الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة

 المغرب و موريتانيا.. انتماء مشترك ومستقبل واعد

عزيز رباح*
الخميس 2 يناير 2025 - 18:34

تحظى دينامية التواصل المتنامية بين المغرب وموريتانيا باهتمام كبير لدى الرأي العام في البلدين، وأيضا لدى الدول الأفريقية والعربية والغربية، وذلك راجع إلى ما يمكن أن تسفر عنه هذه الدينامية من انعكاسات مؤثرة محليا وإفرقيا ودوليا.

فالكثير من المتتبعين والداعمين لهذه الدينيامية مقتنعون بأنها تنبني على أسس متينة ومتعددة وقد تستعصي على كل محاولات الإحباط والعرقلة والتشويش من أطراف داخلية وخارجية.

مما لا شك فيه أن المشترك التاريخي المتجذر بين البلدين و المؤسس على الدين والمذهب المالكي، والقبائل والثقافة والبعد الصحراوي والتقاليد، يقوي القناعة بوجود شعب واحد في دولتين.

 كما أن الأواصر المتينة إذا ما تعززت بعمل استراتيجي مشترك وتقوت بإشعاع ديني وثقافي في إفريقيا وخاصة في الساحل وغرب إفريقيا فستحفظ لها وحدتها الروحية من الاختراق المذهبي والطائفي والتطرف.

 ويمكن أن يرتكز هذا العمل المشترك على إحداث مراكز وبرامج دينية تقوي الوصال بين المؤسسات الدينية للتعاون في الاجتهاد في المذهب المالكي وتقوية التدين وتجديده وترسيخ القيم الدينية.. كما يمكن أيضا أن ينبني على عمل ثقافي يطور الإبداع وينمي الموروث الثقافي ويبرز غناه وتنوعه وخاصة مايزخر به البلدين من مخطوطات لا حصر لها.

كما أن المبادرة الإفريقية الأطلسية التي أطلقتها المملكة تعزز الموقع الاستراتيجي للبلدين. فالجوار البحري والبرية بينهما جعلا منهما الممر السلس للتجارة الافريقية والعالمية، لأن الحاجة ملحة لخلق الشراكة والتكامل بين مينائي الداخلة ونواذيبو وإنشاء محطات لوجيستيكية وخدماتية فيهما، وعلى طول الطرق في أفق تطوير الشبكة السككية. ويمكن ذلك إفريقيا خاصة وسطها وغربها من تطوير قدراتها اللوجستية للتصدير والتحكم في كلفتها التي تعيق الاقتصاد الافريقي حاليا.

يمكن التعاون في الطاقات المتجددة بين المغرب وموريتانيا، خاصة في مجالات الهيدروجين والطاقة الشمسية والبحرية والريحية، التي وستعرف إقبالا متزايدا من طرف الشركات الوطنية والدولية لإنتاج الهيدروجين والكهرباء، ويفرض ذلك تنسيقا محكما من البلدين والمؤسسات ذات الصلة للتعاون التشريع والتقني وتبادل التجارب وتفادي الاختيارات السلبية وتقوية قدراتهما التفاوضية وأيضا تشجيع إنشاء شركات مشتركة تعطي لها الأولوية في الاستثمار تطبيقا للأفضلية الوطنية في المشاريع الكبرى بالخصوص.

 بالإضافة إلى التزام البلدين بالعمل سويا للاشتراك والدعم والتيسير في إنجاز مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي، يفتح إنتاج الغاز في موريتانيا فرصة كبيرة للمغرب من أجل التزود منه للاستجابة لحاجياته المتنامية في قطاعي إنتاج الكهرباء والصناعة. كما أنه يمثل فرصة لتزويد أوروبا التي تحاول تنويع شركائها في هذا القطاع نظرا للتوترات العالمية. وتتيح أيضا الاستثمارات المتصاعدة في المغرب وموريتانيا فيما يتعلق بإنتاج الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة، وخاصة الشمسية والريحية، كما تتيح هذه الاستثمارات إذا ما تقرر تعزيزها بالربط الكهربائي بين البلدين إمكانية تزويد البلدين وأوربا بالكهرباء النظيفة، وإفريقيا بالخصوص التي يزداد الطلب فيها على الكهرباء في كل المجالات مثل السكن والخدمات والصناعة.

 بإطلاق مشاريع مشتركة والتعاون وتشجيع الاستثمار والبحث العلمي واستعمال التقنيات الحديثة في قطاعي الفلاحة والصيد البحري. فالمؤهلات الكبيرة والمتنوعة التي يملكها البلدين برا وبحرا وأيضا حصيلة تقييم البرامج والمخططات السابقة والحالية وتحديات التغيرات المناخية وإلزامية حماية واستدامة الثروات الطبيعية، وترشيد استهلاك المياه واستغلال الأراضي وارتفاع الطلب المحلي والإفريقي والعالمي على الغذاء المتحكم في جودته وكلفته، كل ذلك يتيح فرصة تاريخية لإطلاق خطة غذائية مشتركة مدعومة بالحلول النوعية التي يتيحها قطاع الفوسفاط.

هناك أيضا، التكامل المعدني خاصة في الفوسفاط والحديد والمعادن النفيسة سيمكن من إحداث إحدى أهم المواقع الاستراتيجية في العالم مدعومة بالإمكانيات الطاقية المتوفرة لدى البلدين والمؤهلات اللوجستية مثل الموانيء خاصة، مما يعجل البلدين مؤثرين إيجابيا في الاقتصاد العالمي الذي يحتاج إلى هذه المعادن من أجل الاستجابة للحاجيات الضرورية والمتجددة في قطاعات الفلاحة والصناعة والطاقة والبناء.

فالضرورة ملحة لإبرام شراكة ثنائية لتطوير اللوجيستيك المعدني كالنقل والتخزين، وإقامة مدن صناعية لتثمين المعادن محليا. هذا بالإضافة إلى تطوير التعليم التقني وتأهيل الموارد البشرية وإحداث برامج البحث والتطوير في قطاع المعادن.

 يعتبر الأمن الوطني والإقليمي من أولويات المرحلة نظرا للتهديدات الخطيرة التي تمثلها الحركات الانفصالية والمنظمات المتطرفة والمؤامرات الانقلابية والميليشيات العابرة للقارات، والاختراقات الأجنبية على أمن البلدين وإفريقيا ووحدة دولها خاصة في الساحل وغرب إفريقيا. ولا شك أن البلدين يعملان على تعزيز اليقظة والرصد وتقوية الاستخبارات والقدرات الأمنية والعسكرية والوعي المجتمعي لمواجهة كل محاولات التهديد لأمنهما واستقرارهما وخاصة أن الجزائر تحتضن حركة انفصالية مسلحة تحاول اختراق الحدود الموريطانية.. أضف إلى ذلك انتشار الحركات المسلحة والانفصالية والمتطرفة في دول الجوار.

 في كل إفريقيا عموما وفي البلدين تزداد النخبة الصاعدة اقتناعا بمد جسور الثقة والتعاون والشراكة فيما بينها من أجل نهضة إفريقيا بمنهجها المستقل وبقدراتها المحلية وتراثها المادي واللامادي الذي تزخر به. وقد بدأت تعرف إفريقيا بعض المبادرات في هذا الاتجاه بين الدول المجاورة كخطوات أولى لتمتد بعد نجاحها إلى محيطها لتكون دينامية الشراكة التكاملية بين المغرب وموريطانيا واحدة من أهم مفاتيح النهضة الإفريقية. فالأمل معقود على النخب الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية لبناء المستقبل المشترك الواعد.

هل نستحق هذه الحكومة؟

كل يوم، يزداد المغربي يقينا أن "حكومة الكفاءات" هي "وليمة قاتلة" قُدمت للمغاربة لتأخذهم لمصيرهم الثقيل والمجهول، بعد أن تحطمت كل الأرقام مع الحُكومة التي يقودها رجل الأعمال عزيز أخنوش. في ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...