"وقعنا على الالتزام وتُركنا لنموت جوعا".. سلطات طنجة تحبس أسرا بكاملها بحجة "العلاج المنزلي"
لا تبدو الطريقة التي تطبق بها سلطات مدينة طنجة البروتوكول العلاجي الجديد الذي أقرته وزارة الصحة مؤخرا، والذي يقضي بمتابعة بعض المصابين بفيروس كورونا للعلاج في منازلهم، (لا تبدو) ملائمة لأحوال العديد من الأسر التي وجدت نفسها حبيسة منازلها دون معيل ودون أن تجد من يستجيب لحاجياتها اليومية، وهو الأمر الذي دفع عددا من المرضى إلى خرق الالتزام الذي وقعوه بعدما ألم الجوع بأبنائهم.
واستمعت "الصحيفة" لتفاصيل تجارب مجموعة من مصابي كورونا بمدينة طنجة مع بروتوكول العلاج المنزلي، وتُجمع كلها على أن سلطات المدينة تطبق هذا الخيار بشكل "خاطئ" يهدف فقط إلى تخفيف الضغط على المستشفيات مع تحميل المسؤولية للمرضى عن طريق توقيع الالتزام، دون الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي للأسر وحاجياتها اليومية بما في ذلك المواد الغذائية والأدوية.
ووفق رواية مريض يقطن بأحد الأحياء الشعبية بمقاطعة بني مكادة، فإنه بعد تأكد إصابته بفيروس كورونا طلب منه قائد المنطقة التزام بيته رفقة زوجته المريضة هي الأخرى والتي ظهرت عليها أعراض الإصابة بشكل أكبر منه، قبل أن يتوصل من طرف عون سلطة بالاتزام للتوقيع عليه وذلك رغم وجود أطفاله غير المصابين بالمنزل، لكن مشكلة أخرى ستظهر بعد ذلك.
وتابع المتحدث أنه ظل لأيام دون مؤونة في ظل عدم قدرته على طلب ذلك من معارفه خوفا من نقل العدوى إليهم، الأمر الذي دفعه إلى الاتصال بمقدم المنطقة ثم بالقائد، واللذان وعداه مرارا بإيجاد حل لهذه المشكلة، قبل أن يفقد الأمل في تحركهما ما اضطره إلى الخروج إلى السوق بنفسه واقتناء حاجيات أسرته على الرغم من حمله للفيروس، معلقا "أعلم أنني قد أعدي أشخاصا آخرين، لكن أيضا لا يمكن أن أدع أطفالي يموتون جوعا، لقد كان على السلطات أن تعي هذا قبل أن تلزمنا بالحجر المنزلي".
وفي حالات أخرى يبدو المشهد أكثر غرابة، حيث يلزم أعوان السلطة عائلات بأكملها بالتزام الحجر المنزلي سواء تعلق الأمر بمن ثبتت إصابتهم أم لا، وهو ما يؤكده أحد المصابين الذين تحدثت إليهم "الصحيفة" والذي تأكد من إصابته بالفيروس بعد إجراء الفحص المخبري، ما دفعه إلى إخبار مقدم المنطقة من أجل إجراء الفحوصات لباقي أفراد عائلته، لكن كان لعون السلطة رأي آخر.
ويقول المتحدث إن المقدم عاد بعد يومين وهو يحمل كومة من الأوراق اكتشف أنها عبارة عن التزامات بالبقاء في الحجر المنزلي، حيث طلب منه تسليمها لجميع أفراد عائلته من أجل توقيعها، وهو الأمر الذي واجهه بالرفض، معلقا "في الوقت الذي كنت أنتظر فيه إجراء فحص كورونا لأفراد العائلة لمعرفة ما إذا كان أحدهم أيضا مصابا، أراد عون السلطة إبقاءنا جميعا محصورين داخل المنزل، متجاهلا أن هذا الأمر قد يتسبب في بؤرة عائلية".
وتثير طريقة تنزيل بروتوكول العلاج المنزلي بطنجة العديد من علامات الاستفهام، إذ يطلب من عدد كبير من المرضى متابعة العلاج في منازلهم دون الالتفات إلى مدى قدرتهم على ذلك، ففي العديد من الحالات يُطالب مصابون بعزل أنفسهم وهم يعيشون مع أسرهم ف