بحضور بنسعيد والمنصوري والسكوري.. شبيبة "البام" تطلق مبادرة "جيل 2030" لإعادة صياغة علاقة الشباب المغاربة بالحياة العامة
في استجابة واعية للتحولات المتسارعة التي يشهدها العالم وما تفرضه من تحديات تستدعي حضورًا فاعلًا للشباب في صلب السياسات العمومية، أطلقت شبيبة حزب الأصالة والمعاصرة مبادرة "جيل 2030"، في حفل متميز احتضنته العاصمة الرباط، حيث تحول مسرح محمد الخامس إلى منصة للإعلان عن انطلاق دينامية جديدة تهدف إلى إعادة صياغة علاقة الشباب بالحياة العامة، وذلك وسط حضور سياسي رفيع، تصدره محمد المهدي بنسعيد، وفاطمة المنصوري، ويونس السكوري، ومحمد الحجيرة، إلى جانب نخبة من الفاعلين السياسيين والمهتمين بقضايا الشباب، من أجل منح الشباب موقعًا مركزيًا في مسار اتخاذ القرار، وترسيخ دورهم كشركاء حقيقيين في صياغة مستقبل البلاد.
وفي كلمتهم أمام الحضور، أكد منظمو المبادرة أن "جيل 2030" ليست مجرد مشروع سياسي ظرفي، بل هي دينامية مدنية شاملة تسعى إلى إعادة الثقة للشباب المغربي في الفعل السياسي والمشاركة في صناعة القرار، والمبادرة تهدف إلى بلورة رؤية متكاملة للسياسات العمومية الموجهة للشباب، لا تقتصر على الإصلاحات الظرفية، بل تمتد إلى رسم خارطة طريق تمتد إلى أفق 2030، يكون الشباب فيها العنصر المحوري، ليس فقط كمتلقين للقرارات، بل كشركاء في صياغتها وتنفيذها.
وأحد أبرز الأسس التي تقوم عليها المبادرة هي ثنائية "الكرامة والأمل"، حيث يؤمن القائمون عليها بأن ضمان مشاركة الشباب في الحياة العامة والسياسية لن يكون ممكنًا إلا من خلال تأمين مقومات الكرامة وتوفير الأمل في غدٍ أفضل، ويعني ذلك خلق بيئة داعمة تحترم تطلعات الشباب، وتصغي إلى مطالبهم، وتوفر لهم الفرص الحقيقية للمشاركة في رسم السياسات العمومية التي تؤثر على حياتهم.
و "جيل 2030"، وفق شبيبة "البام" ليست مجرد مشروع سياسي، بل رؤية طويلة المدى تسعى إلى إحداث تغيير جوهري في العلاقة بين الشباب والمؤسسات، واستعادة ثقتهم في جدوى العمل السياسي والانخراط المجتمعي، وهو طموح يبدو واقعيًا في ظل وجود إرادة سياسية تدعم مثل هذه المبادرات، ورغبة قوية لدى الشباب في أن يكونوا جزءًا فاعلًا في صياغة مستقبل بلادهم.
ولم تكن هذه المبادرة وليدة اللحظة، حسب الشبيبة بل جاءت ثمرة نقاشات عميقة ووعي متزايد بأهمية الاستثمار في طاقات الشباب، على اعتبار الرهان اليوم ليس فقط على تعزيز حضورهم في المشهد السياسي، بل على خلق بيئة سياسية جديدة تجعلهم مؤمنين بأن صوتهم مسموع، وأن أفكارهم قادرة على أن تتحول إلى سياسات ملموسة تؤثر إيجابيًا على حياتهم ومستقبلهم.
وفي هذا السياق، أكد محمد مهدي بنسعيد، عضو القيادة الجماعية لحزب الأصالة والمعاصرة ووزير الشباب والثقافة والتواصل، في تصريح لـ "الصحيفة"، أن مبادرة "جيل 2030" جاءت بفضل رؤية شبيبة الحزب، وتم توسيعها داخل المكتب السياسي، انطلاقًا من قناعة راسخة بضرورة الانفتاح على الجيل الصاعد والإصغاء إلى تطلعاته.
وأوضح المسؤول الحزبي، أن لكل جيل رؤاه وتحدياته وأحلامه الخاصة، مما يستوجب على الحزب مواكبة هذه التحولات وفهم إشكاليات الشباب الذين ينتمون إلى جيل الألفية، مشيرا إلى أن الحزب، الذي يقوده يضم في صفوفه قيادات من أجيال مختلفة، ويدرك أن الأفكار والانتظارات تتطور باستمرار، مما يفرض عليه التكيف مع روح العصر ليظل متناغمًا مع التحولات المجتمعية.
ومن هذا المنطلق، تأتي هذه المبادرة وفق المسؤول ذاته بروح جديدة، تعتمد على الرقمنة كوسيلة أساسية للتواصل والانفتاح على أكبر شريحة ممكنة من الشباب، عبر منصات رقمية تتيح لهم التعبير عن آرائهم وتصوراتهم، دون أن يكون الهدف هو الاستقطاب المباشر، بل الإنصات إلى انشغالاتهم، وفهم أولوياتهم، وتحويلها لاحقًا إلى سياسات وبرامج حكومية تستجيب لتطلعاتهم.
وختم بنسعيد حديثه لـ "الصحيفة"، بالتأكيد على أن هذه الخطوة تأتي في سياق وعي الحزب العميق بأن الشباب يشكلون ما يقارب 40 إلى 50% من المجتمع المغربي، مما يجعل الإنصات إليهم ضرورة حتمية لضمان تمثيلية سياسية تستجيب لواقعهم وطموحاتهم.

من جانبه، قال يونس السكوري، القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، إن مبادرة "جيل 2030" تشكل محطة فارقة في مسار انخراط الشباب في العمل السياسي والتنموي، باعتبارها إطارًا يعبّئ طاقات شبابية من مختلف الفئات، سواءً كانوا طلبة جامعيين، أو شبابًا في سوق الشغل، أو غير حاصلين على شهادات، أو لا يزالون في مسارهم الدراسي.
وأبرز القيادي في الحزب الذي حضر حفل الانطلاقة، أن المبادرة تتبنى مقاربة مزدوجة تجمع بين التفاعل الرقمي والانخراط الميداني، بما يتماشى مع طبيعة تواصل الأجيال الجديدة، ويضمن حضورًا فعالًا لقضاياهم في النقاشات الوطنية، موردا أن الحكومة، التي يتحمل حزبه جزءًا من مسؤوليتها لأول مرة، تعمل جاهدة على التجاوب مع انتظارات الشباب.
واستحضر الوزير السكوري في تصريحه لـ "الصحيفة"، في هذا السياق بإطلاق خارطة طريق التشغيل، التي تستهدف عشرات الآلاف من الشباب، سواءً من حاملي الشهادات أو غيرهم، لتمكينهم من فرص ولوج سوق العمل، مشددا على أن هذه الجهود، رغم أهميتها، ليست سوى خطوة ضمن مسار طويل يتطلب مزيدًا من الإنصات والمتابعة والتطوير، وهو ما يجعل المبادرات الشبابية ذات أهمية كبرى، باعتبارها فضاءً للتفاعل، يتيح تقييم السياسات، وتصحيح مساراتها، وتسريع وتيرتها وفق احتياجات الشباب وطموحاتهم.
وأشار الوزير إلى أن ظاهرة العزوف السياسي تطرح إشكالات جدية، خصوصًا في بلد يشكل فيه الشباب نسبة كبيرة من التركيبة السكانية، مما يستوجب مواجهتها ببرامج عملية ملموسة تعيد الثقة وتبرهن على جدية الفاعلين السياسيين في تقديم حلول واقعية، كما شدد على أن الأحزاب، حين تتحمل المسؤولية، لا ينبغي أن تكتفي بخطاب المعارضة أو الانتقاد من أجل الانتقاد، بل يتعين عليها تقديم مقترحات وبرامج واقعية، مثل تلك التي أطلقتها الحكومة، والتي تهدف خلال هذا العام إلى استهداف 400 ألف شاب في مجالات التكوين، التدرج المهني، والإدماج عبر برامج المقاولة.
وختم السكوري حديثه بالتأكيد على أن هناك مبادرات أخرى، مثل "جواز الشباب"، الذي أطلقته وزارة الشباب، والذي يوفر امتيازات متعددة لفئة الشباب، مشددًا على أن التحدي الأكبر يظل في الاستمرار في بذل المزيد من الجهود، خصوصًا مع اقتراب سنة 2025، التي ستكون محطة لتقييم الأداء الحكومي ومدى تحقيقه لانتظارات المواطنين.
وأبرز أن مبادرة "جيل 2030" ليست مجرد إطار حزبي، بل دينامية تفاعلية تمنح المناضلين، الذين يشكلون امتدادًا للمجتمع، دورًا أساسيًا في نقل هموم الشباب وإيصال صوتهم، لضمان استمرارية التطوير والتصحيح المستمر للمسار السياسي والاقتصادي في البلاد.