صحافة الأدسنس.. قوة زائفة وراء الكاميرا

 صحافة الأدسنس.. قوة زائفة وراء الكاميرا
رضوان عريف
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 - 11:05

في السنوات الأخيرة، شهدنا إزدهارًا ملحوظًا لظاهرة "صحافة الأدسنس" على منصات التواصل الإجتماعي، وخصوصًا على يوتيوب. هذه الفئة من الصحفيين الجدد يستخدمون الفيديوهات الشعبية والكلمات القوية، ويعتمدون على إثارة المشاعر والمواضيع المثيرة للجدل بهدف تحقيق أقصى عدد من المشاهدات. والهدف الأساسي بالنسبة للكثير منهم هو تحقيق الإيرادات المالية عبر إعلانات أدسنس، ما يجعلهم أكثر إهتمامًا بإثارة الفضائح والنقاشات الساخنة، حتى لو كانت على حساب المصداقية.

يعتمد هؤلاء الصحفيون على "اللغة الشعبية" والبساطة في تقديم المواضيع، وهو ما يضمن لهم التواصل السريع مع الفئات العريضة من المجتمع. يختارون مواضيع قريبة من هموم الشارع، يتناولون القضايا التي تثير الجدل والإحتقان مثل الفساد، والظلم الإجتماعي، والمشاكل الإقتصادية. وكثيراً ما يوظفون الدراما في تصوير الأحداث، ما يضفي على محتواهم جاذبية كبيرة لدى الجمهور، خصوصًا لدى الفئات التي تفتقد الوصول إلى معلومات موثوقة. 

ومع ذلك، فإن الحقيقة وراء الكواليس قد تكون مختلفة تمامًا. فالعديد من هؤلاء "الصحفيين" ليسوا مدربين ولا يملكون الخلفية المهنية التي تخولهم أداء دور الصحفي الحقيقي. بل إنهم قد يجدون صعوبة في الحصول على تصاريح رسمية لإجراء مقابلات مع مسؤولين حكوميين أو شخصيات سياسية بارزة. هذه المعضلة تكشف حدود تأثيرهم الفعلي في الميدان. فبينما يظهرون للجمهور على أنهم أبطال يدافعون عن حقوقهم، فإنهم غالبًا ما يفتقرون إلى النفوذ الصحفي الحقيقي الذي يتيح لهم الوصول إلى المسؤولين الكبار أو التأثير في القرارات السياسية بشكل مباشر.

إن تأثير صحافة الأدسنس مبني بالأساس على الصورة الإعلامية التي يصنعونها لأنفسهم من وراء الكاميرا، بينما في الواقع، يفتقرون إلى الأدوات الصحفية الحقيقية التي تجعلهم قادرين على إثبات وجودهم في عالم الصحافة المحترفة. فالتأثير الحقيقي للصحافة لا يأتي فقط من عدد المشاهدات أو الإعجابات على فيديوهاتهم، بل من المصداقية، والقدرة على التحليل الموضوعي، والوصول إلى المعلومات، وهو ما لا يتوفر لهم دائمًا.

في النهاية، تبقى صحافة الأدسنس جزءًا من المشهد الإعلامي الحديث، لكنها تحمل معها العديد من التحديات المتعلقة بالمصداقية والمسؤولية الإعلامية. على الرغم من قدرتهم على التأثير في المشاعر العامة، إلا أن ضعف قدرتهم على التأثير في القرارات السياسية أو الحصول على المعلومات الرسمية يكشف عن جانب من الضعف والسطحية التي قد تقودهم في النهاية إلى فقدان مصداقيتهم على المدى البعيد.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...