خلفيات الصراع بين كبريات شركات طيران الخليج حول «سماء المغرب»
يبدو أن التنافس بين كبريات شركات الطيران الخليجية، نحو وجهة المغرب، دخل منعطف الصراع الكبير حول من يظفر بحصته من سوق السياح ورجال الأعمال الأسيويين المتوجهين إلى المملكة بعد رفع الأخيرة التأشيرة عن الصينيين، وكذا التطور الملحوظ لحركة المسافرين جوا والراغبين في التوجه إلى غرب إفريقيا ممن يفضلون "الترانزيت" أو العبور عن مطار محمد الخامس، حيث يكملون رحلاتهم عبر الخطوط الملكية المغربية التي "تتسيّد" سماء غرب إفريقيا.
ودخلت الخطوط القطرية في "صراع" كبير مع الخطوط الإماراتية سواء التابعة لحكومة دبي "الإماراتي" أو "الاتحاد" التابعة لحكومة أبو ظبي، حول حصة السوق المغربية، خصوصا بعد الرعبة الكبيرة التي أبدتها الخطوط السعودية، وكذا التركية في توسيع وجهاتها نحو المغرب، بعد فتحهما خط جدة مراكس، بالنسبة للسعودية، وخط إسطنبول مراكش بالنسبة للتركية.
أصلُ الحكاية
في نوفمبر من عام 2016 ستنشر وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية، تصريحات لـ"أكبر باكر" وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، يتحدث فيها عن نية "القطرية للطيران" شراء حصة في الخطوط الملكية المغربية، معبرًا عن تطلع شركته إلى الحصول على حصة تتراوح بين 25 و49% في الناقلة المغربية، التي تتسيّد النقل الجوي في غرب إفريقيا.
وعاد رئيس الشركة القطرية للحديث عن الموضوع وتأكيده خلال لقاء مع الصحافة المحلية والدولية، في الدار البيضاء خلال الآونة الأخيرة، وقال إن هذه العملية يُراد من خلالها العمل على تحويل مطار "محمد الخامس" بالدار البيضاء إلى مركز طيران بالنسبة لأوروبا وأفريقيا وأميركا.
ولتدعيم رؤية "القطرية" لخطتها التوسعية في المغرب، أطلقت أول خط جوي يربط بين مدينة مراكش والعاصمة القطرية الدوحة، لتضيف هذه الوجهة السياحية إلى شبكة وجهاتها في العالم.
كما أعلنت "القطرية"، عن إطلاق ثلاث رحلات أسبوعية مباشرة بين الدوحة والرباط، عبر طائرة من طراز بوينغ 787 دريملاينر، اعتبارا من شهر ماي الجاري، وأوضحت الناقلة القطرية (المملوكة للدولة)، في بيان لها، أن هذه الخطوة تأتي في إطار "تعزيز اتفاقية مشتركة في مجال الأعمال مع الخطوط الملكية المغربية بهدف زيادة عدد الرحلات بين الدوحة وعدد من المدن المغربية، تلبية للإقبال المتزايد على السفر إلى المغرب".
وخلال العام الجاري، ردت الخطوط السعودية بسرعة عن زحف "القطرية" حيث أعلنت أنه ابتدءًا من شهر يونيو، عن اطلاق رحلات مباشرة، ومنتظمة إلى “مراكش”، ثاني وجهاتها الدولية الجديدة خلال عام 2019 بعد العاصمة اليونانية (أثينا) وهي الوجهة الثانية في المملكة المغربية بعد الدار البيضاء، وذلك بواقع ثلاث رحلات أسبوعيا في الاتجاه الواحد أيام الثلاثاء والخميس، والسبت من كل أسبوع على متن طائراتها من طراز بوينغ (B787-9) دريملاينر.
الإماراتيون يرفعونَ التحدي
وبالعودة إلى عام 2016، أيّ بداية "الصراع" على سماء المغرب، حطت، أول طائرة تابعة لشركة "الاتحاد الإماراتية" للطيران، قادمة من مدينة أبوظبي، على مدرج مطار "الرباط-سلا"، في رحلة جوّية هي الأولى من نوعها تربطُ العاصمة المغربية بالعاصمة الإماراتية، أبوظبي.
وبعدما اشتد التنافس الخليجي واحتد الصراع الاقتصادي بين "القطرية" و"الإماراتية" و"الاتحاد" في غمرة سباقاتهم نحو "مطار محمد الخامس" كسر الإمارتيون، جدار الصمت المطبق، بعدما أعلنت "الإماراتية" إنزال طائرة الإيرباص ضمن خطوطها الحيوية إلى مطار "محمد الخامس" بالدار البيضاء، في أول رحلة منتظمة لهذا الطراز من الطائرات إلى المغرب وإلى دول شمال افريقيا، حيث توفر هذه الطائرة ذات الطابقين 982 مقعداً يومياً، ذهابا وإيابا، بين الدار البيضاء ومركز طيران الإمارات بدبي.
الأتراك يدخلون التنافس
في خضم هذا التنافس على وجهة المغرب، دخل الأتراك عبر طيرانهم الوطني "التركية" إلى مجال التنافس حول "الرحلات الجوية" إلى المغرب، حيث أعلنوا بدورهم عن إطلاق 5 رحلات مباشرة أسبوعياً بين إسطنبول ومدينة مراكش.
وأكدت الشركة التركية، إنه مع افتتاح الخط الجديد ارتفع عدد وجهاتها العالمية إلى 308 وجهة، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول عن بيان للمكتب الإعلامي للخطوط التركية، مضيفة أن خطها الجديد إلى مراكش، يأتي بحكم أن "المدينة" الحمراء أصبحت وجهة عالمية للسياحة.
ويأتي تسابق شركات الطيران الخليجية على وجهة المغرب، لعدة عوامل اقتصادية، من بينها ارتفاع عدد السياح من الدول الآسيوية، خصوصا من الصين نحو المغرب بعد إلغاء المملكة التأشيرة على هذه الدولة الاسيوية التي تصدر ما يزيد عن 100 مليون سائح سنويا، لمختلف دول العالم.
ويعتمد الصينيون كما السياح من مختلف دول آسيا المتوجهين إلى المغرب على خطوط الطيران الخليجية، أو التركية، من خلال التوقف في كل من دبي، أبو ظبي، الدوحة، أو عبر مطار اسطنبول، وهو ما جعل وجهة المغرب مغرية لمختلف شركات الطيران الخليجية، للظفر بحصة من السياح ورجال الأعمال الأسيويين المقبلين على المغرب، أو المتوجهين إلى غرب إفريقيا، الذين أصبح لزاما عليهم جعل مطار محمد الخامس الدولي، "ترانزيت"، ومحطة عبور نحو مختلف الدول الإفريقية.
وعززت البيانات المتعلقة بحركة الطيران الحيوية التي يتمتع بها القطاع، إذ أنه قبل اعتماد مفهوم الأجواء المفتوحة (2004) و2018، تضاعفت قدرة الاستقبال من 3 ملايين مسافر إلى أكثر من 11 مليونا، حاليا.
وأشار تقرير البيانات السياحية الصيني الافريقي مؤخرا إلى وصول التبادل السياحي بين الصين والدول الافريقية إلى 1.426 مليون سائح منهم 797.8 ألف سائح صيني زاروا افريقيا بينما زار 628.3 ألف سائح افريقي الصين عام 2017، منهم الكثيرون ممن جعلوا من المغرب وجهة مفضلة للسياحة أو الأعمال، أو من خلال جعل محطار محمد الخامس وجهة عبور نحو بلدان أخرى.
وينتظر أن تدخل الخطوط الملكية المغربية، قبل نهاية السنة الجارية، هذا السباق، من خلال فتح خط مباشر مع إحدى المدن الصينية، كما أكد مصدر مطلع من داخل "لارام" عن نية الخطوط الملكية المغربية فتح خط في اتجاه دبي، لما يعرفه هذا الخط من إقبال كبير خلال السنوات الماضية، وتطوره الملحوظ في عدد الركاب الذين يفضلونه.