد الطريق أمام تَرَقِّيه السريع.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...