غياب 52% من "نواب الأمّة" عن مناقشة قانون المالية 2025.. والمحكمة الدستورية تتيح تجريدهم من عضوية المجلس

 غياب 52% من "نواب الأمّة" عن مناقشة قانون المالية 2025.. والمحكمة الدستورية تتيح تجريدهم من عضوية المجلس
الصحيفة - خولة اجعيفري  
الخميس 14 نونبر 2024 - 16:45

في مشهدٍ يعكس تراجع الالتزام بمسؤوليات العمل البرلماني، تجاوزت نسبة الغياب في صفوف النواب خلال جلسات مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 عتبة 52 في المائة، في حين لم تتعدَّ نسبة المعتذرين منهم 10 بالمائة، ما دفع مكتب الغرفة الأولى إلى التفكير في تفعيل مدونة السلوك والأخلاقيات، سعياً للحدّ من ظاهرة الغياب غير المبرر التي تسيء لصورة المؤسسة التشريعية.

وفي خضم التحديات الاقتصادية والسياسية المتزايدة التي تواجهها المملكة، والتي تقتضي مداولات برلمانية معمقة وحضوراً نيابياً مسؤولا، تبرز الحاجة المُلِحّة لحضور النواب في جلسات مناقشة قانون المالية 2025، الذي سيُحدد ملامح السياسات العمومية، ويوجه مسار توزيع الموارد المالية، وتخصيص النفقات العامة بما يضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدولة في السنة المالية المقبلة، بيد أنه تتواصل ظاهرة غياب النواب، حيث تُركت العديد من المقاعد شاغرة في الغرفة الأولى، مما دفع مكتب مجلس النواب إلى التعبير عن استنكاره المتكرر لهذا التغيب غير المبرر، ما يعزز من احتمال اتخاذ "تدابير قاسية"، قد تصل إلى تجريد المتغيبين من عضويتهم في الغرفة الأولى، في ظل تأشير المحكمة الدستورية بهذا الخصوص، مما يهدد بمزيد من التداعيات على صورة المؤسسة التشريعية.

وأفادت لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، تزامنا مع جلسة المصادقة على مشروع ميزانية 2025، بأن نسبة غياب النواب البرلمانيين كانت لافتة خلال جلسات المناقشة العامة والدراسة التفصيلية للمشروع، التي شملت 11 اجتماعًا، سيّما وقد بلغت 52 في المائة، بينما لم تتجاوز نسبة الحضور 48 في المائة، في حين كانت نسبة المعتذرين 10 في المائة فقط.

وفيما يخص اختتام أشغال اللجنة، التي تخللت التصديق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية يوم الأربعاء الماضي، لم يتجاوز عدد الحضور من النواب 30 من أصل 44 عضوًا في اللجنة، حيث كان ضمنهم 11 نائبًا من الأغلبية، يتوزعون بين 8 نواب من حزب التجمع الوطني للأحرار، و3 من حزب الأصالة والمعاصرة، وفي المقابل، غاب النواب عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية والفريق الدستوري الديمقراطي، حيث لم يسجل حضور أي منهم.

أما في صفوف المعارضة، فقد بلغ عدد النواب الذين حضروا جلسة التصويت على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 19 نائبًا، بينهم 8 نواب عن الفريق الاشتراكي، و5 عن مجموعة العدالة والتنمية، ونائب عن الفريق الحركي، إلى جانب نائبين عن فريق التقدم والاشتراكية، بالإضافة إلى نبيلة منيب عن الحزب الاشتراكي الموحد، وفاطمة التامني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي.

ورغم محاولات مجلس النواب الحد من ظاهرة الغياب البرلماني باستخدام "البطائق الإلكترونية" لتسجيل الحضور، لم تنجح هذه الآلية في تقليص غياب البرلمانيين عن أهم المحطات التشريعية، حيث أعلن رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، في وقت سابق أنه شرع في تسجيل الحضور بشكل دقيق، مشيرًا إلى أن "غياب البرلمانيين سيحتسب"، وأنه قد دعا النواب إلى استعمال بطاقة الحضور لتسهيل عملية المراقبة وضمان انضباط أكثر في العمل البرلماني.

وقبل تقديم تقرير لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أعلن رئيس المجلس، رشيد الطالبي العلمي، أنه سيكشف أسماء النواب الذين تغيبوا عن جلسات البرلمان دون تقديم عذر مقبول، وذلك تطبيقًا لقرار مكتب المجلس ووفقًا لمقتضيات النظام الداخلي ومداولات لجنة الأخلاقيات، بما يضمن الانضباط في الجلسات البرلمانية، ويحفظ صورة العمل البرلماني ويعزز دوره الرقابي والتشريعي.

ووفق المعطيات ذاتها سجلت الجلسة العمومية المخصصة للأسئلة الشفوية يوم 4 نونبر غياب 86 نائبًا برلمانيًا عن الحضور، مما يعكس حالة من التراخي في التزام البعض بمسؤولياتهم التشريعية، ويضع مجلس النواب أمام تحديات حقيقية تتعلق بالحد من التغيب غير المبرر، الذي بات يشوه صورة المؤسسة البرلمانية، ويتطلب حلولًا صارمة تكفل تعزيز فعالية العمل البرلماني وتحقيق الأهداف المرجوة.

وأصدرت المحكمة الدستورية قراراً حاسماً بشأن النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، حيث وافقت على المادة التي تتيح تجريد البرلمانيين "الأشباح" من عضويتهم في المجلس، وذلك في حال ثبت غيابهم المتواصل لمدة سنة كاملة عن حضور أشغال اللجان والجلسات العامة. وجاء في قرار المحكمة أن هذه المادة تتماشى مع أحكام الدستور.

وتنص المادة 13 من النظام الداخلي، التي أُحيلت إلى المحكمة الدستورية، على تجريد أي عضو يتغيب عن حضور أشغال مجلس النواب لمدة سنة تشريعية كاملة دون تقديم عذر مقبول، ويعتبر عذراً مقبولاً فقط إذا كان النائب المعني قد استفاد من رخصة مرضية وفقاً للقوانين المعمول بها، وفي حال غياب النائب المتكرر، يقوم مكتب المجلس بمراسلة النائب المتغيب لتوضيح أسباب غيابه، على أن يتم ذلك في ظرف 15 يوماً من تاريخ تبليغ المراسلة، وإذا لم يتم الرد على المراسلة خلال هذه المدة، يعتبر غياب النائب غير مبرر، مما يستدعي إصدار مكتب المجلس قراراً رسمياً يثبت غياب العضو لمدة سنة كاملة، مع مرافقته بطلب تجريد يُحال إلى المحكمة الدستورية في غضون 15 يوماً من تاريخ التأكد من واقعة الغياب.

كما تنص المادة ذاتها على تجريد كل عضو من عضويته في حال ثبت بعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، وبعد انصرام الأجل المخصص للطعن في انتخابه، أنه غير مؤهل للانتخاب. وتؤكد المادة أيضاً على أنه في حال كان العضو في حالة عدم أهلية طوال مدة انتدابه، فإن المحكمة الدستورية تقوم بتثبيت تجريده من عضويته بناءً على طلب مكتب مجلس النواب فور تلقيها المقرر الذي يوضح حالة عدم الأهلية التي يواجهها العضو المعني.

وينص النظام الداخلي كذلك على تجريد كل عضو يتخلف عن إيداع حساب حملته الانتخابية في غضون شهر واحد من تاريخ الإعلان عن نتائج الاقتراع، أو في حال تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية من قبل السلطات المختصة، أو لم يوضح مصادر تمويل حملته الانتخابية، أو لم يقدم مبررات واضحة لمصاريفه الانتخابية. وفي هذه الحالات، يجب على العضو المعني الرد على الإعذار الموجه إليه من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات.

وأخيراً، ينص النظام الداخلي على تجريد كل عضو يتخلى عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه أو عن الفريق أو المجموعة النيابية التي ينتمي إليها.

ويُعتبر هذا التخلي تصرفاً إرادياً، يتم إثباته سواء بالإفصاح عنه كتابة أو بالتصريح به، أو من خلال الوقائع المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل.

وفي هذه الحالة، يمكن للحزب السياسي الذي ترشح باسمه العضو أن يطلب من رئيس مجلس النواب إحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية. وفي حال عدم رد العضو المعني على دعوة مكتب المجلس لتوضيح موقفه خلال 15 يوماً، يتم اعتبار ذلك تأكيداً للتخلي، ويصدر المكتب قراراً يثبت الواقعة ويرفقه بطلب التجريد.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...