أُفضل رؤيتها محتلةً على إعلان انفصالها.. يوم أخبر الحسن الثاني كيسنجر أنه سَيُحرك الجيش نحو الصحراء
كان خيار اللجوء إلى الاجتياح العسكري للصحراء مطروحا على طاولة احتمالات الملك الراحل الحسن الثاني من أجل استعادة الصحراء ومنع إقامة دولة مستقلة فيها، هذا الأمر تكشف عنه وثيقة تعود إلى سنة 1974 محفوظة في خزانة الكونغرس الأمريكي، وهي عبارة عن تقرير حول لقاء العاهل المغربي بوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر والتي عبّر خلالها الحسن الثاني عن تفضيله رؤية الصحراء محتلة من طرف الإسبان على منحها الانفصال عن المغرب.
وتحدث الحسن الثاني لكيسجنر قائلا إن منطقة البحر الأبيض المتوسط تعرف بالفعل وجود نقطتين ساخنتين واحدة في الشرق (يقصد الصراع العربي الإسرائيلي) والثانية في الوسط بقبرص، وأن الولايات المتحدة الأمريكية لن يعجبها وجود نقطة ثالثة في الغرب، الأمر الذي لن يكون في مصلحة أي أحد، مبرزا أنه أخبر لوبيز برافو (وزير الخارجية الإسباني خلال الفترة ما بين 1969 و1973) بالأمر، واصفا إياه بأنه أفضل وزير خارجية إسباني في السنوات الأخيرة.
وتابع الحسن الثاني "لقد أخبرت برافو أنني أقبل ببقاء إسبانيا في الصحراء ولكنني لن أوافق على إعلان استقلالها، أفضل الوجود الإسباني على تقرير مصير 30 ألف شخص"، وتابع "هذه المنطقة كانت ملكا لأشخاص في الماضي، ولا يمكن القول إنها لم تكن تابعة لأي كان، لذلك طلبت قرار محكمة العدل الدولية لأنني أعلم أنهم سيؤكدون أن هذه الأرض كانت ملكا للمغرب في السابق، وسأقبل بقرارها لأن الأدلة التي قدمتُها قوية جدا".
والمثير في الأمر أن كيسنجر أبدى موافقته على فكرة الحسن الثاني، موردا "العديد من الدول مجرد سخافة، مثل غينيا بيساو أو الصحراء الإسبانية"، لكنه سأل الحسن الثاني ما إن كان متأكدا من أن حكم محكمة العدل الدولية سيكون لصالح المغرب، وهو ما رد عليه الحسن الثاني بالقول إن حجج المغرب قوية جدا، ففي عام 1955 كان السجل الرسمي الفرنسي يشير إلى أن مدن الصحراء تدار من طرف المراكز الإدارية المغربية.
ووصف الحسن الثاني قبوله وجود دولة في الصحراء بمثابة قبول الولايات المتحدة بوجود صواريخ سوفياتية في كوبا، وهو ما رد عليه وزير الخارجية الأمريكي بالقول "لو كنت في موقع جلالتكم كنت سأفعل الشيء نفسه، لكن الحكومة الأمريكية تتصرف أحيانا بمنطق العاطفة إلى جانب الشرعية"، ليضيف "كن مطمئنا لن نسبب لكم أي مشكلة في هذا الشأن. أنا شخصيا أحببت حل محكمة العدل الدولية".
وخلال الحوار بدا الحسن الثاني مصرا على إبراز استعداده تحريك الجيش بتوازن مع إصراره على إظهار عدم رغبته في أن يكون الخيار العسكري هو السبيل الأول، إذ خاطب كيسنجر قائلا "أطلب من إسبانيا عدم رفض حل محكمة العدل الدولية، نحن دولة صغيرة وأنا جاد للغاية وجديتي هي رأسمالي، عشت في المنفى ثلاث سنوات وأعرف الأساليب التي تستخدمها الإدارات الاستعمارية، وأعرف ما يجري تحضيره للاستفتاء وأعرف كل شيء عن الوطنية".
وتابع الحسن الثاني "إذا تحركت إسبانيا لمنح الاستقلال للصحراء، فأنا أخبرك بصريح العبارة، بحيث يمكنكم التوقف عن تزويدنا بالأسلحة والدبابات والطائرات، إذا أُعلن استقلال الصحراء في العاشرة صباحا سأحرك قواتي لدخولها في الحادية عشرة"، وفسر الملك الراحل إصراره هذا بالقول: "إذا منحت إسبانيا الاستقلال لتلك المنطقة فسيكون المكان مليئا بالثوار الروس والصينيين في غضون سنتين، الإسبان سيعودون إلى بلدهم أما المغرب فسيكون محاطا بالبحر الأبيض المتوسط، والمحيط الأطلسي، وبالجزائر والجزائر ثم الجزائر من الجوانب الثلاثة الأخرى".