العالم القروي وسط جائحة كورونا.. بين لغة الطمأنة والمخاوف من تداعيات الأزمة
يعيش القطاع الفلاحي، بصفته محركا أساسيا ورافعة للاقتصاد الوطني المغربي،
على وقع تداعيات جائحة "كورونا"، التي ترتبت عنها أضرار اقتصادية كبيرة،
إسوة بكل دول العالم، حيث من المنتظر أن ينعكس الركود الذي يعرفه المجال الحيوي على
التوازن الاجتماعي ومؤشر التنمية.
في المغرب، وبالرغم من تضرر الاقتصاد الوطني، بسبب الجائحة، إلا أن الدولة
بادرت إلى إحداث صندوق خاص لتدبيرها، من خلال مبادرة ملكية انخرطت فيها جل فعاليات
المجتمع، ما من شأنه أن يعود بالنفع على الأسر المتضررة، خاصة بالعالم القروي، في
انتظار التقارير المقبلة ومدى انعكاس الأزمة على الأرقام المرتبطة بالقطاع
الفلاحي.
القطاع الفلاحي.. مساهمة نشيطة في الناتج الداخلي الخام
أعلنت وزارة الفلاحة خلال آخر تقاريرها السنوية، أنه بفضل المجهودات المتظافرة
لوزارة الفلاحة والمهنيـن، عـرف تطـور الناتـج الداخلـي الفلاحــي الخــام منحــى تصاعديــا
منــذ ســنة 2018.
هذا، وساهمت التعبئة النشــيطة لــكل الفاعلن حول استراتيجية مخطط المغرب الأخضـر، إلى إعادة تموضـع القطاع الفلاحــي فــي قلــب الاقتصــاد كمحــرك للنمو، بمعدل ناتـج داخلي فلاحـي خـام (مـا بين 2008 و 2018) يتجــاوز 106 مليــار درهم في السنة، أي بزيادة 58 بالمئة مقارنـة مـع المعـدل المسـجل ما بين 2000 و 2007 .
في سنة 2018، سجل القطاع الفلاحي للسنة الثانية على التوالي نتائج مرضية، مستفيدا
فـي ذلـك مـن الظـروف المناخيـة الملائمـة، المتسمة بتوزيع جيد للتساقطات المطرية.
وهكـذا، مكـن الموسـم الفلاحـي 2018/2017 مـن تحقيـق محصول مـن الحبـوب يناهـز
103 مليـون قنطـار، بارتفاع نسـبته % 7.3 مقارنـة مـع 2017، وقـد مكـن هـذا الأداء الجيـد مـن الدفـع بالناتـج
الداخلـي الفلاحـي الخـام نحـو الأعلـى بنسـبة قدرهـا % 2.4.
وقـد تقـوى قطـاع تربيـة المواشـي كذلـك
مسـتفيدا مـن تحسـن المراعـي والموفـورات الكلئيــة، وبالفعــل، بلغــت القيمــة المضافــة
الفلاحيــة لموســم 2017-2018 قرابــة 125 مليــار درهــم
منذ انطلاقتــه، أعطــى مخطــط المغــرب الأخضــر أهميــة كبــرى للتنويــع
والتحــول مــن الزراعــات التقليديــة، المتســمة بالهشاشـة تجـاه التقلبـات المناخيـة
وانعكاسـات اتفاقيـات التبـادل الحـر، نحـو زراعـات تنافسـية وذات قيمـة مضافة مرتفعـة. وقـد مكنـت ترسـانة التدابيـر هاتـه مـن
تغييـر بنيـة الناتـج الداخلـي الفلاحـي الخـام التـي تميـزت بانخفاض حساسـيته تجـاه
تقلـب إنتـاج الحبـوب وكـذا، مـن تقويـة مرونـة فلاحتنـا.
مــا بـين 2008 و 2018، تــراوح وزن الناتــج الداخلــي الفلاحــي الخــام مـا بين 12 و 14 بالمئة مــع معــدل قــدره %.812, وهكـذا، تقدمـت مسـاهمة القطـاع الفلاحـي فـي النمـو الاقتصـادي بشـكل محتـرم بمرورهـا مـن 7.3بالمئة إلــى قرابــة %17,3.
الفلاحة المغربية. .أهمية اليد العاملة
تتميز اليد العاملة في القطاع الفلاحي بكونها الأكثر وفرة، بما أنها تشغل 40 % من اليد العاملة النشيطة على المستوى الوطني إلا أن وفرة اليد العاملة تنتابها عدة شوائب، حيث أن الأبحاث في الميدان تؤكد صعوبة ظروف العمل في هذا الميدان ووثيرته الفصلية (غير المنتظمة) والتي توفر أجرا كافيا وقارا وخاصة في حالة الاضطرابات الجوية أو تقلبات السوق. بل أسوأ من هذا، إن المداخيل المحصلة عن العمل الفلاحي هي في الغالب ضئيلة و أقل من الدخل الدنيوي المحدد في (64 درهم في اليوم).
بالإضافة إلى هذا فإن عدة مهام فلاحية تتطلب جهدا شاقا و يوميا، خاصة تلك المتعلقة
بتربية المواشي والتي تتطلب مدة زمنية طويلة، ومن تمً ينفر الشباب من مزاولة هذه المهنة،
مما يؤدي إلى صعوبات متزايدة لأجل مواصلة الاستثمار في هذا الميدان.
وبالرغك من المجهودات المبذولة من قبل الدولة للنهوض بالاستثمارات في التقنيات الفلاحية و أدوات الري.، إلا أنها لم ترق للمستوى المطلوب لأجل تكوين العامل البشري الذي يزاول نشاطا فلاحيا؛ فمثلا شبكة الري المعتمدة على اقتصاد الماء (قطرة-قطرة) ثمنها يصل إلى 40000 درهم و 80 % منها تموله الدولة، ويتم تسليم هذه الشبكة ووضعها كما يتوصل الفلاح بإعانات من الدولة و لكن اليد العاملة لا تستفيد بأي تكوين حول كيفية استعمال وصيانة هذه الأدوات يوميا. ويحدث أن يتم سحب شبكة الري، بعد مرور بضعة أشهر ويعود بعدها الفلاح إلى طرق الري( الشاقولية) المعتمدة على نظام ضخ المياه.
ونفس هذه الحقائق و الملاحظات يمكن الوقوف عليها فيما يخص تربية العجول والأبقار
حيث التحول إلى حلب الأبقار بطرق ميكانيكية لا يستمر لوقت طويل بسبب عدم كفاءة اليد العاملة و بالتالي ليس من الغريب أن نجد في
الإسطبلات آلات لحلب الأبقار تهترئ في الإسطبلات… وفي النهاية، ضعف استعمال هذه الوسائل المتوفرة بدعم من الدولة لأجل تشجيع الاستثمارات فيما يخص الأدوات الفلاحية،
يقلص نجاعتها ويحد من مردوديتها.
توقعات المندوبية السامية للتخطيط قبل الجائحة..
كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في تقريرها الأخير حول الميزانية الاقتصادية التوقعية لسنة 2020، أنه بالرغم من النتائج الجيدة المسجلة خلال السنتين الماضيتين، تأثر الموسم الفلاحي 2018-2019 بالظروف المناخية غير الملائمة، التي عرفت ضعفا في التساقطات المطرية وسوءا في توزيعها الزمني. وهكذا لم يتجاوز إنتاج الحبوب 52 مليون قنطار أي بانخفاض قدر ب 50% مقارنة بسنة 2018 وبـ 34% مقارنة بالمتوسط السنوي المسجل خلال الفترة الممتدة بين 2008 و2017.
غير أن النتائج
الجيدة لأنشطة الزراعات الأخرى خاصة أنشطة التشجير والزراعات الصناعية وزراعة
الخضروات قد ساهمت في تقليص تأثير حدة التراجع الذي عرفته زراعة الحبوب. وعرف إنتاج أنشطة زراعة الحوامض والزيتون خاصة
ارتفاعات كبيرة قدرت على التوالي ب 15% و22% مقارنة بالموسم الفلاحي المنصرم.
وستستقر منتوجات الثروة
الحيوانية التي يساهم إنتاجها بما يناهز 30% من الإنتاج الفلاحي الإجمالي، نتيجة
تأثر أنشطة تربية الماشية بشكل طفيف بضعف المراعي الزراعية والعجز في التساقطات
المطرية. غير أن هذه الأنشطة ستستفيد من المخزون الجيد من التبن والشعير، المكون
خلال الموسمين الفلاحيين الماضيين.
وهكذا ستتراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بـ %5,4 سنة 2019 عوض ارتفاع بـ 4% خلال السنة الماضية. وبناء على تحسن أنشطة الصيد البحري بـ %7,6 عوض انخفاض ب 11% سنة 2018، سيسجل القطاع الأولي انخفاضا ب %4,3 عوض زيادة بـ %2,7 خلال السنة الماضية. وبالتالي سيفرز مساهمة سالبة في نمو الناتج الداخلي الإجمالي بـ 0,5نقطة سنة 2019 عوض مساهمة موجبة ب 0,3 نقطة سنة 2018.
وستعرف الأنشطة غير الفلاحية، ارتفاعا بوتيرة %3,3 عوض %2,8 سنة 2018، خاصة نتيجة تحسن أنشطة القطاع الثالثي. غير أنها ستتأثر بمنحى التطور غير الملائم للأنشطة الثانوية، خاصة التباطؤ الملحوظ لقطاع المعادن والصناعات التحويلية. وهكذا ستسجل الأنشطة الثانوية، دون احتساب قطاع الطاقة، تراجعا في وتيرة نموها، لتنتقل من %2,8 سنة 2018 إلى%2,3 سنة 2019.
في خاتمتها، توقعت
المندوبية أن يواصل النمو الاقتصادي الوطني ارتباطه البنيوي بتطور القطاع
الفلاحي وسيبقى الاستثمار الوطني في منحا مستويات نموه الضعيف، المسجلة منذ الأزمة
الاقتصادية العالمية، كما سيواصل الادخار الوطني تسجيل تراجعات نسبة للناتج
الداخلي الإجمالي، وبالتالي استمرار تفاقم الحاجيات التمويلية. وسيتأثر النمو
الاقتصادي الذي انخفضت إمكانياته إلى %3 بعدة عراقيل تعيق مساهمته في التشغيل وإعادة توزيع الدخل اجتماعيا
وترابيا وتحسن مستويات المعيشة للسكان.
وزارة أخنوش.. الإنتاج الفلاحي مستمر بشكل عاد
أكدت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أن الإنتاج
الفلاحي يستمر بشكل عادي في احترام تام للأجندة المحددة مسبقا، مما يسمح بتموين مستمر
للسوق وبكميات كافية من المواد الفلاحية والغذائية.
وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، الخميس الماضي، أنه في إطار التتبع اليومي لوضعية السوق الوطني على صعيد جميع جهات المملكة، وفي سياق حالة الطوارئ الصحية المعلنة بالمغرب لمكافحة كوفيد-19، فإن النشاط والإنتاج الفلاحي مستمر بشكل عاد سواء من حيث المحاصيل أو الزراعات الجديدة، مؤكدة أن الفاعلين في القطاع يحافظون على مستوى الإنتاج والتوضيب والتحويل والتوزيع على وتيرة عادية لنشاطهم الإنتاجي.
وأضافت أن أسعار بعض المواد الغذائية التي شهدت زيادات عرضية، عادت إلى وضعها
الطبيعي، بينما ظلت أسعار المنتوجات الغذائية الأكثر استهلاكا مستقرة، مشيرة إلى أنه
بخصوص تعزيز مخططات توزيع الزراعات فإن توزيع الزراعات الذي تم وضعها خلال فصل الشتاء
وخاصة بالنسبة للخضروات الأكثر استهلاكا (الطماطم والبصل والبطاطس)، والتي هي طور الإنتاج،
سيسمح بتغطية الاحتياجات الاستهلاكية لهذه المنتوجات بشكل كبير خلال شهري أبريل وماي.
واعتبرت الوزارة أن توزيع الزراعات الربيعية يتم بشكل عادي، حيث بلغت النسبة
المنجزة بنهاية مارس الماضي 50 في المائة من البرنامج المحدد، فيما ستتم زراعة الباقي
خلال شهر أبريل، وسيغطي الإنتاج المتوقع للزراعات الربيعية والزراعات الصيفية الاحتياجات
الاستهلاكية بشكل كاف من هذه المنتوجات للفترة ما بين يونيو ودجنبر 2020.
وفي ما يتعلق بتأمين التموين من الحبوب والقطاني، أكد المصدر ذاته أنه يتم تموين
الحاجيات الوطنية من الحبوب والقطاني في ظروف جيدة، وقد مكنت التدابير المتخذة من طرف
الوزارة بتعاون مع الفاعلين في القطاع من تأمين التموين الوطني، حيث إن الواردات من
الحبوب والقطاني عززت من وضعية المخزونات، مما سيمكن من تغطية ما بين 3 إلى 4 أشهر
حسب المنتوج، خصوصا القمح والذرة والشعير والقطاني.
وذكرت الوزارة أن ارتفاع طلب المستهلكين المرحلي على هذه المواد، لاسيما الدقيق
والسميد، تمت تلبيته بشكل كاف بفضل الرفع من القدرات الإنتاجية لوحدات التصنيع، وقد
تجاوبت المطاحن الصناعية بسرعة مع هذا الطلب المتزايد من خلال الرفع من وتيرة العمل
والتوزيع.
وأكدت أن الحالة الصحية للقطيع الوطني جيدة، ويتم تتبعها عن كثب بجميع أنحاء
التراب الوطني من قبل المصالح الجهوية والإقليمية للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات
الغذائية بدعم من البياطرة العاملين في القطاع الخاص، مشيرة إلى استمرار عملية التلقيح
التي تم إطلاقها في شهر يناير الماضي لتغطية مجموع قطيع الأبقار والغنم والماعز والجمال
مواكبة الحكومة لتداعيات "كورونا" في العالم القروي..
أعلن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الثلاثاء، عن تدابير
جديدة لفائدة ساكنة العالم القروي للاستفادة من التعويضات التي أطلقتها الحكومة للمتضررين
من جائحة كورونا، حيث كشف، في مجلس المستشارين، أنه سيتم تخصيص وحدات بنكية متنقلة
من أجل استفادة ساكنة العالم القروي من الدعم المؤقت، على اعتبار صعوبة التنقل وتفاديا
للازدحام.
وتتواصل عبر مختلف أنحاء المغرب، عملية تقديم الإعانات المالية
للأسر المستفيدة من نظام المساعدة الطبية (راميد) التي يمنحها الصندوق الخاص بتدبير
جائحة كورونا (كوفيد-19)، الذي أحدث بتعليمات ملكية سامية، خاصة بالعالم القروي.
وتوزع هذه المساعدة المالية على الأسر المكونة من فردين أو أقل
(800 درهم)، والأسر المكونة من ثلاثة إلى أربعة أفراد (1000 درهم)، والأسر التي يتعدى
عدد أفرادها أربعة أشخاص (1200 درهم).