فتح موريتانيا لمعابر جديدة مع دول مُحيطها.. انفتاح اقتصادي أم تغيير في سياساتها الخارجية؟ 

 فتح موريتانيا لمعابر جديدة مع دول مُحيطها.. انفتاح اقتصادي أم تغيير في سياساتها الخارجية؟ 
نواكشوط - محمد سيدي عبد الله
السبت 22 مارس 2025 - 9:00

مع تسارع التحولات الجيوسياسية في المنطقة، اتخذت موريتانيا خطوة تمثلت في فتح معابر جديدة مع دول الجوار، مما يثير التساؤلات حول مغزى هذه المبادرة في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متزايدة. فهل يعكس هذا التحرك تحولا اقتصاديا حقيقيا، أم أنه رد فعل على الأوضاع الأمنية المتدهورة في منطقة الساحل؟ 

في إطار تطوير آلية التحكم في حركة الأفراد عبر الحدود، قررت الحكومة الموريتانية توظيف تكنولوجيا البيومتري لتسهيل عملية التنقل وضبط الهجرة. وقد جهزت 35 نقطة عبور حدودية ضمن هذا النظام الجديد، مع خطة لتوسيع هذه المنظومة في المستقبل لتشمل جميع المعابر الحدودية. و يتيح هذا النظام البيومتري تسجيل البيانات الشخصية بشكل "آمن وسريع"، ما يساهم في تنظيم حركة المرور ومنع الهجرة غير المنظمة، بحسب الحكومة.

يقول الخبير في الشأن الإفريقي، محمدن عبدالله، في تصريح خص به "الصحيفة" إن هذه الإجراءات جزء من سياسة ضبط الهجرة، حيث تهدف إلى تطبيق ضوابط قانونية صارمة على تدفق المهاجرين، وتحديد هويتهم بشكل دقيق. ويردف؛ هذه التدابير تهدف إلى توفير الأمن وحماية البلد من التهديدات المحتملة التي قد تنجم عن تدفقات المهاجرين غير النظاميين. 

تتمتع موريتانيا بموقع استراتيجي وموارد طبيعية هائلة من النفط والغاز، وهو ما يمكنها من تحقيق نمو اقتصادي مرتفع، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الموريتاني بنسبة 5% في العام الحالي، بفضل العائدات المرتفعة من قطاع التعدين، وخاصة من الذهب والحديد والنحاس، فضلا عن استغلال الحقول النفطية الجديدة. وتمثل هذه الثروات الطبيعية فرصة حقيقية للبلاد لتحسين مستويات المعيشة والحد من الفقر.

فقد أظهرت الدراسات أن العائدات من قطاع الطاقة والمعادن ستكون عاملا محوريا في معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، مثل البطالة والفقر. يرى رئيس مركز ديلول للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أحمد أمبارك الإمام، إلى أن "فتح موريتانيا لهذه المعابر الجديدة يمكن أن يسهم في تسهيل حركة الأفراد وتيسير عمليات التجنيس، وهو ما يعكس السعي نحو تعزيز التنقل البشري والتنمية الاجتماعية". 

ورغم الفرص الاقتصادية الي توفرها هذه الخطوة، فإن موريتانيا تواجه تحديات أمنية خطيرة. فمع تزايد التوترات في منطقة الساحل وتفشي نشاط الجماعات الإرهابية، تظل هذه التحديات تهدد استقرار البلاد والأمن الإقليمي. ومن هذا المنطلق، يرى رئيس رابطة الصحفيين الموريتانيين، موسى بهلي، أن فتح المعابر الحدودية يشكل خطوة ضرورية للتحوط الأمي. حيث يمكن أن تساهم هذه الخطوة في تنظيم تدفق المهاجرين من دول أفريقيا المجاورة، مما يساعد في تقليل المخاطر الأمنية الناجمة عن الهجرة غير المنظمة. 

من جهة أخرى، تبرز موريتانيا في سياق التحولات الإقليمية، حيث يتزايد التعاون مع المغرب بشكل ملحوظ. فقد تم الإعلان عن فتح معبر جديد يربط بين السمارة في المغرب وموريتانيا، وهو خطوة استراتيجية لتعزيز التكامل الاقتصادي بين البلدين. وأكد وزير الداخلية الموريتاني، محمد أحمد ولد محمد الأمين، أن هذا المعبر يعد حجر الزاوية لتوسيع التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين، بما يسهم في تعزيز الروابط التجارية والسياسية. ويعتبر هذا المعبر إضافة نوعية للعلاقات الاقتصادية بين موريتانيا والمغرب، وهو ما يعكس التوجهات الإقليمية لتوسيع الشراكات الاقتصادية في ظل الأوضاع الراهنة.

الآثار الاقتصادية والتجارية من المتوقع أن تساهم المعابر الجديدة في تعزيز حركة التجارة بين موريتانيا ودول الجوار، بما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. فتح المعابر سيسهم في تسهيل حركة البضائع والسلع، مما يعزز من قدرة الشركات المحلية على الوصول إلى أسواق جديدة وزيادة صادراتها. كما أن هذه الخطوة ستتيح للبلدان المجاورة تسهيل تجارتها عبر المعابر الموريتانية، مما ينعكس بشكل إيجابي على الأداء الاقتصادي في المنطقة.

يؤكد الدكتور والخبير السياسي ديدي ولد السالك أن البعد الاقتصادي هو المحرك الرئيسي لهذا الموضوع، مشيرا إلى أن موقع موريتانيا الجيوستراتيجي كبوابة لإفريقيا جنوب الصحراء يجعلها محورا للتجارة الإقليمية والدولية. ويضيف أن هذه الديناميكية تعكس مصالح اقتصادية تتجاوز الاعتبارات السياسية المباشرة، حيث تسعى الدول والشركات للاستفادة من موقع البلاد لتعزيز التدفقات التجارية والاستثمارات.

ويعكس هذا التوجه رغبة قوية في تعزيز التعاون الاقتصادي بين موريتانيا ودول الجوار، حيث يساهم التعاون التجاري في تخفيف حدة التوترات بين الدول، مما يسهم في استقرار المنطقة بشكل عام، في الوقت نفسه، يتوقع أن ينعكس هذا التعاون على الاستقرار السياسي في موريتانيا، حيث يسهم الاقتصاد في تعزيز الاستقرار الداخلي وتخفيف الأزمات الاجتماعية. 

بالرغم أن فتح المعابر الجديدة يعد خطوة هامة نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية بين موريتانيا ودول الجوار، فإن التساؤلات حول مغزى هذه الخطوة تظل قائمة، هل هي مبادرة تهدف إلى خلق انفتاح اقتصادي حقيقي، أم أن هذه الخطوة ما هي إلا استجابة للضغوط الأمنية والسياسية المتزايدة في المنطقة؟ ما يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه المعابر ستكون نقطة تحول استراتيجية في مسار موريتانيا الاقتصادي، أم أنها مجرد رد فعل لمواجهة التحديات الراهنة. وفي ظل هذه التحولات، تظل موريتانيا في موقع استراتيجي قد يجعلها نقطة محورية في مجال التجارة والنمو الإقليمي، إذا ما أحسنت إدارة هذه التحديات وأدارت هذه التحولات بشكل يتماشى مع متطلبات العصر. 

لماذا يجب أن نعامل الجزائر بالمثل؟

فجأة ودون مقدمات، ودون تفسير، ودون أسباب واضحة، قررت الجزائر، اعتبارَ نائب القنصل العام المغربي في هران "شخصا غير مرغوب فيه"، وإمهاله 48 ساعة لمغادرة البلاد. ولم تكلف الخارجية الجزائرية نفسها عناء تقديم أي ...

استطلاع رأي

بعد 15 شهرا من الحرب على غزة أدت إلى مقتل 46 ألفاً و913 شخصا، وإصابة 110 آلاف و750 من الفلسطينيين مع دمار شامل للقطاع.. هل تعتقد:

Loading...