من المقاطعة إلى المحروقات مرورا بـ"تغازوت باي".. هل أخنوش صديق الملك أم سببُ إحراجه؟
لا زال العديد من المراقبين للوضع السياسي والاقتصادي بالمغرب يحاولون استيعاب مضامين بلاغ الديوان الملكي بخصوص الغرامات التي أصدرها مجلس المنافسة في حق شركات المحروقات، وعلى رأسها الشركات الثلاث التي تحتكر أكثر من نصف سوق التوزيع، وذلك بعدما قرر الملك محمد السادس إنهاء "التناقض" الموجود بين موقف رئيس المجلس ومجموعة من الأعضاء بتشكيل لجنة تحقيق تتضمن في عضويتها رئيس الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
ولا يمكن المرور على هذا الموضوع دون استحضار شخص عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، و"صديق الملك الذي قاسمه مائدة الإفطار الرمضانية" كما يوصف، فهو مذكور ضمنيا في مذكرة مجلس المنافسة باعتباره، حسب اللجنة البرلمانية الاستطلاعية التي كلفت بموضوع أسعار المحروقات سنة 2018، يتصدر الفاعلين في هذا المجال عبر شركته "أفريقيا"، بنسبة 29 في المائة من حصة السوق.
تحقيق ملكي حول المحروقات
وبالرجوع إلى المذكرة الأولى التي سلمها رئيس مجلس المنافسة إدريس الكراوي إلى الملك بتاريخ 23 يوليوز 2020، يتضح أن هذا الأخير حسم قراره بمعاقبة "أفريقيا" وشركات أخرى بغرامات تُقتطع من رقم معاملاتها السنوي، جراء تورطها في عمليات "تواطؤ" مع تجمع النفطيين، وهو الأمر الذي لم توقفه إلا مراسلة من طرف بعض أعضاء المجلس الذين اتهموا الكراوي بـ"الانتقائية" و"عدم التوازن" بل و"التصرف وفق أجندات شخصية".
واختار الملك إبعاد الحرج عن القصر في هذا الموضوع، إذ وفق ما جاء في بلاغ للديوان الملكي فإن "الارتباك المحيط بالملف والنسخ المتناقضة المقدمة" هي دوافع لتشكيل لجنة للتحقيق تضم في عضويتها رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس المجلس الأعلى للحسابات ووالي بنك المغرب ورئيس الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بتنسيق من لدن الأمين العام للحكومة، وهي اللجنة التي ينتظر أن تكشف ما إذا كانت شركات المحروقات متورطة ضرب استقلالية مجلس المنافسة.
غضبة تهدم "تغازوت باي"
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتدخل فيها الملك شخصيا في قضية أو مشاريع مرتبطة بأخنوش، ففي فبراير من العام الحالي وجد مشروع "تغازوت باي" السياحي نفسه في قلب غضبة ملكية أدت إلى هدم 52 من بناياته الفخمة بشكل جزئي أو كلي بالنظر لمخلفته قوانين التعمير، على الرغم من كونه جزءا مخطط "المغرب الأزرق" الحكومي الذي تشرف عليه وزارة السياحة والذي يهدف إلى تشجيع السياح المغاربة على ارتياد الفضاءات الساحلية.
وتبين أن هذا المشروع الذي رصد له مبلغ 400 مليون درهم، يساهم فيه صندوق الإيداع والتدبير بـ45 في المائة ومجموعة "سود بارتنرز" المملوكة لأخنوش بـ25 في المائة، وهي النسبة نفسها التي تعود للصندوق المغربي للسياحة، فيما تملك الشركة المغربية للهندسة السياحية نسبة 5 في المائة منه، الأمر الذي دفع الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى توجيه شكاية في الموضوع للوكيل العام للملد لدى استئنافية أكادير، نظرا لوجود شبهات "تبديد أموال عمومية وخرق قانون التعمير واستغلال النفوذ".
"أخنوش ارحل".. أمام الملك!
لكن أكثر الوقائع المحرجة لأخنوش هي تلك التي حدثت بطنجة في يونيو من سنة 2018 أمام الملك شخصيا، في غمرة حملة المقاطعة التي كانت تستهدف 3 شركات من بينها شركته "أفريقيا"، إذ عندما كان وزير الفلاحة والصيد البحري يرافق عاهل في مراسيم تدشين "مارينا طنجة" وميناء الصيد البحري بالمجمع المينائي طنجة المدينة، علت أصوات العشرات من الحاضرين بعبارات "أخنوش ارحل"، في واقعة ذكرت الكثيرين بهتاف الطنجيين ضد وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري، خلال أول زيارة للملك محمد السادس للمدينة بعد اعتلائه العرش.
وأظهرت فيديوهات انتشرت عقب الواقعة أن المواطنين الذين تجمعوا على الرصيف لاستقبال الموكب الملكي شرعوا بالهتاف باسم الملكي وإعلان الولاء له، قبل أن يبدؤوا بترديد عبارات تدعو الشخص الذي يوصف بأنه أقوى رجل في الحكومة بـ"الرحيل"، بل إن بعض الحاضرين اتهموه مباشرة بـ"استغلال المواطنين" وبالتسبب في "غلاء أسعار المواد الأساسية"، وهي الواقعة التي كانت من بين الأسباب التي دفعت أخنوش لإنفاق مبالغ طائلة من أجل تلميع صورته إعلاميا للحفاظ على طموحه في ترأس الحكومة سنة 2021.