عبد الفتاح: الأثر الاقتصادي للحكم الأوروبي على سكان الصحراء محدود لأن الدولة المغربية المساهم التنموي الأبرز في هذه الأقاليم
سوقت الجزائر وجبهة "البوليساريو" الانفصالية، القرار الصادر أول أمس عن محكمة العدل الأوروبية، القاضي بإنهاء اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بالنظر لأنها تشمل الأقاليم الصحراوية، على أنها "انتصار" للطرح الانفصالي، غير أن الطرفين تجاهلا التأثيرات الحاضرة والمستقبلية لهذه الخطوة على المستويين الاقتصادي والسياسي داخل المنطقة التي تدخل ضمن سياق التراب المغربي.
واختارت المملكة، عبر بلاغ لوزارة الخارجية، صدر الجمعة، أن تضع النقاط على الحروف بشكل سريع، وأن توضح أنها لم تكن أساسا طرفا في النزاع القضائي الذي قام بين أنصار الطرح الانفصالي من جهة والمفوضية الأوروبية من جهة أخرى، مشددا على أن "المغرب لم يشارك في أي مرحلة من مراحل هذه المسطرة، وبالتالي يعتبر نفسه غير معني بتاتا بهذا القرار".
ومع ذلك، فإن الرباط طالبت المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بـ"اتخاذ التدابير اللازمة من أجل احترام التزاماتها الدولية والحفاظ على مكتسبات الشراكة وتمكين المملكة من الضمان القانوني الذي يحق لها التمتع به بكيفية شرعية، وذلك بصفتها شريكا للاتحاد الأوروبي بشأن العديد من الرهانات الاستراتيجية"، مجددة التأكيد على "موقف المغرب الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية".
وبخصوص الارتدادات الحالية والمستقبلية للحكم الأوروبي على سكان الأقاليم الجنوبية، يرى محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان أن هذا القرار، على المستوى الاقتصادي، "يظل تأثيره محدودا على ساكنة الأقاليم الجنوبية، لأنه بالرغم من توجيه بعض المخصصات المالية من مداخيل اتفاق الصيد البحري للمجالس الترابية في المنطقة، إلا أن قيمتها تظل محدودا جدا قياسا للاعتمادات المالية المخصصة للأقاليم الجنوبية للمملكة".
وشدد عبد الفتاح على أن "المساهم التنموي الأبرز في هذه الأقاليم هي الدولة المغربية عبر القطاعات الحكومية، لا سيما من خلال التمويلات المدرجة في إطار النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية الذي تم الإعلان عنه سنة 2015 باعتمادات ناهزت 80 مليار درهم، فضلا عن تنوع النشاط الاقتصادي في هذه الأقاليم والانفتاح الكبير على العديد من الشركاء الدوليين الآخرين من خارج الاتحاد الأوروبي، الذين باتوا يساهمون في الاستثمار الأجنبي في المنطقة".
عبد الفتاح، وهو من أبناء المنطقة، وعضو سابق في جبهة "البوليساريو"، يرى، في حديثه لـ"الصحيفة"، وبحكم معرفته الميدانية بمسارات الأمور، أن الحكم الأوروبي لن يهز واقع سيادة المملكة على الصحراء، مبرزا أن المغرب "يتبنى مقاربة دبلوماسية تعتمد الانفتاح وتنويع الشركاء الدوليين".
وقال المتحدث نفسه إن الرباط تستند أيضا إلى "مقاربة ملكية تتعاطى مع الشركاء الدوليين من موقع صرامة وندية، وهي المقاربة التي سبق أن عبرت عنها خطابات عاهل البلاد الملك محمد السادس، التي تضع قضية الصحراء في صلب السياسة الخارجية للمملكة وتربط المُضيَ قدما في أي شركات اقتصادية بإبداء الشركاء الدوليين بمواقف صريحة داعمة للمملكة بخصوص قضية الصحراء".
وأوضح الناشط الإعلامي والحقوقي، أن المغرب اليوم "بات ينطلق من موقع قوة، عنوانُه تكريس واقع سيادته على الصحراء، وهي السيادة التي تكرست خلال السنوات الأخرة، إذ صارت المملكة تبسط مناخا من الأمن والاستقرار وتحقق العديد من المكاسب الميدانية على المستويين السياسي والدبلوماسي".
وفضلا عن ذلك أصبح المغرب أيضا، وفق عبد الفتاح، "ينفتح على مجالات اقتصادية حيوية، حيث كرس دوره الريادي على المستويين الإقليمي والقاري باعتبار موقعه الاستراتيجي المنفتح على مجالات جغرافية حيوية في القارتين الإفريقية والأوروبية، وأضحى يقود المبادرات على المستوى القاري، الأمر الذي يخول له التعاطي بشكل يتسم بالصرامة والندية مع الشركاء والفاعلين الدوليين المهتمين بهذا المجال الحيوي".