شريك الحكومة الإسبانية يَدعو لعلاقات دبلوماسية مع البوليساريو.. هل تلعب مدريد على الحبلين؟
طالب حزب "بوديموس" اليساري الراديكالي، المشارك في الحكومة الائتلافية الإسبانية، إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع جبهة البوليساريو، وذلك عبر ورقة نشرها بتاريخ 15 يونيو 2020 يكشف فيها موقفه من رفض القضاء الإسباني منح الجنسية لسيدة مزدادة في الأقاليم الصحراوية خلال فترة الاحتلال الإسباني، وهو الحكم الذي جاء بعد أيام قليلة من توقف الحكومة الإسبانية عن استخدام علم الجبهة الانفصالية.
واعتبر الحزب الذي دخل في ائتلاف مع الحزب العمالي الاشتراكي من أجل تشكيل حكومة يسارية عقب الانتخابات العامة المعادة التي أجريت في نونبر 2019، أن على إسبانيا إقامة "علاقات دبلوماسية رفيعة المستوى" مع "دولة" البوليساريو، بالإضافة إلى تأييد "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير" والوصول إلى حل عادل وسلمي انطلاقا من قرارات الأمم المتحدة و"من خلال الاستفتاء"، وفاءً لما اعتبره الحزب الراديكالي "وفاء من إسبانيا بمسؤوليتها التاريخية في الصحراء".
وتعاكس هذه الدعوة التوجه الذي تسير فيه الحكومة الإسبانية، والمعبر عنه عمليا من خلال التفاوض على مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية التي تشمل التراب المغربي، بالإضافة إلى مواقف وزيرة الخارجية وشؤون الاتحاد الأوروبي، أرانتشا غونزاليس لايا، التي قامت مؤخرا لأول مرة بنزع علم البوليساريو من خارطة القارة السمراء بمناسبة الاحتفال بـ"يوم إفريقيا"، وذلك قُبيل صدور حكم قضائي بمنع استخدام هذا العلم في اللقاءات الرسمية أو رفعه على المباني الحكومية باعتباره "رمزا لا يحظى بالاعتراف الرسمي".
ومن ناحية أخرى، أعلن "بوديموس" معارضته للحكم الصادر عن الدائرة المدنية الأولى بالمحكمة العليا الإسبانية، القاضي بعدم منح الجنسية الإسبانية لسيدة ازدادت في الصحراء إبان الاستعمار، على اعتبار أن هذه المنطقة كانت تعد جزءا من التراب الإسباني وتحمل اسم "المقاطعة رقم 53"، بل ذهب الحزب أبعد من ذلك حين طالب بمعاملة الصحراويين على غرار يهود "السفرديم"، وهم اليهود الذين طُردوا من الأندلس قبل قرون وقررت الحكومة الإسبانية قبل نحو 8 سنوات منحهم الجنسية.
وكانت المحكمة المذكورة قد أصدرت بتاريخ 29 ماي 2020، حكما يقضي برفض طلب سيدة مزدادة سنة 1971 بالصحراء من أجل الحصول على الجنسية الإسبانية باعتبارها مستعمَرة سابقة لإسبانيا، حيث أقر الحكم بأن الصحراء ليست أراض إسبانية، ما يعني ضمنيا عدم وجود مسؤولية تاريخية أو سياسية تربطها بهذه الرقعة الجغرافية، على خلاف ما يدعو إليه قادة البوليساريو.
ويعيش "بوديموس" بشخصية "مزدوجة" بخصوص ملف الصحراء، ففي الوقت الذي لا زال يدعم فيه الطرح الانفصالي كحزب انطلاقا من مرجعيته الإيديولوجية، لا يبدي معارضةً تُذكر من داخل الائتلاف الحكومي للتوجه الذي تسير فيه حكومة بيدرو سانشيز، والتي تسجل تقاربا غير مسبوق مع المغرب بخصوص هذا الملف، الأمر الذي دفع البوليساريو والجزائر إلى إعلان احتجاجهم عليه رسميا.
تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :