ثرثرة لمكالمة مُسرّبة تضع بودريقة ولقجع أمام قائمة من الاتهامات بـ"استغلال النفوذ"
لجأ محمد بودريقة، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، والرئيس السابق لفريق الرجاء الرياضي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إلى تحريك المساطر القانونية في حق مجموعة من الأشخاص، قاموا بتسريب تسجيل صوتي لمكالمة شخصية، عبر فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي.
المكالمة "الملغومة"
تورط محمد بودريقة، من خلال مكالمته الهاتفية المسربة مع طرف ثان، يدعي أنه من أنصار فريق الرجاء الرياضي، (تورط) من خلال إقحام اسم سعيد الناصيري، رئيس نادي الوداد الرياضي والعصبة الاحترافية لكرة القدم، الذي قال عنه المسؤول الكروي السابق إنه "لا يجب التضخيم من مرتبته، فهو ليس والي الدار البيضاء لكي يتم التحدث عنه بأهمية كبيرة"، مستعملا بعض الألفاظ الخارجة عن اللباقة.
وفي الوقت الذي دافع بودريقة عن الناصيري، في جوابه على سؤال حول جدوى الضغط على الأخير، باعتباره يجمع بين رئاسة فريق والعصبة الاحترافية كما ينتمي لحزب سياسي، قائلا: "لتكون رئيسا للعصبة يتحتم عليك أن تكون رئيسا لنادي"، وقع الرئيس السابق للرجاء في "المحظور"، عندما توجه لمخاطبه بالقول: "أي حاجة كاتكتبها تعتبر من باب التشويش.. الدبانة ماكاتقتلش لكن كاتبرزط"، على حد تعبيره.
التسجيل الصوتي السالف الذكر، والذي تم تسريب جزء منه، عن طريق أحد الصفحات المنسوبة للجسم الصحافي، ظل غامضا، إلى حين نشره في سياقه الكامل، حيث اتضح أن بودريقة يتحدث لمخاطبه عن الناصيري وليس شخصا آخر، كما تم الترويج له في البداية.
السياق العام.. جدلية الصراع بين بودريقة والزيات
أعاد تصريح جواد الزيات، رئيس فريق الرجاء الرياضي، الذي أدلى به، مساء السبت، خلال مقابلة عبر الصفحة الرسمية للنادي على "الفايسبوك"، (أعاد) محمد بودريقة للواجهة، بعد أن نسب للأخير، باعتباره رئيسا أسبق، عدم نجاح بعض المشاريع داخل النادي فضلا عن ملفات اللاعبين السابقين، كما هو الحال في قضية إسماعيل بلمعلم، التي تعود إلى حقبته التسييرية.
ولعل تصريح الزيات، استفز مجددا كبرياء سلفه على كرسي الرئاسة، كما حرك بعض المياه الراكضة حاليا، في ظل توقف النشاط الكروي بسبب أزمة "كورونا"، حيث أن تسريب "الأوديو"، جاء مباشرة بعد "لايف" الصفحة الرسمية وما تلاه من ردود أفعال للجهة "المعارضة" لسياسة جواد الزيات، ممن يعتبرون "موالين" للرئيس محمد بودريقة، في إطار الحرب الخفية بين التيارات داخل النادي "الأخضر".
مصادر "الصحيفة"، علمت عن وجود مجموعة من الفعاليات التي تشتغل عبر تطبيق "الواتساب"بصفة "استشارية" مع الرئيس جواد الزيات ومكتبه الحالي، أرادت الرد على الخرجات المعارضة لتوجهاتها العامة، بنشر "الأوديو" السالف الذكر، مع الاستعانة بصفحة منسوبة أنها لصحافية ما، من أجل "إيهام" الرأي العام أن بودريقة يقصد في حديثه "تجييش الذباب الالكتروني للتشويش على عمل الرئيس الحالي"، إلا أنه سرعان ما تأكد أن التسجيل مبتور من سياقه العام، حسب ما أوضحه المسوول نفسه، في تواصله مع الجريدة، ومن خلال نشر المكالمة كاملة، حسب تصريح لبودريقة.
دخول "الوداديين" على الخط
فصيل "الوينرز"، المناصر لنادي الوداد الرياضي، نشر، مساء أمس الأحد، بلاغا شديد اللهجة، ردا على المكالمة الهاتفية الأخيرة، التي "حملت في أحشائها تفاصيل متنوعة وخطيرة والتي لو كنا في أوروبا لوقع زلزال ولتحركت المحاكم والنيابات العامة لفتح تحقيقات لا حصر ولا حدود لها"، على حد تعبير المجموعة.
وأضاف البلاغ أن "المكالمة تحمل اعتراف بودريقة بأنه دائم الاتصال والتواصل بفوزي لقجع رئيس جامعة الكرة، من أجل التأثير على قراراته لحسم بعض القرارات لصالح فريق الرجاء" وأن المكالمة المسربة "ورطت بودريقة في التشويش على نادي الوداد ومحاربته والتطاول على منصب رئيسه وقذفه والتلفظ فيه بكلام يتنافى مع مبادئ القيم والأخلاق التي يستوجب أن تتوفر في مسؤول رياضي سابق وسياسي حالي".
هذ،ا وأفادت مصادر مطلعة، أن سعيد الناصيري، رئيس الوداد، سيكون مضطرا إلى التحرك وسلك السبل القانونية من أجل "الدفاع عن مصالحه والمصلحة العامة للوداد"، كما حثه على ذلك أنصار الفريق "الأحمر" وعدة جمعيات مدنية، كما هو الشأن بالنسبة لجمعيتي "العائلة الودادية" و"وداد أكسيون".
ما علاقة لقجع بالموضوع؟
فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لم يسلم من "البوليميك"، بعد أن ذكر اسمه ضمن المكالمة السالفة الذكر، حين أشعر بودريقة مخاطبه بأنه كان على تواصل بالمسؤول على الجهاز الكروي، في إطار الحديث عن مشاكل برمجة مباريات الرجاء في البطولة المحلية.
مقطع صوتي، اعتبره الطرف "الودادي"، ممثلا بفصيل "الوينرز"، أنه اعتراف من بودريقة على تواصله الدائم مع رئيس الجامعة فوزي لقجع، معتبرة إياه في خانة "التأثير على قراراته و تحصيل مكتسبات وامتيازات لصالح نادي الرجاء".
تأويلات "الوينرز" ذهبت إلى حد الربط بين كلام وبودريقة وملف مباراة الدفاع الحسني الجديدي والرجاء الرياضي، التي لم تجر بسبب اعتذار الفريق "الأخضر" عن خوضها والتي لم يتم البث فيها منذ أشهر من وقوعها، فضلا عن "كل تلك التوقيفات و المجازر التي ارتكبت ضد نادينا بوحشية و ظلامية"، والتي توجه فيها أصابع الاتهام، بصفة غير مباشرة، إلى الرئيس فوزي لقجع"، حسب ما أفاده بلاغ الفصيل الودادي.
وأضاف ذات الباغ أنه من "المؤسف في كل هذا أنه لم نكن نظن في يوم من الأيام، و لم نكن ننتظر أبدا أو نتوقع أنه سيأتي ذلك اليوم الذي سنرى فيه رئيس الجامعة الملكية لكرة القدم بكل أنفته وكبريائه يتلقى التعليمات و يسير وفق إملاءات جهات معينة! سمعة وقيمة ومكانة وكبرياء فوزي لقجع على المحك، ورطة حقيقية وفضيحة لم نر لها مثيلا منذ تسعينيات القرن الماضي"، يختم البلاغ المذكور.
اتهامات خطيرة من "الوينرز" إلى فوزي لقجع، ينتظر الرأي العام إن كانت ستحظى باهتمام المسؤوول الأول عن القطاع الكروي، حيث تم استغلال الشريط المسرب من أجل توجيهها، بلغة قاسية، تحمل في طياتها ضغطا، يتزامن مع آمال "الوداديين" في أن تحسم جامعة الكرة في مآل الموسم الكروي بإعلان الوداد بطلا للدوري، على اعتبار تصدره الترتيب إلى غاية توقف البطولة.
ما مصير "حمامة" بودريقة؟
في جلباب الرجل السياسي الذي ابتعد عن شؤون تسيير كرة القدم، بعد أن كان رئيسا لنادي الرجاء الرياضي ونائبا أولا لرئيس الجامعة، يطرح الرأي العام الرياضي تساؤلات حول مدى ارتباط الجدل الدائر بصراع سياسي، موجه ضد أحد رموز حزب التجمع الوطني للأحرار على حساب لون سياسي آخر، قد يقترن بالأسماء التي اقترن بها من خلال المكالمة الهاتفية.
حامل مشروع حزب "الأحرار" في تراب عمالة "درب السلطان-الفداء"، الذي ينشط أيضا في إطار أحد الجمعيات الاجتماعية من خلال عدة أنشطة خلال شهر رمضان، رأى نفسه محاصرا بالتسجيل المسرب ومدى تأثيره على شعبيته، في أفق الاستحقاقات التشريعية القادمة، التي يعتزم من خلالها الحصول على مقعد برلماني، كما ينال ثقة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، في إطار مشروع الحصول على المرتبة الأولى في الانتخابات وقيادة التشكيلة الحكومية المقبلة.
محمد بودريقة، من خلال ردود أفعاله الأخيرة، يرى أن العلاقة منعدمة بين ما يتم تداوله وشخصية الرجل على المستوى التدبير السياسي، مؤكدا وجود أشخاص يصطادون في الماء العكر وينتظرون سماع خبر "أخنوش يوبخ بودريقة.."، ليحصلوا على نشوتهم، كما جاء على لسانه، مؤكدا في الآن ذاته أنه قام باعتذار رسمي وسيلجأ إلى القضاء للدفاع على مصالحه، باعتباره "المتضرر الأول" من التسريب.