روسيا والمغرب يدفعان الجزائر إلى توجيه أنظارها إلى الهند بحثا عن شراكات عسكرية وإبرام صفقات تسلح جديدة
وجهت الجزائر أنظارها في الأيام الأخيرة نحو الهند، بهدف تنويع شركائها في المجال العسكري، بعدما عاشت في السنوات الأخيرة أزمات مع عدد من الدول التي كانت ترتبط معهم باتفاقيات تعاون متعددة، بما فيها العسكرية، مثل فرنسا وإسبانيا، إضافة إلى حدوث ما يُشبه "برود" في العلاقات مع روسيا المزود الرئيسي للجزائر بالأسلحة، بسبب تضارب مصالحهما في منطقة الساحل، ناهيك عن الأزمات التي تعيشها الجزائر مع بلدان الجوار كالمغرب ومالي والنيجر والجناح العسكري في شرق ليبيا.
ووفق ما أوردته الصحافة الجزائرية، فإن رئيس أركان الجيش الجزائري، السعيد شنقريحة، وقع مع نظيره الهندي، أنيل شوهان، مؤخرا على محضر اتفاق تعاون عسكري، بهدف تعزيز علاقات التعاون العسكرية، ويفتح في نفس الوقت الباب أمام الجزائر إلى تنويع شركائها العسكريين، وخاصة الدول التي يُمكن أن تقتني منها أسلحة جديدة، مثل الهند.
وحسب عدد من التقارير الإعلامية التي تناولت موضوع توجه الجزائر إلى الهند نحو تعزيز علاقاتها العسكرية، خاصة بعد الزيارة التي قامت به رئيس الهند منذ 3 أسابيع، فإن هذا التوجه يرجع سببه إلى عدد من العوامل، أبرزها الرغبة الجزائرية التي بدأت مؤشراتها منذ العام الماضي، والتي تتعلق بإيجاد شركاء جدد لتجنب الاعتماد الكامل على روسيا، خاصة أن تقرير معهدي "SIPRI" للسلام أظهر تراجع صفقات التسلح بين البلدين في السنوات الأخيرة، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية التي فرضت على موسكو تقليص صادراتها من الأسلحة من أجل توجيهها إلى الحاجة العسكرية في أوكرانيا.
كما أن من بين العوامل الأخرى، وفق ما أكده الخبير السياسي، بلال التليدي، في حديث مع "الصحيفة"، يرجع في الأصل إلى حدوث شرخ في العلاقات بين روسيا والجزائر في السنوات الأخيرة، حيث أن الجزائر "أفشلت الأجندة الروسية في صراعها مع أوروبا، بتوقيعها لشراكات استثنائية مع كل من إيطاليا وفرنسا لرفع الصادرات الغازية الجزائرية إلى أوروبا، وهو ما أحدث ضررا بروسيا".
كما أن الجزائر، وفق التليدي لم تساعد روسيا في مساعيها للامتداد في منطقة الساحل بإفريقيا، حيث يتعارض البلدان في هذه المسألة، إضافة إلى أن الجزائر تراجعت عن شراء أسلحة بقيمة 17 مليار دولار، جراء الضغوط الأمريكية، مما يفرض على الجزائر إيجاد شركاء جدد.
كما أن من بين العوامل الأخرى، التي يرى عدد من المهتمين بالشؤون الجزائرية، تقف وراء توجه الجزائر إلى الهند، هو عامل الصراع الدائم مع المغرب، خاصة أن المغرب كان سباقا نحو تعزيز علاقاته العسكرية مع نيودلهي، وهو الأمر الذي تخشاه الجزائر.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، أن المغرب يواصل خطواته الثابتة في مجال التأسيس لصناعة دفاعية محلية، بالاعتماد على العديد من الشركاء من الدول الحليفة، وعلى رأسها الهند، حيث وقعت إدارة الدفاع الوطني في شتنبر الماضي، شراكة استراتيجية مع مجموعة "TATA" الهندية بهدف صناعة المركبات القتالية البرية من طراز "WhAP 8x8"، في مصنع خاص داخل المملكة المغربية.
ويأتي هذا الاتفاق في إطار مجموعة من التحركات التي يقوم بها المغرب في مجال الشروع في وضع اللبنات الأولى للصناعة الدفاعية على أرض الواقع، حيث وقع عدد من الشراكات في هذا المجال، مع مجموعات وشركاء ينتمون إلى دول عديدة، من بينها البرازيل وهنغاريا.
ويُشكل توجه المغرب نحو توقيع اتفاقيات التعاون العسكري مع عدد من الدول، ومحاولاته للتأسيس لصناعة دفاعية محلية، "جرس إنذار" بالنسبة للجزائر، وهو ما يُفسر أحد أوجه الأسباب التي دفعت الجزائر لتخصيص 25 مليار دولار لميزانية 2025 المخصصة للدفاع، نظرا لأن المغرب هو "العدو الكلاسيكي" لها وفق تعبير رئيس أركان الدفاع الجزائري السعيد شنقريحة.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :