طنجة المتوسط.. مركب مينائي بحجم "دولة" أوصل المغرب إلى مصاف عمالقة التجارة واللوجيستيك عالميا
عندما افتتح ولي العهد الأمير الحسن، أواخر يونيو 2019، ميناء طنجة المتوسطي الثاني، لم يكن فقط يعلن تحويل هذه المنشأة إلى أكبر وأهم ميناء بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وقارة إفريقيا، وإنما أيضا كان يؤكد أن قرار والده تدشين ميناء جديد في أقصى شمال المملكة، نجح بالفعل في تغيير وجه المغرب اقتصاديا، وحوله إلى بوابة حقيقية للمبادلات التجارية ومركزا جذابا للاستثمارات في مجال الصناعة والخدمات واللوجيستيك.
إنه بحق أبرز مشاريع عهد الملك محمد السادس، فالأمر يتعلق بمركب ظل يتوسع تدريجيا منذ إعلانه في خطاب العرش لسنة 2002، ليصبح بمثابة "دولة" خاصة بالتجارة واللوجستيك والصناعة والخدمات، تبسط سطوتها من الضفة المتوسطية للمملكة على المدخل الرئيس لحوض البحر الأبيض المتوسط، لتعلن انتهاء عهد الصدارة الإسباني وبداية سيادة المغرب على الطرق التجارية البحرية المارة من مركز العالم، مع قدرات تنافسية تشي بأن ما تحقق إلى حدود الآن ليس سوى البداية.
ومنذ أن اعتلى الملك محمد السادس العرش خلفا لوالده الراحل الحسن الثاني سنة 1999، كان من الواضح أنه يسعى لمُصالحة تاريخية مع العديد من أقاليم المملكة، تُنهي سنوات طويلة من التهميش كانت خلفياتها سياسية، لكن ضريبتها الاقتصادية والاجتماعية كانت جسيمة جدا، وهو أمر لم يُلحق الضرر بسكان تلك المناطق فقط، بل بالمغرب كله، حيث وجد العاهل الجديد نفسه مطالبا بتدارك سنوات طويلة من التنمية المفقودة، والعمل على الاستغلال الأمثل للقيمة الاستراتيجية للعديد من المواقع التي لم يكن يُلتفتُ لها مركزيا.
لذلك، فإن أول ما بدأ به الملك الجديد عهده هو تفقد مختلف مناطق المملكة بشكل شخصي في زيارات رسمية متتالية، وهو ما يؤكده في خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة لجلوسه على عرش المملكة، حيث جاء فيه "شعبي العزيز، في خضم حرصنا الأكيد على معاينة أحوالك، كانت زياراتنا لعدد من أقاليم المملكة وجهاتها، في الجنوب والوسط والشمال، مناسبة لتجديد روابط الوفاء والإخلاص الجامعة بيننا، ولإعطاء الانطلاقة لعدة مشاريع تنموية".
الملك يعثر على الكنز
وكان الملك يعلم أن قطار التنمية عليه أن ينطلق حالا وبالسرعة القصوى لتدارك ما فات، وأيضا كي تستفيد المملكة من كنز استراتيجي مجمد منذ الاستقلال، لذلك جاء في خطابه "وإذا كانت هنالك من جهات تحظى ببالغ اهتمامنا، وتُجسد خيارنا الاستراتيجي لجعل الجهة فضاء محفزا على الاستثمار، فهي أقاليمنا الشمالية والجنوبية التي نعمل على أن تكون نموذجا للتنمية الجهوية المندمجة"، وهو ما كان تمهيدا لأكبر مشروع مينائي في تاريخ المملكة.
وبدا أن الرؤيا كانت واضحة لدى العاهل المغربي قبل عيد العرش، وهو ما عبر عنه بشكل مباشر في نص الخطاب، حيث قال "وفي هذا الإطار، وبموازاة مع جعل مدينة طنجة ومينائها الحالي من أكبر الموانئ والمراكز الترفيهية بالبحر الأبيض المتوسط، فقد أعطينا تعليماتنا قصد دراسة وإنجاز مركب ضخم مينائي وتجاري وصناعي، على ضفاف البوغاز، شرق طنجة"، وأضاف أن "من شأن مستواه الدولي (الميناء) وارتباطه بمناطق حرة، تمكين الأقاليم الشمالية من تحقيق إرادتنا في فك عزلتها وتنميتها الشاملة، ومن انخراط المغرب كفاعل وشريك في المبادلات الاقتصادية الدولية".
واتضح أن الملك كان يرسم الملامح الأولى لمشروع استثنائي، أراده أن يكون واجهة مملكته الاقتصادية، وأن يبقى لعقود طويلة بنية تحتية عملاقة تزاحم مثيلاتها الأضخم والأكثر تحقيقا للإيرادات وخلقا لمناصب الشغل عالميا، وهو ما وضع خريطة طريقه من خلال خطاب العرش، حيث قال "ونظرا لضخامة الاستثمارات والرهانات الإستراتيجية، وضرورة التنسيق المحكم بين جميع مكونات المشروع وبين الهيئات العمومية، بما فيها وكالة تنمية الأقاليم الشمالية، والفاعلين الاقتصاديين الخواص، والأشقاء منهم والأصدقاء، قررنا إحداث هيئة للقانون الخاص، لها صلاحيات السلطة العمومية وكل الامتيازات الكفيلة بجعلها تنهض على الوجه الأكمل بجميع العمليات المرتبطة بإنجاز هذا المشروع الكبير".
وبالنسبة للملك محمد السادس، لم يكن هناك مجال لأي تأخر، لذلك أصدر أوامره من خلال الخطاب الملكي لإنشاء هذه الوكالة، موردا "وعملا على الإسراع بتحقيق هذا المشروع، الذي نتبناه بكل رعاية واهتمام، فإننا نصدر تعليماتنا لحكومة جلالتنا، قصد اتخاذ التدابير القانونية الاستعجالية لإحداث هذه الهيئة"، وهو ما نتج عنه إحداث الوكالة الخاصة طنجة المتوسط.
من التفكير إلى التنفيذ
ولم يطُل الأمر كثيرا قبل أن يتجه الملك صوب إقليم الفحص أنجرة، بنواحي مدينة طنجة، وتحديدا بجماعة القصر الصغير، المكان الذي اختير لاحتضان ميناء طنجة المتوسط، وبتاريخ 17 فبراير 2003 أطلق العاهل المغربي أشغال المركب المينائي الذي وصفه في خطابه بهذه المناسبة بأنه "مشروع من أضخم المشاريع الاقتصادية في تاريخ بلادنا"، وبكونه "حجر الزاوية لمركب ضخم مينائي ولوجستي صناعي وتجاري وسياحي".
وكانت انطلاقة أشغال الميناء، مناسبة للملك محمد السادس لإعلان الخطوط العريضة لمستقبل هذه البنية التحتية العملاقة، وتحديد معالمها الاقتصادية والاستراتيجية، مبرزا أن المغرب بهذا المشروع يُعمق جذور انتمائه للفضاء الأورومتوسطي ولمحيطه المغاربي والعربي ويعزز هويته المتميزة كقطب للتبادل بين أوروبا وإفريقيا وبين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ويدعم دوره المحوري كفاعل وشريك في المبادلات الدولية موطدا اندماجه في الاقتصاد العالمي.
وأوضح الملك أن قرار تشييد هذا المشروع على الضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق يهدف إلى تأكيد التزام المملكة الثابت بمد جسور قوية واعدة بعلاقات متميزة مع جيرانها وأصدقائها، مضيفا "نريد من خلال هذا الإنجاز أن نوفر لجهة الشمال قاعدة اقتصادية متينة ذات مستوى دولي ومناطق اقتصادية حرة تمكنها من تطوير مؤهلاتها الغنية لجعلها نموذجا للتنمية الجهوية المندمجة التي تعود ثمارها بالخير على كل أرجاء الوطن".
وكان صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية هو الجهة التي اختارها الملك لتمويل مشروع الميناء المتوسطي الذي كلف 14 مليار درهم، حيث تولت هذه المؤسسة 40 في المائة من تكلفته الإجمالية، أي ما يناهز 5 ملايير درهم، لكن مشروعا بهذا الحجم استقطب استثمارات أخرى من الخارج، وتحديدا من الدول العربية، لذلك نجد أن الملك محمد السادس أشاد برئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حينها، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح.
وحسب الرؤية الملكية فإنه فضلا عن التجهيزات التحتية المبرمجة من مرافىء وطرق سيارة وسكك حديدية فإن هذا المركب يتيح إمكانات واسعة للاستثمار الأجنبي والوطني بفعل النظام المتميز الذي حرص بشكل شخصي على أن تتمتع به المنطقة الخاصة لطنجة – المتوسط، والهدف من ذلك كان هو أن هذه الاستثمارات التي تناهز 20 مليار درهم، ستوفر، عند استكمالها، عشرات الآلاف من مناصب الشغل الهامة للشباب المغربي.
المرور للسرعة القصوى
وكان واضحا أن الأشغال الجارية في ميناء طنجة المتوسطي تسير بسرعة كبيرة، حتى تتحول هذه المُنشأة إلى أمر واقع سريعا، وهو تماما ما حصل، ففي 27 يوليوز 2007، أي 5 سنوات من الخطاب الملكي، دشن الملك محمد السادس الميناء بإعطاء الانطلاقة لعملية تشغيل الرصيف الرئيسي للحاويات الذي تولت استغلاله Maersk APM Terminals والممتد على مسافة 800 متر موفرا أرضية للتخزين مساحتها 400.000 كيلومتر مربع، في حين يصل عمق حوضه المائي إلى 18 مترا، وهو ما يجعله قادرا على استقبال أحدث جيل من البواخر المحملة بالحاويات حينها، والتي يتجاوز طولها 417 مترا وعرضها 56 مترا بينما تصل حمولتها إلى 11 ألف حاوية.
لكن طموح الملك كان أكبر من ذلك، فبعد أقل من عامين على هذا التدشين، عاد العاهل المغربي إلى إقليم الفحص أنجرة، ليعطي انطلاقة أشغال ميناء طنجة المتوسطي الثاني، وذلك في 17 يونيو 2009، وهو الأمر الذي كان يعني معالجة 5 ملايين حاوية إضافية سنويا داخل هذا المركب المينائي، وحاليا أصبح لهذا المركب المينائي 4 محطات للحاويات، أكبرها على الإطلاق هي التي توجد في الرصيف الرابع الذي دُشن بعد الانتهاء من أشغال توسيع المركب المينائي سنة 2019.
وعلى النهج نفسه، وبعد عام آخر، وتحديدا في 29 يونيو 2010، حل الملك محمد السادس مجددا بميناء طنجة المتوسط، لتدشين ميناء الركاب الذي كلف 2,2 مليار درهم، الأمر الذي كان يعني أن المركب المينائي لم يعد منصة تجارية فقط، بل أيضا عامل ربط رئيس بين الجالية المغربية المقيمة في الخارج وأرض الوطن، بالإضافة إلى تحويله إلى عامل جذب سياحي عبر الربط البحري المباشر بين المغرب وأوروبا.
مشروع استراتيجي متكامل
ووفق الأرقام الرسمية المُعلن حينها فإن هذا الميناء بإمكانه استقبال حوالي 7 ملايين مسافر ومليوني سيارة و700 ألف شاحنة للنقل الدولي الطرقي سنويا على ثمانية أرصفة، كما يوفر، على المدى الطويل إمكانيات مواكبة تطور حركة المسافرين والشاحنات مع السعي إلى ضمان أفضل شروط سيولة الحركة والراحة والسلامة، أما على مستوى التجهيزات، فيتوفر ميناء الركاب على 35 هكتارا من الأرض المسطحة، كما يقوم على العديد من فضاءات الارتكاز الواقعة قرب الميناء مباشرة.
وتشمل فضاءات ميناء الركاب على منطقة الولوج والتفتيش الحدودي للشاحنات في البوابة رقم 1، تمتد على مساحة 8 هكتارات، ومنطقة الولوج والتفتيش الحدودي للركاب في البوابة رقم 2، الممتدة على 6 هكتارات، ثم منطقة لولوج وضبط السيارات الخفيفة في البوابة رقم 3 الممتدة على مساحة 8 هكتارات، وتسمح بضبط حركة المرور خلال فترات الذروة وتحتوي على شبابيك لشركات الملاحة، ولمؤسسة محمد الخامس للتضامن وغيرها، أما منطقة ضبط حركة وسائل النقل البري الدولي فتمتد على مساحة ثلاثة هكتارات، وتقع في المنطقة الحرة اللوجيستيكية، بالإضافة إلى منطقة للضبط بالقصر الصغير.
ولا يكتمل الحديث عن فعالية الميناء المتوسطي، التي جعلته يتقدم بشكل مستمر في معايير الكفاءة الدولية، دون التطرق إلى نهج الرقمنة المتبع داخل هذا المركب منذ افتتاحه، حيث أدرجت السلطات المينائية هذا الأمر ضمن المحاور الاستراتيجية الرئيسية لعمليات التطوير، لذلك أصبح يحظى بنظام مينائي خاص به يحمل اسم PCS المتوافِق مع المعايير الدولية.
وجرى تصميم الخدمات الرقمية لأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمركب المينائي لتلبية احتياجات المشغلين البحريين العاملين في مجال تدفقات عمليات إعادة الشحن، وكذا الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين في مجال الاستيراد والتصدير، بما يشمل إدارة المكالمات البحرية وتنظيم وترتيب حركة السفن وعمليات الحجز، بالإضافة إلى ضبط بيانات وحدات العمليات التجارية سواء فيما يتعلق بوصول البضائع أو مغادرتها، ويمتد أيضا ليشمل عمليات الفوترة والأداء متعدد القنوات وتتبع مسارات وحدات الشحن، والإعلانات الموجزة والرموز والأرقام المرجعية الخاصة بوصول البضائع إلى دول الاتحاد الأوروبي وغيرها.
من الملك لولي العهد: المستقبل يبدأ الآن!
ومع مرور الوقت، أصبح يتضح أن ميناء طنجة المتوسط فكرة يُراد لها أن تعيش طويلا جدا، وأن ترثها الأجيال باعتبارها المثال الأوضح لمواكبة المملكة متطلبات العصر في المجال الاقتصادي، لذلك، وكما سيُورث الملك محمد السادس العرش لولي عهده الأمير الحسن، فقد أورثه مسبقا الارتباط بهذه المنشأة الاستراتيجية واضعا إياه، منذ سنة 2019، في صلب عمليات تطويرها، حين كلفه بإطلاق العمليات المينائية لميناء طنجة المتوسط الثاني.
وهكذا، أشرف ولي العهد على تدشين النسخة الثانية من الميناء التي تتوفر على محطتين للحاويات بقدرة استيعابية إضافية تبلغ 6 ملايين حاوية، والتي دعمت موقع المركب المينائي طنجة المتوسط كقطب مرجعي على الصعيدين القاري والعالمي من حيث التدفقات اللوجستية والتجارة الدولية، إذ تجاوزت قدرته الاستيعابية 9 ملايين حاوية، في الوقت الذي أصبح فيه المغرب، بفضل هذه المنشأة، مرتبطا بـ77 بلدا و186 ميناء، وارتقى للمرتبة 17 عالميا في مؤشر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وأمام ولي العهد، استعرض رئيس الوكالة الخاصة طنجة المتوسط، فؤاد البريني مستقبل المركب المينائي أيضا في أفق سنة 2025، ويتعلق الأمر ببرنامج استثماري قيمته 9 ملايير درهم، يهدف إلى تعزيز التنافسية اللوجستية المغربية والقارية في الآن ذاته، إلى جانب المساهمة في تعزيز دور المملكة كفاعل أساسي في المحاور اللوجيستية العالمية، ويتعلق البرنامج بزيادة قدرات المعالجة المينائية وتهيئة مناطق تسهيل جديدة لمواكبة نمو الصادرات المغربية الصناعية والفلاحية.
وتعني هذه الخطوة أن هذه المنشأة التي تستقر بها حاليا أكثر من 900 مقاولة وطنية ودولية تعمل في مجالات الصناعة والخدمات واللوجيستيك، والتي يعمل بها أكثر من 75.000 ألف شخص، مُقبلة على المزيد من عمليات التطوير والتحديث والتوسيع، وبعد أن أصبحت الرقم الأصعب في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وقارة إفريقيا، فإن المستقبل يعد بأن تنافس أكبر الموانئ العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية والصين منطقة الخليج العربي.
أكثر من مجرد ميناء.. هذه هي خريطة طنجة المتوسط، الذي يربط المغرب بـ70 دولة ويصل إفريقيا بالصين والولايات المتحدة الأمريكية في أيام
قادر على استقبال 9 ملايين مسافر سنويا ومناطقه الصناعية تمتد على مساحة 16 مليون متر مربع
على الرغم من أنه العمود الفقري لمنظومة صناعة السيارات في المغرب، والمنصة الأهم لعمليات التبادل التجاري، والبوابة الحدودية الرئيسية للجالية المغربية المقيمة بالخارج، إلا أن ماهية المركب المينائي طنجة المتوسط لا تزال غير واضحة المعالم بالنسبة للكثير من المغاربة، لأن الأمر لا يتعلق بمعبر حدودي لدخول وخروج المسافرين فقط، ولا بفضاء لاستقبال السفن المحملة بالبضائع فحسب، بل بأكثر من ذلك بكثير.
ووفق معطيات إدارة الميناء فإن مركب طنجة المتوسط الذي يقع على مضيق جبل طارق، يمثل قطبا لوجيستيا موصولا بأكثر من 186 ميناء عالمي وبقدرة استيعابية تبلغ 9 ملايين حاوية و7 ملايين راكب، بالإضافة إلى 700.000 شاحنة ومليون سيارة، كما أنه يمثل قطبا صناعيا لأكثر من 900 شركة عالمية ناشطة في مجالات مختلفة من صناعات السيارات والطائرات والنسيج واللوجستيك والخدمات، بحجم تبادلات يفوق 7,3 ملايير يورو.
فضاءات شاسعة للتنافسية الصناعية
والمركب الذي شرع في العمل قبل 17 عاما، يمتد مساحة مليون متر مربع، ويضم ميناء طنجة المتوسط الأول الذي يحتوي على محطتين للحاويات ومحطة السكك الحديدية ومحطة المحروقات ومحطة السلع المتنوعة ومحطة السيارات، ثم ميناء طنجة المتوسط للركاب والشاحنات، التي يتوفر على الأرصفة المخصصة لركوب المسافرين وصعود شاحنات النقل الدولي ونقاط التنظيم ومحطة الركاب، إلى جانب ميناء طنجة المتوسط الثاني، الذي يحتوي على محطتين للحاويات، وكذا مركز طنجة المتوسط للأعمال.
ومركب طنجة المتوسط المينائي، هو أيضا منصة إقليمية للتنافسية الصناعية، حيث تمتد المناطق الصناعية التابعة له على مساحة 16 مليون متر مربع، وتُعد منصة إقليمية للتنافسية الصناعية واللوجستيات والخدمات والتجارة، وتضم هذه المنصة كلا من المنطقة الحرة طنجة، وطنجة أوطوموتيف سيتي، وتطوان بارك، وتطوان شور، ومنطقة التجارة الحرة للخدمات اللوجستية، ومنطقة "رونو - طنجة المتوسط".
وميناء طنجة المتوسط الأول، يضم محطتين للحاويات هما TC1 وTC2، ومحطة للسكك الحديدية، ومحطة للهيدروكربونيات، ومحطة للبضائع المختلفة ومحطة للسيارات، أما ميناء طنجة المتوسط الثاني فيضم محطتين للحاويات أيضا وهما TC3 وTC4، في حين أن ميناء طنجة المتوسط للرُكاب يضم مناطق الدخول ونقاطا للتفتيش الحدودي، وأرصفة صعود الركاب وصعود شاحنات النقل الدولي ومناطق الإجراءات، بالإضافة إلى المرفأ البحري.
ومن الأمور المهمة والنوعية في هذا المركب المينائي، المنطقة الحرة اللوجيستية Medhub، وهي الشركة التي تدير المنطقة الحرة اللوجستية لميناء طنجة المتوسط، بالإضافة إلى مركز الأعمال طنجة المتوسط المُخصص لاستقبال الشركات وتحديد أماكن الأنشطة الضمنية اللازمة لإدارة المركب المينائي.
مركب عملاق مرتبط بـ180 ميناءً
ويوفر ميناء طنجة المتوسط، من خلال العديد من المُجهزين البحريين، ربطا دوليا يغطي ما يقارب 180 ميناءً و70 دولة في 5 قارات، حسب المعلومات التي توصلت بها "الصحيفة" من إدارته، وعلى سبيل المثال، يقع ميناء طنجة المتوسط على بعد 10 أيام من الولايات المتحدة الأمريكية و20 يوما من الصين، وبذلك يعد محور القارة الإفريقية، ويخدم ما يقرُب 35 ميناءً و21 دولة في منطقة غرب إفريقيا عن طريق الرحلات الأسبوعية.
ولا يمكن التطرق إلى هذا المركب المينائي العملاق دون الحديث عن دوره اللوجيستي المحوري وطنيا وإقليميا وقاريا، فحسب الإدارة المينائية، يتعلق الأمر بمنصة لوجستية وصناعية متكاملة، مُتصلة بشبكة نقل متعددة الوسائط، وتحديدا خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة، من أجل نقل البضائع والركاب إلى كافة المناطق الاقتصادية بالمملكة.
ويتم تشغيل المحطات وجميع أنشطة الميناء بموجب عقود الامتياز يتم إبرامها مع شركات معروفة على المستوى العالمي، وهو التوجه الذي بدا واضحا منذ افتتاح الرصيف الأول سنة 2007 وصولا للرصيف الرابع الذي دُشن سنة 2019، ويضم ميناء طنجة المتوسط أكبر الترسانات العالمية لتجهيز السفن، ويتعلق الأمر بـ Maersk و CMA CGM و MSC، إلى جانب شركات رائدة في مجال الموانئ مثل APM TERMINALS وEUROGATE.
أرصفة الحاويات.. كاسحة تجارية
وبخصوص محطات الحاويات الأربع للميناء، فأولاها تتولى تشغلها APM Terminals وكلفت مبلغ استثمار بقيمة 150 مليون يورو، ويصل حجم الرواج فيها إلى 1,6 مليون حاوية، وهي الأقدم بالميناء حيث انطلقت تشغيلها في يوليوز من سنة 2007، ثم تلتها المحطة الثانية التي تُشغلها Eurogate و CMA-CGM والتي كلفت بدورها استثمارا بقيمة 150 مليون يورو، ويصل حجم رواجها إلى 1,4 مليون حاوية.
أما محطة الحاويات الثالثة، والتي بدأت عملها في يناير سنة 2021، فكلفت 240 مليون يورو، ويبلغ حجم الرواج فيها مليون حاوية، وتتكفل شركة Tanger Alliance بتشغيلها، أما المحطة المحطة الأكبر على الإطلاق فهي الرابعة، والتي وصل مبلغ الاستثمار فيها إلى 758 مليون يورو، ويصل طول رصيفها إلى 2000 متر، مقابل 800 متر للأرصفة الأخرى، بينما يصل حجم الرواج فيها إلى 5 ملايين حاوية، وتُشغلها APM Terminals.
وإذا ذُكر المركب المينائي طنجة المتوسط، لا بد من الحديث عن العديد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى التي يحتضنها، وفي مقدمتها صناعة السيارات، حيث يتوفر على محطة للعربات بطاقة استيعابية تبلغ مليون سيارة، وطبعا يظل العميل الرئيسي لهذه المحطة هي شركة "رونو" من منطقة ملوسة، وشركة "سطيلانتيس" من القنيطرة، المرتبطة بطنجة بواسطة خط للسكك الحديدية تربط بين المصانع والميناء، وتمتد هذه المحطة على مساحة 20 هكتارا من بينها 7 هكتارات للاستخدام المشترك، وهي مخصّصة لاستيراد وتصدير السيارات وشحنها.
وفي المركب نفسه توجد محطة للمحروقات بطاقة استيعابية تصل إلى 15 مليون طن يمكن استخدامها لعمليات الاستيراد والتصدير، وتمتد على مساحة 12 هكتارا، وهي مخصصة لتخزين الوقود وتزويد السفن بالوقود وشحن المنتجات المكررة وتصديرها، أما ترخيص استغلال المكان فقد ظفر به اتحاد الشركات المكون من شركة "شركو هورايزون" للمحطات المحدودة HTL والمجموعة البترولية المستقلة IPG وشركة أفريقيا.
ثم توجد أيضا محطة السلع المتنوعة، التي تمتد على مساحة 5 هكتارات، وهي مخصصة لأنشطة الاستيراد والتصدير للشركات الصناعية الموجودة في المنطقة، بقدرات عالية على إعادة التصدير والمعالجة تصل إلى 800 ألف طن من البضائع المتنوعة، وإلى جانبها توجد المنطقة الحرة اللوجستية، التي توفر عروضا عقارية تضم مستودعات مجهزة وأراضي، بالإضافة إلى محطات للشحن البري والبحري في تجاه إفريقيا وأوروبا والصين والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى عروض متكاملة للخدمات من طرف فاعلين لوجستيين دوليين.
وطبعا لا يمكن أن يؤدي المركب المينائي دوره الاقتصادي على أكمل وجه دون أن يرتبط بالبنى التحتية الأساسية الأخرى، وعلى هذا الأساس يتوفر على محطة للسكك الحديدية تمتد على مساحة 10 هكتارات وتحتوي على 3 مسالك يبلغ طولها 800 متر، في حين تبلغ قدراتها السنوية 400 ألف وحدة مكافئة لعشرين قدمًا، تربط هذه الشبكة بين المدن الرئيسية للمغرب.
مؤسسة طنجة المتوسط: للتنمية نصيب
ومع ميلاد ميناء طنجة المتوسط، ولدت أيضا مؤسسة طنجة المتوسط للتنمية البشرية، التي تأسست في ماي من سنة 2007، لتعزز استراتيجية مجموعة الوكالة الخاصة طنجة المتوسط من حيث المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة، ولتكون أداة دعم المبادرات المشتركة مع الفاعلين المدنيين في عمالات وأقاليم طنجة أصيلة والفحص أنجرة وتطوان والمضيق الفنيدق، وتركز مشاريعها على 4 مجالات رئيسية، وهي التعليم والصحة والتكوين المهني، إلى جانب المجال الثقافي والاجتماعي.
وتركز هذه المؤسسة أنشطتها محليا من خلال دعم مشاريع البنى التحتية أيضا، ومبادرات التنمية الاجتماعية ذات الطابع المستدام، بما يشمل المجال الاجتماعي والاقتصادي الخاص بسكان المناطق المستهدفة، وإجراءات للتوعية وحماية البيئة، وتشجيع التمدرس ودعم التميز، ومنذ سنة 2008 وإلى غاية منتصف 2023، نفذت هذه المؤسسة 870 مشروعا تنمويا لفائدة ما يقارب 534 ألف شخص.
ففي مجال التعليم مثلا، أحدثت المؤسسة جائزة التميز "طنجة المتوسط"، كما تعمل على دعم النقل المدرسي وقامت بإنشاء مدارس صديقة للبيئة، بالإضافة إلى توفير النقل لمتدربي التكوين المهني بجماعات القصر الصغير وقصر المجاز وملوسة والجوامعة المحيكة بالميناء، أما في المجال الصحي فتنظم بشكل دوري قوافل طبية، بالإضافة إلى إنشاء مركز لتصفية الدم ومركز للولادة بمدينة الفنيدق، واجتماعيا افتتحت مركزا لتنمية مهارات النساء بقصر المجاز، ومركزا للمبيت خاصا بالإناث في بليونش، أما على المستوى الاقتصادي فتركز على تثمين المنتوج المحلي، من خلال إنشاء مصنع للجبن في منطقة العيايدة، ومبادرة تشاركية لفائدة صانعي الجبن التقليدي بملوسة.
المنطقة الصناعية طنجة المتوسط.. أكثر من 1200 شركة و100.000 وظيفة واستثمارات في مجال السيارات والطيران والإلكترونيات
إذا كان المركب المينائي طنجة المتوسط، منصة لوجيستية عالمية قادرة على منافسة نظيراتها عبر العالم، فإن المنطقة تعد أيضا منصة صناعية بامتياز، الحديث هنا عن المناطق الصناعية طنجة المتوسط، والتي تعد من فروع الوكالة الخاصة المسؤولة عن عملية إدارة وتسيير المنصّة الصناعية الكبرى وتطويرها.
وتقدر المساحة الإجمالية للمنطقة بحوالي 50 مليون متر مربع وتقع حول المجمع المينائي، حيث جرى استثمار هذه المساحة تدريجيا وفقا لأفضل المعايير العالمية في بناء مجمعات صناعية ولوجستية وخدمات مندمجة في الميناء، والتي تدار بنظام الشباك الواحد، ووفق أرقام المؤسسة فإن هذا القطب التنافسي يتضمن حوالي 1200 شركة عاملة توجه منتجاتها للتصدير، كما يُوفر أكثر من 100 ألف وظيفة تقوم بشكل أساسي على الأنشطة الصناعية واللوجستية، وتُدار من قبل هيئات دولية عاملة في قطاعات الملاحة الجوية والسيارات وصناعة الملابس والخدمات اللوجستية والإلكترونية.
وتتمتع هذه المنصة الصناعية بالعديد من المزايا وتقدم خدمات عالية الكفاءة تلبي توقعات الشركات العالمية الفاعلة، وحسب إدارة المركب المينائي فإنها توفر موقعا استراتيجيا عند نقطة تقاطع التدفقات البحرية الكبرى، وعلى مقربة من الأسواق المُستهدفة، بالإضافة إلى أنها عبارة عن كيان متكامل يتمتع ببنية تحتية على أعلى مستوى ومساحات أراضى شاسعة، كما يتوفر على إدارة متكاملة لمختلف مناطق الأنشطة من قبل هيئة واحدة، وعلى قاعدة صناعية راسخة.
وتنقسم هذه المنصة إلى 4 مواقع، منها الموجودة حول المركب المينائي ومنها الموجودة في تطوان، أولها منطقة طنجة الحرة التي بدأت تشتغل حتى قبل تدشين الميناء، وتحديدا في عام 1999، وهي تعتبر من أهم مناطق الأنشطة في شمال المغرب، وتتواجد في هذه المنطقة الآن كبرى الشركات الرائدة في قطاعات السيارات والطيران والإلكترونيات والنسيج، وتبلغ مساحتها الإجمالية 400 هكتار.
أما الموقع الثاني فهو "طنجة أوطوموتيف سيتي" التي تمثل مركز التميز في مجال أنشطة صناعة السيارات بفضل وجودها حول أكبر موقع تجميع في أفريقيا التابع لشركة "رونو"، وهذا الموقع مُجهَّز بكل ما يلزم صناعة السيارات ويغطي جميع سلسلة المهن عالية القيمة، وهي عبارة عن منطقة للتجارة الحرة المتخصصة وتبعد عن الميناء بمسافة 20 كيلومترا عبر الطريق السيار، ومساحتها الإجمالية 300 هكتار، وبدأ تشغيلها سنة 2012.
وثالث تلك المواقع هو موقع "تطوان شور" وهي منطقة مُخصصة لمهن ترحيل الخدمات، مساحتها 20 هكتارا وانطلق تشغيلها سنة 2013، وتوفر مساحات للمهن من نوع ITO Information Technology Outsourcing، و BPO Business Processing Outsourcing، وKPO Knowledge Process Outsourcing، وتصنف على أنها منطقة إسناد الأعمال للشركات الخارجية وتقديم الخدمات.
والموقع الرابع هو "تطوان بارك"، وهي منطقة صناعية تُعتبر مُحركا أساسيا للتنمية الاقتصادية لمدينة تطوان، وتختص في إنشاء الوحدات الصناعية والخدمات اللوجستية التي تستهدف السوق الإقليمي في شمال المغرب، وتبلغ مساحتها 156 هكتارا، وانطلق تشغيلها سنة 2015، وتتمثل أنشطتها في الصناعات الخفيفة والتصنيع والتجارة والخدمات اللوجستية.
ومكنت المنصة الصناعية لطنجة المتوسط من إنشاء نسيج متنوع، تتقدمه صناعة السيارات، بما يشمل المقاعد والأسلاك وأنظمة تكييف الهواء والإضاءة وغيرها، وكذا صناعة الطيران بما يشمل القطع المركّبة وأجهزة تنقية الهواء وأجهزة الضغط وطلاء الأسطح، بالإضافة إلى الصناعات المتعلقة بالحلول ذات التقنية العالية للوصل بين الدورات الكهربائية، أما بخصوص صناعة الإلكترونيات فإن الأمر يشمل كابلات الألياف الضوئية والموصلات والأسلاك الضوئية والمكونات الهيدروليكية والهوائية والبطاقات الإلكترونية وغيرها.
وتحتضن هذه المنصة أيضا الصناعات الغذائية، بما يشمل عمليات التغليف ومعالجة المأكولات البحرية وتعبئة المشروبات، أما في صناعة النسيج فإن مؤسسات صناعية عديدة استقرت بالمنطقة متخصصة في تصنيع المنتجات الجلدية والملابس والأحذية والزرابي، بالإضافة إلى تصنيع الخيوط والألياف النسيجية وإعادة تدوير المنتجات النسيجية، دون أن ننسى أيضا أنشطة الخدمات، ويتعلق الأمر بالهندسة وتطوير تكنولوجيا المعلومات، ومراكز الاتصال، والتصميم ثلاثي الأبعاد للسيارات، والدعم التقني.
رابع موانئ العالم كفاءةً، ورقم معاملاته يصل إلى 2,71 مليار درهم.. ميناء طنجة ينتزع الصدارة من الإسبان ويكتسح المتوسط
قدرته على معالجة الحاويات تعدت 8 ملايين وحدة وحققَ نموا حتى خلال الجائحة
استطاع ميناء طنجة المتوسطي أن يحول نفسه إلى رقم صعب في منظومة الاقتصاد الوطني، بعدما راكم العديد من الأرقام الإيجابية خلال أكثر من عقد ونصف العقد من افتتاحه، لكنه حاليا لم يعد ينافس على الأرقام المحلية أو القارية، أو حتى على المستوى الإقليمي، باعتباره أصبح الميناء الأهم في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك موانئ الجنوب الإسباني التي كانت إلى وقت غير بعيد صاحبة الصدارة متوسطيا، وإنما صار رقما صعبا في خارطة الموانئ العالمية أيضا، الأمر الذي حول المغرب إلى مركز رئيسي للمعاملات التجارية والخدماتية على المستوى الدولي.
ويمكن الوقوف على القيمة الاقتصادية للميناء من خلال معاينة حجم تطور رقم المعاملات في السنوات الأخيرة، بما في ذلك خلال فترات أزمة "كوفيد 19"، إذ وفق الأرقام الصادرة عن السلطة المينائية فقد حقق رقم معاملات فاق 2,71 عند متم شتنبر 2023، وهو ما يثبت النمو السريع والمتتالي لهذه المؤسسة الاستراتيجية، ففي سنة 2022 سجل الميناء 2,35 مليار درهم عند متم شتنبر من سنة 2022، ما يعني ارتفاعا بـ11 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2021، وخلال السنة الجارية 2024، من المرجح تسجيل رقم قياسي جديد اعتبارا لما تم إعلانه مع متم شتنبر الماضي، حين حققت السلطات المينائية 2,03 مليار درهم كرقم معاملات خلال الأشهر الستة الأولى من العام.
الصدارة في معالجة الحاويات
ويحقق المركب المينائي قفزات نوعية خلال فترة ما بعد جائحة كورونا، فحسب السلطات المينائية دائما، وصل إجمالي الحاويات التي تمت معالجتها خلال سنة 2023 المنصرمة أكثر من 8,6 مليون حاوية، أي بنسبة 95 في المائة من الطاقة الإسمية للمركب المينائي، وهي نتيجة تحققت قبل أربع سنوات من الأهداف المسطرة.
وأورد بلاغ حول حصيلة النشاط المينائي لسنة 2023، أن المركب المينائي طنجة المتوسط قام خلال السنة المنصرمة بمناولة 8.617.410 حاوية مكافئة لعشرين قدما، أي بزيادة قدرها 13,4 في المائة مقارنة بسنة 2022، كما قامت قامت محطتا السيارات بالمركب المينائي بمناولة ما مجموعه 578.446 سيارة سنة 2023، بزيادة قدرها 21 في المائة مقارنة بسنة 2022، وتشمل هذه الحركة بالأساس 341.758 سيارة موجهة للتصدير، من إنتاج مصنعي "رونو طنجة" بملوسة و "سوماكا" بالدار البيضاء، بالإضافة إلى 176.208 سيارة موجهة بدورها للتصدير أنتجها مصنع "ستيلانتيس" بالقنيطرة.
وللإشارة، فإن هذا المركب المينائي كان قد استطاع خلال عام 2022 وحده معالجة 7,59 مليون حاوية، ومرت عبره 459 ألف شاحنة للنقل الدولي للبضائع، كما كان نقطة تصدير 478 ألف سيارة جديدة يتم تصنيعها في المغرب، وهو ما يفسر جزئيا الارتفاع الكبير في الأرباح المسجل سنة 2022، فحسب النتائج المالية السنوية للميناء المُعلن عنها بداية مارس الماضي، فقد ارتفعت أرباح الميناء خلال عام واحد بـ35 في المائة، لتنتقل من 713 مليون درهم إلى 960 مليون درهم.
الميناء يجتاز امتحان الجائحة
وما يثير الانتباه أيضا، هو القدرة التي أصبح يتمتع بها الميناء في امتصاصا أعقد الصدمات، الأمر الذي اتضح خلال فترة جائحة "كوفيد 19"، إذ رغم الانحسار الكبير والإجباري في التجار العالمية، كشفت أرقام السلطات المينائية أن رقم المعاملات المدعم لسنة 2020 بالقطب المينائي لطنجة المتوسط سجل نموا بنسبة 1 في المائة مقارنة مع سنة 2019، حيث انتقل من 2,38 مليار درهم إلى 2,42 مليار درهم.
وقال بلاغ للسلطات المينائية لطنجة المتوسط صدر في فبراير من سنة 2021، إن رقم المعاملات المسجل خلال الفصل الرابع من سنة 2020، المتزامن مع استمرار الإغلاق وحالة الطوارئ الصحية، وصل إلى 649 مليون درهم، وهو المستوى ذاته المحقق خلال الفصل الرابع من عام 2019.
ووفق الوثيقة نفسها فإن الفصل الرابع من سنة 2020 بالقطب المينائي لطنجة المتوسط تميز بتسجيل نمو في أهم مؤشرات النشاط المينائي، مبرزة أنه تمت معالجة 5,77 مليون حاوية من حجم عشرين قدما مع متم دجنبر 2020، أي ما يعادل نموا بنسبة 20 في المائة مع سنة 2019، بينما تمت معالجة 1,3 مليون حاوية من حجم عشرين قدما خلال الفصل الرابع من سنة 2020، ما يعادل نموا بـ25 في المائة مقارنة مع الفصل الرابع من عام 2019.
ووفق السلطة المينائية لطنجة المتوسط فإن الأداء المحقق في نشاط معالجة الحاويات مع متم عام 2020 يشكل حجم رواج لم يتم بلوغه أبدا من طرف موانئ حوض البحر الأبيض المتوسط، مضيفة أنه تم تجاوز عتبة 500 ألف حاوية معالجة في الشهر خلال خمس مرات سنة 2020، مع تسجيل رقم قياسي خلال شهر نونبر 2020 بمعالجة 553 ألفا و 164 حاوية، وهو أمر مثير للاهتمام في ظل الظرفية العالمية التي أثرت كثيرة على المبادلات التجارية الدولية حينها.
ولعب الميناء دورا رئيسيا في الحفاظ على تموين الأسواق بالمغرب حينها، واستمرار تدفقات البضائع من الخارج، بفضل الاستثناء الذي حصل عليه المتدخلون في هذه العمليات، وهو ما يفسر الأرقام المتعلقة بمعالجة شاحنات النقل الدولي، حيث أعلنت السلطات المينائية عن معالجة 357 ألفا و331 وحدة مع متم دجنبر 2020، وهو مستوى مماثل لسنة 2019، من بينها 103 ألفا و684 وحدة خلال الفصل الرابع من سنة 2020، بنسبة نمو بلغت 9 في المائة مقارنة مع سنة 2019.
في الكفاءة.. الرابع عالميا والأول متوسطيا وإفريقيا
ولم يعد طموح ميناء طنجة المتوسط في المنافسة على صدارة موانئ العالم خافيا على أحد، الأمر الذي لا تؤكده الأرقام الرسمية المغربية فقط، بل أيضا التقارير الدولية، وأحدها هو مؤشر أداء موانئ الحاويات العالمية، حيث يحتل المركب المينائي المغربي الرتبة الرابعة عالميا من بين أكثر الموانئ كفاءة من أصل 370 ميناءً، متفوقا بالأساس على منافسه المباشر في المدخل الغربي لحوض البحر الأبيض المتوسط، ميناء الجزيرة الخضراء.
الترتيب الصادر عن البنك الدولي ومؤسسة "ستاندرد آند بورز S&P" المتخصصة في المجال المالي والموجود مقرها في نيويورك، وضع ميناء طنجة المتوسط في الرتبة الرابعة عالميا، أول مرة، في تصنيفه الصادر سنة 2023 والخاص بسنة 2022، بعدما كان يحتل الرتبة السادسة قبل عام واحد من ذلك، بعد كل من ميناء یانغ شان الصيني وميناء صلالة في سلطنة عمان وميناء خليفة بالإمارات العربية المتحدة، متخطيا موانئ كانت تسبقه في التصنيف السابق، ويتعلق الأمر بميناء الملك عبد الله في المملكة العربية السعودية، وميناء حمد في قطر.
وتفوق ميناء طنجة المتوسط على موانئ عريقة مثل ميناء غوانغجو الصيني ويوكوهاما الياباني وبور سعيد المصري وفيرجينيا وميامي الأمريكيين، وكذا على ميناء سنغافورة الشهير، والملاحظ أيضا أنه كان الأول على مستوى إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط بل الأفضل من خارج قارة آسيا، بالإضافة إلى حسمه المنافسة المباشرة مع الموانئ الإسبانية، وخصوصا ميناء الجزيرة الخضراء وميناء برشلونة.
الميناء المغربي كرر الإنجاز ذاته في التصنيف الخاص بسنة 2023 والصادر في منتصف سنة 2024، حيث تصدر القائمة ميناء يانغ شان في الصين ثم ميناء صلالة في عمان فميناء قرطاجنة في كولومبيا، وحافظ ميناء طنجة المتوسط على رتبته الرابعة الرابعة، قبل ميناء تانجونغ بيليباس الماليزي الذي جاء في المركز الخامس ضمن ترتيب موانئ الحاويات الأفضل أداءً، والذي شمل 405 موانئ عبر العالم.
الإسبان متخوفون من التفوق المغربي
وعند الحديث عن تفوق ميناء طنجة المتوسطي إقليميا، فإن الأمر لا يتعلق بـ"بروباغاندا" للتسويق الإعلامي، وإنما بمعطيات وأرقام، وإذا كان تقرير البنك الدولي ومؤسسة "ستاندرد آند بورز" يجعله الأكثر كفاءة في منطقة أوروبا وشمال إفريقيا، متقدما على ميناء الجزيرة الخضراء وبرشلونة وسانتا كروز دي تينيريفي في إسبانيا، وبور سعيد ودمياط في مصر، ويارميكا وميرسين وأمبارلي واسكندرون في تركيا، وسينيس في البرتغال وبريمرهافن في ألمانيا وجويا تورو في إيطاليا، فإن منافسه المباشر ميناء الجزيرة الخضراء، يعترف بدوره بهذا التفوق المغربي.
ففي معطيات نقلتها صحيفة "لاراثون" الإسبانية عن سلطات ميناء الجزيرة الخضراء، في يناير من سنة 2022، واستنادا إلى النشاط التجاري المسجل طيلة سنة 2021، فإن الميناء المغربي تفوق على نظيره الإسباني بـ2,37 مليون حاوية، حيث سجل الميناء الموجود جنوب إقليم الأندلس مرور 4 ملايين و797 ألف وحدة، بتراجع نسبته 6 في المائة، في حين أن منافسه المباشر سجل حوالي 7 ملايين و174 ألف حاوية بزيادة وصلت إلى 24 في المائة.
ويسير ميناء طنجة المتوسطي في خط تصاعدي مطرد، مقابل تراجع سنوي تدريجي لميناء الجزيرة الخضراء، فخلال عام واحد ارتفع الفارق بينهما من 600 ألف حاوية مُعالجة إلى 3 ملايين و370 ألفا، رغم كونهما يوصفان بـ"الميناءين التوأمين" بسبب قربهما الجغرافي ولكونهما معا يمثلان دفتي البوابة المينائية للعالم في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط، وهو أمر انتبهت إليه السلطات المينائية الإسبانية، وتعي خطورته جيدا على اعتبار أن ميناء الجزيرة الخضراء ليس فقط الأهم في إسبانيا، ولكنه يحتكر 85 في المائة من تدفقاتها التجارية.
وأشار التقرير ذاته إلى أن أهم مركز تاريخي لعمليات إعادة الشحن في إسبانيا، أصبح أقل جاذبية في ظل المنافسة المغربية المباشرة لميناء طنجة المتوسط، وأصبحت الضغوط كبيرة عليه عند افتتاح محطة الحاويات الثالثة في يناير من سنة 2021، وهي التي أعطت للمركب المينائي حجم رواج إضافي بقيمة مليون حاوية، لكن الضربة الأكبر كانت هي إنشاء محطة الحاويات الرابعة التي يبلغ حجم الرواج فيها 5 ملايين حاوية، ما يعني أن ميناء طنجة المتوسط عموما بإمكانه استقبال 8 ملايين حاوية سنويا.
وتعاين إدارة ميناء الجزيرة الخضراء الجاذبية الكبيرة التي أصبح يتوفر عليها الميناء المغربي المجاور، لذلك ترى أن الاستثمار الاستراتيجي لشركة Maersk الدنماركية العملاقة، يسير في اتجاه جعل المركب المينائي المغربي مركزها اللوجستي الكبير في حوض البحر الأبيض المتوسط هو الميناء المغربي، ما سيؤدي إلى تقليص حركة الميناء الإسباني لكونه سيصبح أقل تنافسية، ووفق التقرير فإن ميناء طنجة المتوسط يُرسخ مكانه كمركز رئيس لتحالفات الشحن العالمية الرئيسية بقيادة شركات Maersk Line وCMA CGM وHapag Lloyd.
3,6 ملايير درهم من الاستثمارات
وتشارك المنطقة الصناعية لطنجة المتوسط في النجاح الذي يحققه المركب المينائي، وبدورها باتت تحقق أرقاما كبيرة سنويا، ومن المتوقع أن يصل حجم الاستثمارات بنهاية سنة 2024 إلى أكثر من 3,6 ملايير درهم، منها 388 مليون درهم ذهب لتمويل مشاريع توسعية تشمل تطوير محطة الركاب والمناطق الصناعية الجديدة، وتعزيز القدرة الاستيعابية للميناء وزيادة مرونته في التعامل مع التدفقات التجارية الدولية،خلال النصف الأول من العام الجاري.
هذا المعطى يؤكد المسار التصاعدي السريع للمركب المينائي على المستوى الاستثماري، فعلى سبيل المثال، في الربع الرابع من سنة 2022 استطاعت المنصة الصناعية استقطاب 45 مشروعا صناعيا جديدا، ما يمثل نموا بنسبة 25 في المائة مقارنة بسنة 2021، وبلغ حجم الاستثمارات خلال هذه المدة 2,2 مليار درهم مع خلق 5000 منصب شغل جديد، ما يعني أن المنصة الصناعية لطنجة المتوسط باتت تستقطب إجمالا 1200 شركة توفر أكثر من 100 ألف فرصة عمل.
وكشفت معطيات إدارة المنصة الصناعية، أنها مستمرة في استقطاب صناعات السيارات عبر استقبال شركات من مختلف الجنسيات، وهكذا فإن "مارتور فومباك" الدولية التركية المتخصصة في إنتاج المعدات الداخلية ومقاعد السيارات، كانت من بين المستثمرين الجدد، وإلى جانبها SCS الألمانية المتخصصة في صناعة أنظمة وأجهزة القفل الميكانيكية للسيارات، ناهيك عن استثمارات أخرى تهم صناعة الألياف والورق ومواد التعبئة والتغليف والرقمنة والصناعات الغذائية وغيرها.
وبالإضافة إلى الشركات الجديدة التي وصلت إلى طنجة، دفعت المنصة الصناعية للميناء المتوسطي شركات أخرى لتوسيع أنشطتها، على غرار TE Connectivity الأمريكية الموجود مقرها الرئيس في سويسرا، التي قررت إنشاء مصنع جديد للتكنولوجيا الصناعية في منطقة "طنجة أوطوموتيف سيتي"، أما "مارتور فومباك" التركية فاختارت أن يكون مشروعها الجديد متخصصا في صناعة مقاعد السيارات، في حين وسعت الشركة الإماراتية "الإمارات أوطوموتيف لوجيستيكس" التابعة لمجموعة "شرف"، نشاطها من خلال إنشاء مركز لوجستي متخصصة في مجال السيارات.
وتنعكس هذه الحركية الاستثمارية بشكل واضح على أرقام المجموعة المغربية، حيث بلغ حجم المعاملات بمناطق الأنشطة التابعة لطنجة المتوسط 133 مليار درهم في عام 2022 بزيادة نسبتها 45 في المائة مقارنة بعام 2021، وفق ما جاء في بلاغ للمؤسسة، والذي كشف أن قطاع السيارات وحده سجل رقم معاملات بلغ 95 مليار درهم بارتفاع نسبته 53 في المائة مقارنة بعام 2021، إذ إن هذه الزيادة الكبيرة ترجع إلى انطلاق مشاريع جديدة بمنطقة صناعة معدات السيارات "أوتوموتيف سيتي".
وحققت القطاعات الصناعية الأخرى أيضا نتائج إيجابية، وخصوصا قطاع النسيج وصناعة الطيران، اللذان وصل معا إلى رقم معاملات بقيمة 11 مليار درهم، بارتفاع بلغ 10 في المائة مقارنة بسنة 2021، في حين بلغ حجم معاملات الأنشطة اللوجستية 27 مليار درهم بارتفاع قيمته 29 في المائة، أما التدفقات اللوجيستية على المنصة الصناعية فازدادت بنسبة 16 في المائة، بما يشمل حركة الحاويات وشاحنات النقل الدولي العابر للقارات، ووصلت هذه التدفقات إلى 481.687 وحدة في عام 2022، مقارنة بـ413.905 وحدات في عام 2021، عبر جميع مناطق الأنشطة التابعة للمنصة الصناعية طنجة المتوسط.
ميناء المسافرين.. البوابة الرئيسية للجالية المغربية المقيمة بالخارج والعمود الفقري لعملية "مرحبا"
عبر منه 1,62 مليون شخص خلال موسم الصيف سنة 2024
وخلال موسم الصيف الماضي شهد الميناء وصول عدد قياسي من المواطنين عبر رحلات الذهاب والإياب، بما مجموعه 1,62 مليون مسافر و427 ألف سيارة إلى غاية 5 شتنبر 2024، وفق أرقام وزارة النقل واللوجيستيك، ليؤكد مكانه في صدارة جميع البوابات الحدودية الوطنية التي تستقبل أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج، بما يمثل 57 في المائة من إجمالي حركية العبور عبر الموانئ الوطنية.
ونال الميناء حصة الأسد من إجمالي العابرين، إذ حسب أرقام مؤسسة محمد الخامس للتضامن، فإنه في نهاية العملية التي استمرت ما بين 5 يونيو و15 شتنبر 2024، بلغ إجمالي المسافرين في الاتجاهين 3,76 مليونا، عبر مختلف الموانئ والمطارات والمعابر، وهو ما يمثل زيادة غير مسبوقة بنسبة 18,84 في المائة مقارنة بنسخة 2023، علما أن العملية تزامنت مع عيد الأضحى.
وفي السياق نفسه، يقول حسن عبقري، المدير العام للسلطة المينائية طنجة المتوسط، في حديث لـ"الصحيفة"، إن ميناء المسافرين استعاد نشاطه ابتداء من مارس 2022 إثر تبعات جائحة "كوفيد 19" ومنذ ذلك التاريخ استخدم ملايين المسافرين هذه البوابة للسفر إلى العديد من الدول الأوروبية، وتحديدا إسبانيا، عبر ميناءي الجزيرة الخضراء وبرشلونة، وفرنسا عبر ميناء سيت، ثم إيطاليا عبر ميناء جنوى.
لكن عملا مهما ينتظر السلطات المينائية مستقبلا في إطار تجويد الخدمات المقدمة للمسافرين، وهو ما يؤكده عبقري الذي يتحدث عن رغبة الميناء في تحقيق طاقة استيعابية تصل إلى 40 ألف مسافر يتم استقبالهم يوميا، بالإضافة إلى 10 آلاف سيارة، وهو الأمر الذي يربطه بعملية "مرحبا" والاستجابة لحاجيات المواطنين المغاربة المقيمين في الخارج.
وحظي ميناء المسافرين، أو ميناء الركاب والشاحنات، باهتمام من الملك محمد السادس الذي دشنه بشكل شخصي في 29 يونيو 2010، وقد صُمم هذا الميناء من أجل مواكبة تطوير حركة الركاب وحركة مرور شاحنات النقل البري الدولي على المدى الطويل، مع ضمان التعامل معهم في أفضل الظروف من حيث السيولة والراحة والسلامة، يهدف ميناء الركاب إلى إنشاء جسر بحري حقيقي على المضيق، فهو يشكل عاملاً حاسمًا في حركة التجارة مع أوروبا، وفق شروحات الإدارة المينائية.
ووفق معطيات حصلت عليها "الصحيفة" والتي تعود إلى سنة 2023، تم تجهيز ميناء الركاب بـ 8 أرصفة مع أحواض 8 أمتار، وتبلغ مساحته 35 هكتار من الأراضي، ومنذ عام 2013، استفاد المسافرون بالسيارات من البنية التحتية التي تسمح بالفصل المادي لحركة مرور السيارات عند الدخول والخروج، ومضاعفة قدرة التعامل، وتحسين أوقات عبور المستخدمين في ظل أفضل الظروف والسلامة والأمن، كما تم تجهيز مناطق التحكم على مستوى دخول السيارات مع جميع الخدمات اللازمة للمستخدمين، الذين خُصصت لهم العديد من المساحات المظللة.
وبالإضافة إلى ذلك تم توفير مساحة عازلة لوقوف السيارات التي تنتظر الوصول إلى الميناء لتجنب ازدحام المرور في أيام الذروة، كما جرى إنشاء منطقة مساحتها 1,8 هكتار يتم استخدامها كمنطقة للتنظيم المينائي، وهي مزودة بالخدمات اللازمة لانتظار الركاب في أفضل ظروف الراحة والسلامة، وفق تأكيدات السلطات المينائية.
ويمكن للمسافرين باستخدام السيارات المغادرة للمغرب الدخول الميناء من خلال مدخل خاص بالسيارات، ويمكن فيه اقتناء تذاكر السفر وتأكيدها، كما يتم تنفيذ إجراءات فحص وختم جوازات السفر، أما بالنسبة للركاب الذين يصلون إلى المغرب، يتم ختم جوازات السفر الخاصة بهم على متن السفن أثناء العبور.
وتتوفر منطقة الوصول والتفتيش الحدودي، بالنسبة للمسافرين المغادرين للمغرب، على 34 مقصورة شرطة تسمح بالتعامل مع 1000 سيارة في الساعة، و6 مكاتب خاصة بالمراقبة الجمركية لركاب السيارات، وتحتوي على مساحة 3000 متر مربع مخصصة لتفتيش السيارات ومكان دخول مخصص للحافلات، بالإضافة إلى موقف للسيارات بسعة 500 سيارة، ومنطقة للراجلين مغطاة لشراء التذاكر، كما يضم حمامات ومقهى وقاعة للصلاة، إلى جانب 8 مكاتب لتسجيل الوصول دون النزول من السيارة للركاب الذين يتوفرون على التذاكر.
أما بالنسبة لمنطقة الوصول والتفتيش الحدودي بالنسبة للمسافرين الداخلين إلى المغرب، فتتوفر على مقصورة خاصة بمراقبة الشرطة لركاب السيارات، ما يسمح بالتعامل مع 500 سيارة في الساعة دون نزول الراكب من سيارته، بالإضافة إلى مكاتب خاصة بمراقبة الجمارك للركاب على متن سياراتهم، وتضم هذه المنطقة مساحة 1000 متر مربع مغطاة لتفتيش السيارات، بجوار مساحة تقدر بـ900 متر مربع من المباني الإدارية ومناطق استراحة لموظفي الجمارك والشرطة المسؤولة عن المراقبة، ومستوصف ومكتب مخصص لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، وعلى 5 مكاتب مراقبة الجمارك للركاب على متن السيارات، ومكان دخول مخصص للحافلات.
وبهذا الميناء توجد أيضا منطقة ما قبل المغادرة، التي تتوفر على مناطق الاستراحة من أجل راحة الركاب أثناء عبورهم، ويتم تشغيل هذه المناطق من قبل المهنيين، وتشمل المطاعم والمقاهي، والمحلات التجارية الحرة والمستوصف، إلى جانب فضاءات للعب الأطفال وشرفات مطلة على الميناء بأكمله، إضافة إلى مبنى مخصص لخدمات ما قبل المغادرة، بمساحة إجمالية تصل إلى 550 متر مربع، بما في ذلك مكاتب شركات الشحن، ومكاتب مؤسسة محمد الخامس للتضامن، ومكاتب الشرطة والدرك الملكي، والمرافق الصحية والمقاصف.
وبلغة المعطيات، يمكن القول إن ميناء طنجة المتوسطي استفاد من الإغلاق القسري الذي فرضته جائحة "كوفيد 19" لإجراء التحسينات اللازمة على نظام الاستقبال، حيث تمت تعبئة غلاف مالي قيمته 150 مليون درهم لتجهيز منطقة العبور بما يضمن الانسيابية والأمن والراحة لفائدة المسافرين، ويمكن الإدارة من والمتدخلين من التعامل مع فترات الذروة خلال فصل الصيف.
وهكذا، تم الرفع من عدد منافذ ختم الجوازات في محطة المشاة من 10 إلى 16، ووضع 32 منفذا مماثلا لأصحاب المركبات، بالإضافة إلى زيادة المساحات المظللة وتقوية الإضاءة وتطوير الأماكن المخصصة للأطفال والمساحات الخضراء، إلى جانب توفير عدد أكبر من منافذ المياه والمطاعم ونقط المعلومات والمرافق الصحية، وتحديد المسارات الخاصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أو محدودي الحركة، ومن الأمور الجديدة التي جرى توفيرها أيضا تطبيقٌ للهاتف المحمول انضم إلى الشبكة التواصلية للميناء التي تتضمن منصة إذاعية محلية وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.