تَحقيق.. تفاصيل تضخيم صفقة بوزارة الصّحة بما يُقارب الأربعة ملايير سنتيم!
فضيحة من العيار الثقيل تهز وزارة الصحة بعد أيام قليلة من احتمال مغادرة أنس الدكالي منصبه الوزاري.
وفي تفاصيل هذه الفضيحة، حسب المعطيات التي حصلت عليها "الصحيفة"، فقد أقدمت وزارة الصحة، أمس، على فتح الأظرف المتعلقة بطلب عروض الأثمان لأجل شراء وحدات متنقلة طبية تخص الوزارة، وهي الصفقة التي تقارب قيمتها السبعة ملايير سنتيم، ورست على شركتي "بروماميغ"، و"رياكتين" المنتسبان لشركة أمريكية مختصة في توريد الأجهزة الطبية.
تفاصيل تمرير هذه الصفقة هي ما وصفتها مصادر "الصحيفة" بـ"الفضيحة"، بعد أن تضخمت قيمتها المالية في صفقات مشابهة إلى ما يقارب الأربعة ملايير سنتيم، لنفس المعدات، وبنفس تفاصيل الصفقة تقريبا.
وتصل قيمة الصفقة التي حازت عليها شركتي "بروماميغ" و"رياكتين" قرابة السبعة ملايير سنتيم، تخص شراء 06 وحدات متنقلة طبية للفحص بالأشعة لداء السل، والتي تم اقتناءها بـ 16.848.000,00 درهما أي 2.808.000,00 درهما للوحدة المتنقلة والحال أن نفس المعدات تم شراءها في صفقة سابقة بـ10.800.000,00 درهما أي مائة مليون درهم للوحدة، مع العلم أن الوزارة خصصت الكلفة التقديرية في الصفقة بـ"أربعة عشرة مليون و أربع مئة ألف درهم"، في الوثائق الرسمية للوزارة، حيث وصل الفارق إلى ستة ملايين درهم.
كما تم في نفس الصفقة اقتناء 06 وحدات متنقلة طبية للتصوير الشعاعي للثدي وأمراض النساء بـ 29.759.000,00 درهما أي 4.959.833,00 للوحدة، وبالمقارنة مع الثمن المتداول في صفقات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكذاومؤسسة "لآلة سلمى" في الصفقة رقم 1/2017/DPPAG/SG مثلا للسنة قبل الماضية، فثمن الوحدة الطبية للتصوير الشعاعي للثدي وأمراض النساء لم يتجاوز 1.500.000،00 درهما، وهو ما يَعني أن هذه الصفقة تم "تضخيمها" ثلاثة مرات بالمقارنة مع نفس الوحدات، وهو ما ضيّع على الدولة أكثر من ثلاث ملايين من الدراهم في صفقة واحدة، مع العلم أن التكلفة التقديرية في طلبات العروض هو خمسة وعشرون مليونا ومئتي ألف درهم.
أما الحصة الأخيرة من نفس الصفقة والتي تم اقتناء خلالها 06 وحدات متنقلة طبية لفحص العيون، والتي خصصت لها تسعة عشر مليونا ومئتي ألف درهم في إعلان طلبات العروض، فقد انتقل ثمنها من تسع مليون درهما أي مليون ونصف درهما للوحدة خلال صفقة مماثلة في سنة 2017 إلى مليارين ومائة ألف درهما أي ثلاث مليون ونصف درهم للوحدة في صفقة هذه السنة، وهو ما يوضح الفوارق الكبيرة في القيمة المالية خلال سنتين فقط!
وحسب مصادر من داخل وزارة الصحة، فإن ست شركات وضعت عروضها للتنافس على هذه الصفقة، ليفاجأ الجميع بأن هناك شركة سابعة وضعت ترشيحها "خارج" الآجال القانونية التي يسمح بها قانون الصفقات العمومية وهي نفسها التي فازت بجزء كبير من الصفقة أعلاه.
وللتفصيل أكثر، فإن مثل هذه الوحدات تم اقتناءها خلال سنة 2017 تحت رقم 1/2017/DPPAG/SG بأقل ثلاث مرات مما تم هذه السنة، كما سبق لعمالتي سلا وتمارة شراء نفس الوحدة وبنفس السعر، أي أقل بكثير ما تم في صفقة هذه السنة.
هذا، وأكدت نفس المصادر أن الشركة المحظوظة ماهي إلا الشركة التي حازت على صفقات عديدة في عهد وزير الصّحة أنس الدكالي الذي سبق أن أصدر مرسوم تعديلي صادر يوم 12 فبراير 2019، يَسحب صلاحيات التعيينات في مناصب المسؤولية، وكذا المراسيم والقرارات التنظيمية للكاتب العام (الذي أقيل)، كما حدد شروط التفويض الممنوح له بخصوص المصادقة على الصفقات التي تبرمها مصالح الوزارة، وفسخها إذا كان مبلغها لا يفوق 500 مليون سنتيم.
في حين كان المرسوم السابق يمنحه التفويض للمصادقة على الصفقات وفسخها بدون قيد أو شرط، كما سحب منه تفويض الإمضاء أو التأشير نيابة عن الوزير على الإذن المسبق أو النهائي المتعلق بإنشاء أو فتح المصحات الخاصة والمؤسسات المماثلة لها أو كل تغيير يطرأ عليها.
الوضعية التي جعلت الوزير الدكالي يُسابق الزمن السياسي واستفرد بالصفقات التي تفوق قيمتها 500 مليون سنتيم، من خلال تشكيل لجنة استشارية للصفقات العمومية تشتغل مباشرة تحت إمرته، عبر توجيهه مذكرة إلى جميع المصالح المركزية واللاممركزة التابعة لوزارته، بخصوص قرار إحداث لجنة استشارية للصفقات العمومية.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :