بسبب أزمة الصحراء المغربية.. الجزائر تُعرب عن غضبها "الاقتصادي" من فرنسا
لجأت الجزائر إلى الاقتصاد لبعث رسائل "الغضب" نحو فرنسا، بعد الأزمة السياسية التي نشبت بينهما في الشهور الأخيرة، جراء إعلان فرنسا دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، عبر مساندة مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد لحل النزاع في المنطقة.
ووفق ما كشفته وكالة "رويترز" أمس الأربعاء، نقلا عن مصادر تجارية، فإن الجزائر قررت استبعاد الشركات الفرنسية من مناقصة لاستيراد القمح هذا الأسبوع، كما اشترطت على الشركات المشاركة في المناقصة بعدم عرض قمح فرنسي المنشأ.
وياتي هذ القرار من طرف الجزائر، في خضم وجود قطيعة دبلوماسية وسياسية بين البلدين، حيث كانت الجزائر قد سحبت سفيرها من فرنسا، مباشرة بعد إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، دعم بلاده لمغربية الصحراء، في رسالة وجهها إلى العاهل المغربي، الملك محمد السادس في 30 يوليوز الماضي.
وقالت وكالة رويترز، إن الجزائر رفضت تقديم أي توضيحات عن أسباب استبعاد الشركات الفرنسية من التقدم إلى المناقصة، علما أن فرنسا كانت لعقود من أكبر موردي الجزائر بالقمح، غير أنها أشارت إلى أن الأسباب ترجع إلى المشاكل السياسية التي تؤزم العلاقات بين البلدين، ولا سيما الموقف الفرنسي الأخير من الصحراء المغربية.
وفي هذا السياق، خرج الرئيس الجزائري في الأيام القليلة الماضية بتصريح إعلامي، أكد فيه وجود أزمة سياسية مع فرنسا، ووضع حدا لاحتمالية قيامه بزيارة إلى باريس في ظل العلاقات المتوترة بين الطرفين، وانتقد في الوقت نفسه موقف فرنسا الداعم للمغرب في قضية الصحراء.
ويرى الكثير من المهتمين بالعلاقات الفرنسية الجزائرية، أن الجزائر قد تلجأ إلى بعض القرارات المماثلة، من أجل بعث رسائل "غاضبة" إلى فرنسا، لكن لا يُمكن أن تُكرر قراراتها السابقة مثلما فعلت مع إسبانيا، تجنبا لأضرار معاكسة على اقتصادها، وتفاديا لاصطدام مع الاتحاد الأوروبي.
وكان الخبير الاقتصادي، الدكتور عمر الكتاني، قد قال في حديث لـ"الصحيفة"، إنه من المستبعد أن تقدم الجزائر على خطوات "عقابية" من فرنسا في المجال الاقتصادي، أو اللجوء إلى قطع الغاز على فرنسا، لاعتبارات عديدة، بسبب العلاقات المتشعبة التاريخية والاقتصادية التي تجمع بين فرنسا ومستعمرتها السابقة.
وأضاف الكتاني، بأن الاقتصاد الجزائري "غير قوي على المستوى العالمي، ومن مصلحىة الجزائر استمرار صادرتها من الغاز إلى فرنسا، لأن الغاز مادة أساسية في اقتصاد البلاد"، معتبرا أن تهديد الجزائر باتخاذ إجراءات مضادة لباريس، يبقى "مجرد تهديدات".
كما أشار الخبير الاقتصادي ذاته إلى أن هناك عوامل أخرى تدفع لاستبعاد إمكانية استخدام الجزائر لإجراءات اقتصادية عقابية تُجاه فرنسا، نظرا لارتباط الاقتصاد الجزائري باقتصاد فرنسا وأوروبا عموما، فالجزائر حسب الكتاني لا ترتبط بعلاقات شراكة اقتصادية قوية مع بلدان أخرى، كروسيا والصين وتركيا، من أجل تعويض العلاقات مع الضفة الأوروبية.
كما أن فرنسا، وفق نفس المتحدث، يبدو أنها درست "السيناريو الإسباني" وقدّرت حجم الأضرار الممكنة عند توتر العلاقات مع الجزائر، وبناء على ذلك التقييم اتخذت خطوة إعلان دعمها لمغربية الصحراء، لأنها أصبحت تُدرك أن تأثير غضب الجزائر عليها لن يكون بـ"حجم أضرار مؤثر".