"إهمال" أم "مزايدات"؟.. نصبُ اليوسفي يُشعل صراعا بين الاتحاديين والبيجيدي
تسبب تدنيس نصب الوزير الأول الراحل عبد الرحمن اليوسفي في صراع سياسي جديد بين حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب العدالة والتنمية، مسرحها هذه المرة مدينة طنجة مسقط رأس الزعيم الاتحادي، إذ اعتبرت الكتابة الإقليمية لحزب "الوردة" أن مجالسًا منتخبة يقودها "البيجيدي" مسؤولة عن إهمال النصب، وهو ما اعتبرته الأخيرة "مزايدات سياسية".
وقالت الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي، في بلاغ أعقب تدنيس النصب التذكاري وتوصلت "الصحيفة" بنسخة منه، أن شارع عبد الرحمن اليوسفي، المكان الذي له "دلالة رمزية قوية"، تعرض لـ"اعتداء همجي بربري بئيس وجبان، قامت به جهات مجهولة بتدنيسها وتلطيخها للنصب التذكاري الرمزي المتواجد بمُنطلق الشارع بمقاطعة السواني".
وأورد اتحاديو طنجة أنه انتقلوا لعين المكان وعاينوا "حالة الإهمال الفظيع لجماعة طنجة ومقاطعة السواني لهذه المعلمة التاريخية ذات الدلالات السياسية والإنسانية الرمزية الكبيرة، إلى درجة الاندثار الكلي لكل الخطوط والكتابة والنقوش والألوان الدالة على اسم المرحوم المجاهد الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي على اللوحة الرخامية التي تحمل اسمه، والوضعية المهترئة التي أصبح عليها النصب التذكاري".
ودعا البلاغ المجلس الجماعي لطنجة ومقاطعة السواني، اللذان يقودهما حزب العدالة والتنمية بأغلبية مطلقة، إلى "إعطاء هذا النصب التذكاري العناية المناسبة لمستوى العناية الملكية السامية بشخص الأستاذ اليوسفي، ولمستوى مقام وتاريخ فقيد الأمة المغربية ابن طنجة، أحد رموز وأعمدة الحركة الوطنية المغربية وأحد المؤسسين الرئيسين لحزب الاستقلال وحزبي الاتحاد الوطني والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، رجل الدولة بامتياز الوزير الأول لأول حكومة التناوب التوافقي بالمملكة المغربية الذي خدم طوال حياته وطنه وشعبه دون تمييز ودون منطق حزبي ضيق"، على حد وصف الوثيقة.
وردا على ما جاء في بلاغ الاتحاد الاشتراكي، نفى محمد البشير العبدلاوي، عمدة مدينة طنجة في حديث لـ"الصحيفة"، أن يكون للجماعة أو للحزب أي موقف سلبي من اليوسفي أو أي نية لإهمال نصبه بدافع سياسي، مؤكدا أن المجلس الجماعي لطنجة "يعمل كل سنة على إعادة صيانة النصب الموجود في مدخل الشارع بالنظر لكونه مواجها للشمس والمطر".
وتابع العبدلاوي أن الجماعة "بعثت أمس شخصا متخصصا لإعادة كتابة الاسم بعد واقعة الاعتداء، وهو الشخص الذي يقوم بهذا العمل سنويا ويتعلق الأمر خطاط محترف، لكنها فوجئت بأن جهات سياسية ومجتمعية سبقت للفكرة، وهو أمر لا مشكلة فيه ويدل على تقدير الجميع لذكرى اليوسفي وعنايته بالشارع الذي يحمل اسم الرجل باعتباره من معالم المدينة".
وأورد عمدة طنجة "شخصا كانت لي معه علاقة جد طيبة، وهو كان إنسانا متواضعا جدا وشديد الأدب، لدرجة أنه اتصل بي ليحضر إلى مكتبي من أجل إهدائي مذكراته، وأنا بدوري احتفيت به بشدة وكنت سعيدا باستقباله عندما أتى إلى مسقط رأسه حيث حظي بالتكريم من أبناء المدينة"، خالصا إلى أنه "لا يمكن لأي كان أن يحمل موقفا سلبيا من اليوسفي".
واعتبر العبدلاوي أن ما يقال عن جماعة طنجة لا يعدو أن يكون "مزايدات سياسية"، مشيرا إلى أن "المطلع على البوابة الإلكترونية للجماعة سيجد أننا نشرنا تعزية في وفاته، ثم نشرنا استنكارا لواقعة تدنيس نصبه أدنا فيها ما جرى بأشد العبارات"، داعيا الاتحاديين إلى "التحلي ببعض الموضوعية، فالجماعة طالما اعتزت بالمبادرة الملكية التي كرمت اليوسفي بمنح اسمه لأحد شوارع مدينة طنجة".
وكان بلاغ الاتحاد الاشتراكي قد اعتبر أن هذا الشارع يمثل "اعترافا بمقام وشخص ومكانة المرحوم اليوسفي لدى شخص الملك، وبالأدوار الكبيرة التي اضطلع بها"، موردا أن الاعتداء على النصب الذي يحمل اسمه يمثل "اعتداءً على إجماع كل المغاربة ملكا وشعبا على رمز يحيل على فقيد الأمة المغربية، وضربا لرمزية ودلالات العناية الملكية بشخصه"، داعيا السلطات العمومية إلى حماية المكان والاهتمام به.
يشار إلى أن النصب الموجود بمدخل الشارع الذي يحمل اسم الراحل اليوسفي، والذي دشنه هذا الأخير رفقة الملك بمناسبة عيد العرش سنة 2016، كان قد تعرض لاعتداء من طرف مجهولين بعد نحو يومين من وفاته وذلك غبر تلطيخه بالبراز، الشيء الذي دفع النيابة العامة إلى فتح بحث في الموضوع عن طريق الشرطة القضائية.