بودن: الموقف الفرنسي الذي أثنى عليه الملك محمد السادس جاء لأن باريس تملك الوثائق وحقائق الأمور في قضية الصحراء المغربية
شكلت قضية الصحراء المغربية، حجر زاوية خطاب الملك محمد السادس في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، مساء اليوم الجمعة، حيث أبرز في خطابه المسار والمكتسبات التي تحققت في هذا الملف، وكيف نجحت المملكة في دفع دول مؤثرة نحو الاعتراف بعدالة وحق المغرب في الصحراء، وعلى رأسها فرنسا التي وجه لها الملك شكرا خاصا لها ولرئيسها إيمانويل ماكرون على مواقفها الداعمة.
واعتبر الملك أن "هذا التطور الإيجابي ينتصر للحق والشرعية ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، لا سيما أنه صدر من دولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن وعضو مؤثر في الساحة الدولية، وذلك بالإضافة إلى أن فرنسا تعرف جيدا حقيقة وخلفيات هذا النزاع الإقليمي"، وأورد "كما أنه يأتي لدعم الجهود المبذولة في إطار الأمم المتحدة لإرساء أسس سار سياسي يفضي إلى حل نهائي لهذه القضية في إطار السيادة المغربية".
وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، محمد بودن، إن الموقف الفرنسي الذي أثنى عليه الملك محمد السادس، في خطابه بالبرلمان، أقام الدليل على حقائق الأمور في ملف الصحراء المغربية، بالنظر للاتفاقيات التي تجمعها بالمنطقة والوثائق والرسائل المتبادلة حول المنطقة.
وأضاف بودن في حديث لـ"الصحيفة" أن قضية الصحراء المغربية دخلت "مرحلة حاسمة بتطور منظور دولي يعتبر سيادة المغرب على صحرائه هي الركيزة الصلبة للاستقرار والتنمية في منطقة الساحل وشمال غرب أفريقيا،" مشيرا إلى هذا المنظور من شأنه أن يعزز الواقع التنموي المزدهر بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية و يترجم انتقال المملكة المغربية الى حقبة المكاسب الكبرى والتغيير الذي الذي عبر عنه الملك محمد السادس.
واعتبر بودن أن الخطاب الملكي لمساء اليوم الجمعة، يعبر عن الخيارات الملكية الكبرى في ملف الصحراء المغربية و"يعزز نهج العمل الجماعي من أجل المصالح العليا للمملكة المغربية ويضع ملف الوحدة الترابية في سياق التاريخ و الشرعية و الحاضر والمستقبل ويثبت مقاربة مبتكرة في قضية الوحدة الترابية تقوم على ثلاثة مرتكزات"، وهي حسب بودن، أولا الانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير داخليا وخارجيا وفي كل أبعاد الملف، وثانيا الانتقال من مقاربة رد الفعل إلى أخذ المبادرة، وثالثا التحلي بالحزم و الاستباقية.
وأشار الخبير المذكور إلى أنه كنتيجة لهذا التوجه الذي حدده الملك محمد السادس، "تعززت مكاسب المملكة المغربية في إطار دينامية واسعة تتجلى في أربع صور على الأقل، أولها شهادات قوية من عضوين بمجلس الأمن وهما الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، وثانيا: دعم متقدم من قبل إسبانيا وعدد من الدول الأوروبية وأخرى من المجموعتين العربية والأفريقية بما يقارب 110 دول تدعم مبادرة الحكم الذاتي".
والمكسب الثالث، وفق بودن، يتجلى في "فتح 30 بلدا لقنصليات عامة بالصحراء المغربية في تجسيد تام للاعتراف بسبادة المغرب على صحرئه. ورابعا هو ما يتعلق باستثمارات وشراكات دولية تؤكد أن الصحراء المغربية جزء من التراب المغربي، فضلا عن الآفاق المفتوحة للصحراء المغربية في إطار المبادرات الاستراتيجية لصاحب الجلالة لاسيما المبادرة الملكية الأطلسية، والمبادرة الملكية السامية لفائدة بلدان الساحل والمشروع الأطلسي الهيكلي خط أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب".
وفي إطار هذه الرؤية، قال محمد بودن، إن "سيادة المغرب على صحرائه تمثل اليوم عنوانا لإرادة دولية واسعة لدعم مسار ديناميكي لا يمكن إعادة عقارب زمنه إلى الوراء وهو من ثمار التوجه الاستراتيجي والعملي لجلالة الملك محمد السادس ورؤيته الدبلوماسية الاستشرافية التي جعلت من الصحراء المغربية النظارة التي تقيس صدق الصداقات ونجاعة الشراكات بما لا يترك مجالا للغموض والضبابية ويعزز الوضوح والواقعية".
واعتبر الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، "إن إقرار الدول بسيادة المغرب على صحرائه بشكل واضح ومتقدم من شأنه خلق مستقبل مشرق للعلاقات المغربية مع هذه الدول بما في ذلك الدول التي تستثمر في الصحراء المغربية".