المغرب وفرنسا يوقعان على عقود استثمارية تصل إلى 10 مليارات أورو بعد وضوح موقف باريس بخصوص مغربية الصحراء
بلغت قيمة العقود والصفقات الموقعة بين باريس والرباط خلال زيارة الدولة الأولى من نوعها للرئيس إيمانويل ماكرون إلى المغرب عشرة مليارات أورو، وفق ما أكدته مصادر من الإليزيه أبرزت أن هذه الخطوة تعكس مستوىً غير مسبوق من التعاون بين البلدين، مشيرة إلى أن هذه الاتفاقات ليست مجرد أرقام، بل تعبر عن إرادة مشتركة لبناء مستقبل مزدهر يعزز المصالح الحيوية لكلا الطرفين، ويعيد الأمل في علاقات أكثر قوة وتعاوناً في مجالات متعددة.
واستقبل الملك محمد السادس ماكرون يوم أمس الإثنين بحفل مهيب يتماشى مع بروتوكول "زيارة الدولة"، في خطوة تعكس عزم البلدين على إعادة إحياء الروابط التاريخية التي تأثرت بفترة من الخلافات استمرت لثلاث سنوات.
وتتفاخر فرنسا والمغرب بشراكة استثنائية، حيث أعلنت الرئاسة الفرنسية عن توقيع عقود واتفاقيات استثمار خلال الزيارة الرسمية للرئيس إيمانويل ماكرون إلى الرباط، والتي بدأت أمس الاثنين، بقيمة إجمالية تصل إلى عشرة مليارات أورو، وفق ما أكدته صحيفة "لوباريزيان" المقربة من دوائر الحكم في باريس.
وفي أعقاب اجتماع ثنائي، قام ماكرون ومحمد السادس بتوقيع إعلان يتضمن "شراكة استثنائية معززة" تهدف إلى تحقيق المصالحة بين البلدين، مشيرين إلى الانتقال إلى عهد جديد من العلاقات المتينة، كما وافق الملك محمد السادس على دعوة لزيارة دولة إلى فرنسا، من المتوقع أن تتم في عام 2025.
وتلا هذا الاتفاق، توقيع 22 عقدًا واتفاقًا بحضور كل من الملك محمد السادس وإيمانويل ماكرون، تشمل مجالات النقل السككي، والهيدروجين الأخضر، والمياه، والقطاع المينائي، والتعليم، وحماية المدنية.
وبالإضافة إلى العقود المزمع إبرامها اليوم الثلاثاء، فإن هذه الاتفاقات التجارية والاستثمارات والقروض ستبلغ قيمتها الإجمالية عشرة مليارات أورو، وفقًا للإليزيه، فيما من المتوقع أن تشارك مجموعة "إيجيس" الفرنسية في تنفيذ الجزء الثاني من خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، فيما ستتفاوض "ألسطوم" لتوفير 12 إلى 18 قطارًا عالي السرعة، كما أفادت مصادر متطابقة.
ويضم الوفد الفرنسي تسعة وزراء فرنسيين، من بينهم وزراء الداخلية والاقتصاد والتعليم والثقافة، إلى جانب زعماء مجموعات فرنسية بارزة مثل "سويز" و"فيوليا"، بالإضافة إلى مجموعة من الكتاب والفنانين الذين يعبرون عن العمق الثقافي للعلاقات بين البلدين.
وذكرت الصحيفة أن هذه الزيارة التي كانت مؤجلة باستمرار، تأتي بعد ثلاث سنوات من التوترات بين البلدين، حيث عبّر قائدا البلدين عن مساعيهما المشتركة لتجاوز مجموعة من القضايا الخلافية، بدءًا من مزاعم التنصت على الهواتف الخاصة بماكرون، إلى تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة في 2021-2022، وهي أمور أدت إلى تأجيل زيارة ماكرون الرسمية، بعد زيارتين سابقتين في 2017 و2018.
وفي يوليوز الماضي، اختار الرئيس الفرنسي تبني موقف أكثر دفئًا تجاه المغرب، في ضوء المصالح الاقتصادية الكبيرة لفرنسا هناك، حيث أبدى دعمه الكامل لمغربية الصحراء مؤكدا مساندة وتأييده الكامل لمبادرة الحكم الذاتي المغربية باعتبارها الأساس الواقعي والوحيد الكامل لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
هذا الموقف، عبر عنه إيمانويل ماركون، بشكل واضح في خطاب داخل البرلمان المغربي، اليوم، الثلاثاء، حيث قال الرئيس "إنه بالنسبة لفرنسا، فإن الحاضر والمستقبل في الصحراء يندرجان تحت سيادة المغرب، مؤكدا دعم فرنسا لموقف المغرب في هذا النزاع الإقليمي".
واعتبر ماكرون أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الإطار الأنسب لحل القضية، مشيرا إلى أن موقف فرنسا ليس معاديا لأي طرف، بل يهدف لدعم الاستقرار في المنطقة، وأن بلاده ستقف إلى جانب المغرب في المحافل الدولية.