استقالة العمّاري.. "ترنـد" على "الميديا" بلا وثيقة رسمية.. وهذه تفاصيل الحكاية
انتشر خبر تقديم إلياس العماري لاستقالته صباح أمس السبت من رئاسة مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة كما النار في الهشيم، حتى أنه تحول بسبب هذا التداول واسع النطاق على مستوى عدد كبير من المواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي إلى "تـرنـد" حقيقي في ظرف زمني قياسي.
الصيغة المشتركة في مضمون الخبر المتداول بين عدد من المواقع الإخبارية تقول إن "مصادرا موثوقة ومقربة أكدت وضع إلياس العماري لاستقالته صباح يومه السبت من رئاسة مجلس الجهة على مكتب الكاتب العام لولاية الجهة". وهو الخبر الذي لم يـر فيه إلياس العماري، في تصريح له لموقع "le12"، أي جديد على اعتبار أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الترويج لخبر استقالته، مؤكدا أنه عندما سيقرر الاستقالة سيعلم الجميع بقراره.
وبالعودة إلى سياق تسارع تطور الأحداث بجهة الشمال، وحالة التشنج التي بلغت خلال الأسبوع الأخير مداها بين أعضاء المجلس، والتي زكّتها الغزارة في المواد الإخبارية التي تقول بوجود مشاكل كثيرة لدى رئيس الجهة، من جهة مع السلطة الإدارية والمعني بالأمر هنا تحديدا هـو والي الجهة محمد امهيدية، ومن جهة ثانية مع بعض الفرق السياسية المشكلة لأغلبية المجلس والتي يرى عدد من أعضائها أنه حان الوقت لتضييق الخناق على العماري وازاحته من على رأس الجهة. وهي التسريبات والمناوشات السياسية التي لعب فيها أحمد الادريسي عضو مجلس الجهة ورئيس الجماعة القروية اگزناية وأحد أبرز قيادات "تيار المستقبل" دورا محوريا في نشرها وتعميمها والتأثير على أعضاء مجلس الجهة للانقلاب على العماري.
القول بوجود مشاكل لا يمكن القفز عليها بين رئيس الجهة وأعضاء المجلس من تيارات سياسية مختلفة، يدفعنا إلى إعادة شريط المسار السياسي للجهة إلى بداية الولاية الحالية، ذلك أن العماري الذي يُسوَّق على أنه بات من الضروري التخلص منه اليوم، هو نفسه العماري الذي فـاز برئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة بـ42 صوتا من أصل 63 صوتا يمثلون عضوات وأعضاء مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة.
كما أنه هو نفسه العماري الذي كثيرا ما أكد أعضاء مجلس جهة الشمال في أكثر من مناسبة على أنه أسس لأسلوب جديد في إدارة الجهات بالمغرب بسبب سعية الدائم إلى خلق شراكات وتنويعها مع فاعلين اقتصاديين عالميين مكنت من جلب استثمارات مهمة للجهة، كانت من أهمها تمسكه بإنشاء مدينة "طنجة-تيك"، إضافة إلى حرصه كرئيس للجهة على المساهمة في دعم عدد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والبنيات التحتية بأقاليم وجماعات جهة الشمال. كما أنه هو نفسه إلياس العماري الذي تُحقِّقُ دورات مجلس الجهة في عهده أكبر نسبة إجماع خلال المصادقة على نقط جداول أعمالها.
يبقى التأكيد على أن الصراع الدائر بين تياري "الشرعية" و"المستقبل" الذين يحاولان اقتسام مساحات النفوذ داخل حزب الأصالة والمعاصرة، قد انتقل فعليا وبفعل فاعل إلى داخل مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، وهو ما ستكون له تداعيات سواء على مستوى حال ومآل الحزب أو على مستوى طريقة وأسلوب تدبير جهة الشمال.
تبقى الإشارة إلى أن إلياس العماري سبق له أن أعلن عن عزمه تقديم استقالته من رئاسة جهة طنجة تطوان الحسيمة، لكن في الوقت المناسب، وذلك خلال الندوة الصحفية التي عقدها قبل سنتين بالمقر المركزي لحزب الأصالة والمعاصرة حيث أعلن وبشكل رسمي عن قرار استقالته من الأمانة العامة لحزب "الجرار".
ليبقى السؤال المفتوح على كل الاحتمالات هو: بالنظر إلى ما آلت إليه الأوضاع التنظيمية والسياسية لحزب الأصالة والمعاصرة مباشرة بعد استقالة إلياس العماري من الأمانة العامة للحزب، كيف سيكون مصير جهة الشمال بعد استقالته، إذا ما تحقق في وقت ما، وما مصير كل ما تم تحقيقه من تراكم على مستويات عدة؟