العباس الوردي: خطاب الرئيس الفرنسي في البرلمان المغربي يؤكد استيعاب باريس لأهمية الصحراء بالنسبة للرباط
قال الخبير في العلاقات الدولية، وأستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي-الرباط، العباس الوردي إن الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحت قبة البرلمان اليوم الثلاثاء، جاء محملاً بمجموعة من الإشارات القوية التي تعكس اعتزاز فرنسا والمغرب بشراكتهم المتميزة ومساعيهما المشتركة لرسم خارطة طريق استراتيجية جديدة صوب المستقبل، عنوانها الأبرز تأكيد باريس دعمها سيادة المغرب على أراضيه بما يعزز العلاقة المتينة والنموذجية بين البلدين، مشيرا إلى أن الخطاب حدّد الأولويات المستقبلية، مع التركيز على استراتيجية التعاون المثمر والإنصات المتبادل.
الوردي، وفي تصريح لـ "الصحيفة"، أكد أن خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام أعضاء البرلمان مجلس النواب ومجلس المستشارين اليوم الثلاثاء، احتوى إشارات واعدة تؤكد على أن التعاون المغربي الفرنسية في أوجه، وذلك اعتبارا لمجموعة من المقومات والتوجهات الكبرى التي خلق من خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قناعاته أو عبر عن قناعاته المباشرة والراسخة بشأنها، وهي مرتبط أساسا بالنظارة ومقياس الملك محمد السادس في قياس صدق شركائه كما أكد ذلك في خطاب ملكي سابق، يخص ملف الصحراء المغربية.
ويرى الخبير في العلاقات الدولي، أن التعاون المستقبلي ما بين فرنسا والمغرب لن يكون إلا على أساس الندية والتعاون المشترك، ووضع النقاط على الحروف والنقاش حول هذه النقاط اعتبارا من مجموعة من اللقاءات التي تجمع بين البلدين وتكرس لعلاقات الصداقة وعلاقات التجذر التاريخي بينهما.
واعتبارا من هذه المقومات، أكد الرئيس الفرنسي على الصداقة التي تجمع بين الشعبين المغربي والفرنسي وعن اعتزازه بوجوده في المملكة المغربية، وإعلانه المرة الثانية بعد الرسالة التي بعث بها الى الملك محمد السادس على مغربية الصحراء، وهو حدث وصفه الوردي بـ "التاريخي" خصوصا أنه صادر من لدن عضو دائم في مجلس الأمن، وله علاقات تاريخية متجذرة مع مجموعة من الدول التي تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي وكذلك في اطار خلق بنية متفردة عنوانها الاحترام المتبادل واحترام الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
هذه عناوين، يضيف الخبير في حديثه لـ "الصحيفة" قادت الرئيس الفرنسي إلى إعطاء مجموعة من التوجهات الاستراتيجية التي تدعم التعاون بين المملكة المغربية مع الجمهورية الفرنسية، وخلق بنية استراتيجية تكون على أساس ذلك موجهة من لدن لجنة قيادة تقوم بوضع مجموعة من التوجهات المسبقة، وكذلك تقييمها وتقويمها في اطار التوافقات المشتركة بين البلدين في شقها الاقتصادي ولا الاجتماعي والسياسي والأمني.
ونبّه الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن الرئيس الفرنسي، استحضر أيضا دور المغرب الجيوسياسي في الساحل وكذلك الصحراء وعلاقاته سواء في المحيط الأطلسي أو المتوسط في إشارة قوية إلى أن فرنسا تؤكد عزمها "الانخراط إلى جانب المغرب في خلق بنية استراتيجية متفردة عنوانها الربح المشترك والندية، وكذلك مواصلة الجهود من أجل القضاء على الجريمة العابرة للحدود وكذلك الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر وغيرها من الإشكالات العريضة التي تؤرق المنظومة الدولية".
وهذه إشارات جميعها من بين أخرى، تؤكد حسب الوردي أن الرئيس الفرنسي الآن متشبث بما دشنه من خلال رسالته السابقة على أن خطة الطريق التي ستعتمد مع المملكة المغربية ستكون واضحة للمعالم وستكون لها مجموعة من الإسقاطات المرتبطة بوحدة المصير بين الشعبين وبتنمية العلاقات، وكذلك بالاستثمار في الرأسمال البشري وقرنها بمسألة التكوين وتوحيد الرؤى فيما يتعلق بتحديد الأولويات وكذلك مجابهة الصعاب التي يعرفها النظام العالمي الجديد وهذه كلها مقومات من بين أخرى تؤكد مرة أخرى عزم المغرب وفرنسا إلى إرساء مجموعة من المقومات الكفيلة بخلق نموذج متفرد مغربي فرنسي على مستوى التعاون الاستثنائي بمكان في إطار خلق بنية تعاونية لصالح البلدين.
وشدّد المتحدث، على أن الخطاب الذي تلاه إيمانويل ماكرون من تحت قبة البرلمان اليوم الثلاثاء، حمل مجموعة من الإشارات الكبرى التي تؤكد اعتزاز فرنسا واعتزاز المغرب بالتعامل مع بعضهما البعض، وفيه كذلك إثراء النقاش حول مجموعة من القضايا، فيما الحدث البارز في هذا الخطاب هو أولا سيادة المغرب على أراضي كتأكيد مباشر ورسمي من لدن الجمهورية الفرنسية، وهذا شيء جد إيجابي في إطار تجسير العلاقة المتينة، وكذلك النموذجية وذات الصداقة العالية بين البلدين من جهة، ومن جهة أخرى على تحديد الأولويات وكذلك تخطيط للمستقبل على أساسٍ استراتيجي عنوانه التعاون والإنصات للآخر وخلق مجموعة من المنافذ المرتبطة بالتعاون المثمر.