بدون جمهور.. الوداد والرجاء بدون "روح" إفريقيا أمام الأهلي والزمالك
ساهم غياب الجمهور عن المدرجات، بسبب الظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم بفعل جائحة "كورونا"، بشكل مباشر، في ظهور فريقي الرجاء والوداد البيضاويين، بوجه شاحب، خلال مواجهتيهما أمام قطبي كرة القدم المصرية، الأهلي والزمالك، لحساب ذهاب دور نصف نهائي مسابقة دوري أبطال أوروبا.
بعيدا عن التحليل التقني لهزيمتي الوداد والرجاء، فإن عامل غياب المناصرين عن مدرجات مركب محمد الخامس، أضعف ممثلي كرة القدم المغربية يوم الاختبار القاري المهم، لما يمثله ذلك من دافع للاعبين من أجل تحقيق نتيجة إيجابية، كما كان الحال في عديد المناسبات، حيث ساهم اللاعب رقم "12" في انتصارات مهمة لقطبي العاصمة الاقتصادية المغربية ودفعهم لتحقيق الألقاب.
قبيل موعد نصف نهائي، كانت الأجواء توحي بأن مبارتي الوداد أمام الأهلي والزمالك أمام الرجاء لن تمرا كما كان منتظرا، في زمن ما قبل "كورونا"، حيث غاب ذلك الشغف والحماس الذي يسبق الموعدين، رغم أهمية المنافس، حيث لم يسبق أن استقبل الفريقان البيضاويين، كل من الأهلي والزمالك، في نفس المحطة من المسابقة وفي ظرفية واحدة، لاسيما وأن الثنائي المصري يحمل مرجعية كبيرة على مستوى كرة القدم القارية.
ظل السكون يعم المدرجين الجنوبي والشمالي لملعب محمد الخامس، طيلة الأسبوع الذي يسبق المبارتين، في الوقت الذي كانت تحبس فيه الأنفاس تحسبا لما ستجود به أنامل مرتاديه من فصائل "ألتراس" الفريقين، حيث يعكفون عادة على أن تكون هذه المواعيد فرصة لإبهار العالم بلوحات تجعلهم يتصدرون "الطوندونس" على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.
غاب "التفيو" وما يختزله من مضمون إبداعي بين ثناياه، كما افتقدت الوداد للبدر في ليلتها الظلماء أمام الأهلي، لم تجد فيها سيقان إسماعيل الحداد لذلك المحرك الإضافي، في لحظة دب فيها الفشل للأقدام واستنجد "الأحمر" بروح "الوينرز" الغائبة عن المدرجات، فكان لضيوف "دونور" أن استغلوا المعطى أفضل استغلال، معوضين مرارة الهزائم السابقة أمام نفس المنافس، لكن في ظروف أخرى غير تلك التي عاشها رفاق أحمد الشناوي ليلة السبت.
لا التشجيع الافتراضي ولا بلاغات "الفايسبوك" كانت كافية لتعويض دور "الوينرز" في المدرجات، حيث أن غياب الأخيرة أظهر مما لا شك فيه أنها جزء من المنظومة ككل لنادي الوداد الرياضي، بمعية الرئيس والمكتب المسير والطاقم التقني والطبي واللاعبين، فحين يتوقف نشاط أحد الأفراد يتأثر الجسد بأكمله، لاسيما وأن الأخير قد أنهكه تعب موسم طويل وكان في حاجة إلى تلك الروح المعنوية من أجل الصمود.
في الجهة المقابلة، لن يختلف اثنان داخل الرجاء على أن الحياة تبدو طبيعية بدون مناصري الفريق، حيث اتضح ذلك جليا لما ارتأى لاعبوا الفريق وكل مكونات النادي من مسيرين وأطقم مرافقة، الاحتفال بلقب البطولة الاحترافية، وسط مدرج "الماكانا"، قبيل أيام من موعد مواجهة الزمالك، في رسالة مباشرة على أن النجاح جماعي وأنصار "الأخضر" جزء لا يتجزأ في صناعته، رغم الغياب القسري.
في مواجهة الزمالك المصري، لم يجد عبد الإله مدكور وسفيان رحيمي، تلك الرافعة التي يستمد منها شباب الرجاء قوتهم قبل أي مواجهة قوية وحاسمة، كما كان الأمر أمام مازيمبي وفيتا كلوب الكونغولي وشبيبة القبائل الجزائري، فلم يكن المدرب جمال السلامي منقوصا فقط من خدمات الغائبين بسبب الإصابة بل حتى المتغيبين بسبب تداعيات الجائحة، متمثلين في أزيد من 45 ألف حنجرة، شاءت الأقدار أن تصدح وتصرخ خلف شاشات التلفاز، بعيدا عن لاعبيها ال11 داخل رقعة الميدان.
صحيح أن الرجاء وحتى بغياب مناصريه، قدم مباراة كبيرة، خاصة في الجولة الثانية، أمام خصم عنيد بحجم الزمالك، إلا أن دور الجمهور كان ليحدث الفارق، خاصة في الوقت الذي نزل الفريق "الأخضر" بثقله على مرمى الحارس أبو جبل وبدأت أخطاء المدافعين تتوالى، أمام أنظار ومسامع الحكم الكاميروني، الأخير الذي كان ليمنح زملاء محسن متولي، ضربة جزاء على الأقل، لو قابلت قراراته المجانبة للصواب موجة استهجان في المقابل من المدرجات.
يرى النقاد الرياضيون في مصر والمغرب، أن معطى غياب الجماهير سيكون عاملا سلبيا أيضا بالنسبة للأهلي والزمالك، خلال استضافتهما لمبارتي الإياب في القاهرة، إلا أن الفريقين المصريين استفادا من سبق قد يبدو مريحا، من خلال لعبهما في الدار البيضاء وسط "الويكلو"، حيث قطعا شوطا كبيرا من أجل بلوغ المباراة النهائية، سواء الأهلي الذي عاد بانتصار بثنائية أو الزمالك الذي تفوق بهدف نظيف.