خفضتها المقاطعة وضاعفتها كورونا.. ثروة أخنوش في تقارير Forbes تنمو باستمرار
لأول مرة منذ أن بدأت المجلة الأمريكية ترصد تطور ثروة عائلته في 2014، وجد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والأمين العام لحزب التجمع الوطني الأحرار، نفسه مضطرا للخروج عبر وسائل الإعلام للرد على تصنيف"فوربيس" لأغنى أغنياء العالم الذي وضعه هذه السنة على رأس أغنياء المغرب والثامن على مستوى القارة الإفريقية بثروة تبلغ قيمتها 3,5 مليارات دولار.
ونفى أخنوش، عبر تصريحات لسعيد البغدادي المدير العام لشركة "أفريقيا" للمحروقات، إحدى أهم مصادر ثروة عائلة الوزير، ما أوردته "فوربيس" معتبرا أن الرقم الذي ذكرته "يصيب بالذهول"، لكنه في المقابل تفادى الكشف عن الرقم "الصحيح" لإجمالي الثروة، كما أن رده اقتصر على مجموعة من وسائل الإعلام المغربية وبعض المنابر العربية، فالمجلة الأمريكية من جهتها لم تتحدث عن توصلها بأي توضيح، بل إن رقم 3,5 مليارات دولار لا زال هو المذكور في آخر تحديث قامت به والذي جرى أمس الخميس 22 أكتوبر 2020.
لهذا أنهى أخنوش صمته
ويبدو أن خروج أخنوش عن صمته كان أمرا مطلوبا خلال الظرفية الراهنة لعدة أسباب، بعضها مذكور في نص التوضيح ويتعلق بالأزمة الاقتصادية الراهنة التي يعيشها المغرب بسبب تبعات جائحة كورونا، حيث شدد على كون المؤسسات الاقتصادية المملوكة له ولأفراد عائلته، وعلى رأسها "أفريقيا" و"مغرب أوكسيجين" و"موروكو مول" تضررت أيضا من الإجراءات الصحية التي فرضتها ظروف مواجهة الحائجة.
أما الأسباب الأخرى التي لم يذكرها التوضيح، فيأتي في مقدمتها صدوره قبل أشهر من موعد انطلاق الاستحقاقات الانتخابية المبرمجة سنة 2021، فأخنوش سبق أن صرح بكونه يطمح لأن يتصدر حزبه الانتخابات التشريعية وأن يصبح هو رئيسا للحكومة، وصدور التقرير في هذا الوقت أضر بشكل كبير بصورته سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر منصات التواصل الاجتماعي التي استغرب روادها الارتفاع الكبير في أرقام ثروته خلال عام تضرر فيه الاقتصاد المغربي بشكل كبير.
لكن سببا آخر يجعل من توضيحات أخنوش أمرا متوقعا، وهو ما يمثله رقم 3,5 مليارات دولار مقارنة مع الأرقام التي سبقته، فبالرجوع إلى تاريخ تقديرات "فوربس" لثروة رجل الأعمال والسياسي المغربي نجد أن أعلى رقم تم إعلانه هو 2,2 مليار دولار وكان ذلك في 2018 أي أن الرقم الحالي هو الأعلى إطلاقا، ويصبح الأمر أكثر مدعاة للاستغراب بالرجوع إلى آخر تقدير والذي يعود إلى أبريل من العام الجاري، حيث لم تكن تتجاوز ثروة أخنوش وقتها مليار دولار، ما يعني أنها ارتفعت بـ2,5 مليارات دولار في ظرف 6 أشهر فقط.
ثروة تنمو باستمرار
وبالعودة إلى تقديرات "فوربس" لثروة "آل أخنوش" منذ 2014، نجد أنها بدأت بـ1,4 مليارات دولار ثم انتقلت إلى 1,7 مليار دولار سنة 2015 ما جعله حينها يصنف كثاني أغنى شخص في المغرب بعد عثمان بنجلون، المدير العام للبنك المغربي للتجارة الخارجية، وهي الرتبة التي احتلها في 2016 بثروة قدرها 1,3 مليار دولار، في سنة حبلى بالصدامات السياسية بدأت بالانتخابات التشريعية وانتهت بـ"البلوكاج الحكومي".
أما في 2017، العام الذي أصبح فيه أخنوش يلقب بـ"الوزير الأقوى" في حكومة سعد الدين العثماني، بعد أن أضاف قطاعات التنمية القروية والمياه والغابات إلى حقيبته الوزارية الجديدة التي احتفظ فيها بقطاعي الفلاحة والصيد البحري، فقد وصلت ثروته إلى 1,5 مليارات دولار، وفي مارس 2018 فستعرف ثروته ارتفاعا ملحوظا حيث قفزت إلى 2,2 مليار دولار الأمر الذي سيجعله يصنف كأغنى أغنياء المغرب متجاوزا بنجلون.
لكن 2018 ستحمل لأخنوش أيضا مفاجأة غير سارة، ففي هذه السنة ستستهدف حملة مقاطعة واسعة استمرت لأشهر شركة "أفريقيا" للمحروقات الأمر الذي كبدها خسائر كبيرة أثرت على صافي ثروة مالكها التي تراجعت إلى ملياري دولار في تصنيف "فوربس" الخاص بسنة 2019، وهو التراجع التي سيستمر بشكل أكبر في تصنيف أبريل 2020 إذ سيفقد وزير الفلاحة والصيد البحري مليار دولار من ثروته، لكن، وعلى نحو مفاجئ، سيأتي ترتيب أكتوبر 2020 الذي تلا أشد شهور أزمة كورونا ليكشف أن ثروته وصلة إلى 3,5 مليارات دولار.
منهجية فوربس
ولدى "فوربس" منهجية محددة في ترتيب أغنياء العالم تجعلها مرجعا للمنابر الإعلامية والمؤسسات الاقتصادية الدولية، فهي لا تعتمد في حصل ثروة كل شخص على الأموال المودعة في الأبناك فقط، وإنما أيضا تأخذ بعين الاعتبار الشركات والعقارات والأصول وحتى باقي الممتلكات باهظة الثمن مثل اليخوت واللوحات الفنية والمنحوتات التي يملكها المعني بالأمر، والتي يجري تحديثها بشكل مستمر ضمن قاعدة بيانات واسعة يوفرها فريق عمل المجلة التي تصدر بـ7 لغات، وفي قائمتها السنوية تعمل على إبعاد الملوك التي تعود ثرواتهم إلى مكانتهم القيادية على رأس الدولة، باعتبارها جزء من أملاك الدولة.
وفي حالة أخنوش، فإن "فوربس" تبرز دائما المعطيات المالية والشخصية المتعلق به التي تحيل إلى مصادر ثروته، ففي التصنيف الأخير مثلا تشير إلى كونه مالك الحصة الأكبر في هولدينغ "آكوا" الذي أسسه والد أحمد واكريم، مبرزة أن الأمر يتعلق بتكتل قيمته مليارات الدولارات، وينشط في مجالات البترول والغاز والمواد الكيميائية من خلال شركتي "أفريقيا غاز" و"مغرب أوكسيجين"، مشيرة أيضا إلى كونه عضوا في الحكومة المغرب ورئيسا لحزب سياسي وصفته بـ"الملكي".
ثروة محل شكوك
وخلال السنوات الأخيرة أصبح مصدر ثروة أخنوش محاطا بالعديد من علامات الاستفهام بسبب مجموعة من التقارير والأحداث التي كشفت أن شركة "أفريقيا" تحديدا تجني أرباحا طائلة من معاملات احتكارية أو عن طريق رفع الأسعار خارج المعايير القانونية، وهو الأمر الذي فضحته اللجنة البرلمانية الاستطلاعية في 2018 حين ذكر تقريرها المقدم أمام مجلس النواب أن المبالغ الإضافية التي سددها المستهلكون لمحطات الوقود منذ أواخر سنة 2015 وصل إلى 15 مليار درهم مع الإشارة إلى كون "أفريقيا" تحتكر لوحدها 29 في المائة من حصة السوق وتعد الفاعل الأول في هذا المجال، ووفق اللجنة التي زارت ما يقارب 2500 محطة وقود، فإن كل لتر من الغازوال تربح فيه شركات المحروقات 96 سنتيما إضافيا، بينما تظفر بـ76 سنتيما إضافيا في كل لتر من البنزين.
وكانت "أفريقيا" قد أدت إلى زلزال داخل مجلس المنافسة لا زالت هزاته الارتدادية لم تظهر بعد، فقط سلم رئيسه إدريس الكراوي مذكرة إلى الملك بتاريخ 23 يوليوز 2020، توصي بمعاقبة شركة "أفريقيا" وشركات أخرى بغرامات تُقتطع من رقم معاملاتها السنوي، بسبب تورطها في ممارسات احتكارية بـ"تواطؤ" مع تجمع النفطيين، لكن تدخل أعضاء بالمجلس ضد رئيسه دفع الملك لتشكيل لجنة تحقيق تضم في عضويتها رئيسي غرفتي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية ورئيس المجلس الأعلى للحسابات ووالي بنك المغرب ورئيس الهيأة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وينسق عملها الأمين العام للحكومة ولم تظهر نتائج عملها إلى اليوم.
وحتى خارج إطار المحروقات، أصبحت استثمارات أخنوش المختلفة محط شك بخصوص احترامها للقانون، مثلما حدث مع مشروع "تاغزوت باي" السياحي بأكادير الذي تبلغ قيمته 400 مليون درهم والذي تساهم فيه مجموعة "سود بارتنرز" المملوكة لوزير الفلاحة بـ25 في المائة، ففي فبراير الماضي تسببت غضبة ملكية في هدم 52 من بناياته بشكل جزئي أو كلي بسبب مخالفتها لقوانين التعمير، بينما حركت الجمعية المغربية لحماية المال العام لشكاية حوله لدى الوكيل العام للملك لوجود شبهات استغلال نفوذ أيضا.