المغرب وموريتانيا.. معالم تقارب بعد موقعة "الكركارات" يُمهد لسحب الاعتراف بالبوليساريو

 المغرب وموريتانيا.. معالم تقارب بعد موقعة "الكركارات" يُمهد لسحب الاعتراف بالبوليساريو
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأربعاء 24 مارس 2021 - 22:34

بعد انتظار لأيام في أحد فنادق العاصمة الموريتانية نواكشوط، استقبل، اليوم، الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، بشير مصطفى السيد، مبعوثا من زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، وهو الاستقبال الذي قال الإعلام الموريتاني أنه جرى بعد أن تردد رئيس البلاد كثيرا في استقبال وفد البوليساريو الذ يرأسه بشير مصطفى السيد شقيق أحد مؤسسي الجبهة الانفصالية الذي قاد العديد من الهجمات العسكرية ضد موريتانيا في سبعينات القرن الماضي، وتسبب في قتل العديد من الموريتانيين قبل توقيع اتفاق وقف النار بين الجبهة وموريتانيا سنة 1979.

ومع هذا الاستقبال خرج العديد من الموريتانيين ينتقدون هذا اللقاء، وبرزت العديد من الشخصيات تدعو لإنهاء مرحلة الحياد السلبي في قضية الصحراء، وإنهاء العلاقة بين موريتانيا والجبهة الانفصالية وفق قرارات الأمم لمتحدة التي لا تعرف بوجود دولة وهمية على الصحراء.

التقارب المغربي الموريتاني

لم يعد التقارب المغربي الموريتاني خافيا على أحد منذ نونبر الماضي، تاريخ تدخل القوات المسلحة الملكية ميدانيا في منطقة "الكركارات" لإعادة فتح المعبر البري الرابط بين البلدين وطرد عناصر جبهة "البوليساريو" الانفصالية التي كانت تغلق المعبر وتمنع، بالتالي، وصول المواد الغذائية إلى الأسواق الموريتانية، وهو ما فتح مساحات للتقارب بين الرباط ونواكشوط شملت التواصل المباشر بين قائدي البلدين.

وبسرعة ملحوظة بدأ التعاون بين المغرب وموريتانيا يشمل مجالات عديدة، بما في ذلك المجال الأمني والعسكري، معلنا عن التمهيد لتفاهمات بخصوص الصحراء وتحديدا المناطق الحدودية التي أضحت تشكل للطرفين موضع قلق بسبب المشاكل التي يحدثها تسلل عناصر البوليساريو، ومؤخرا بدا أن هذا الأمر سيشمل أيضا فتح جبهة اقتصادية جديدة تتمثل في فتح معبر آخر غرب الأقاليم الصحراوية في أمغالا أو كلتة زمور، يُمكن من تسهيل الوصول إلى العديد من دول غرب إفريقيا.

تواصل بين الملك والرئيس

وبدأت مؤشرات هذا التقارب تبرز أسبوعا واحدا بعد تمكن الجيش المغربي من إعادة فتح معبر الكركارات في 13 نونبر 2020، ففي 20 نونبر من العام نفسه أعلن الديوان الملكي أن الملك محمد السادس أجرى اتصالا هاتفيا مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، عبَّر خلاله قائدا البلدين عن "ارتياحهما الكبير للتطور المتسارع الذي تعرفه مسيرة التعاون الثنائي، وعن رغبتهما الكبيرة في تعزيزها والرقي بها، بما يسمح بتعميق هذا التعاون بين البلدين الجارين وتوسيع آفاقه وتنويع مجالاته".

لكن أهم ما ورد في هذا البلاغ كان هو حديثه عن مناقشة العاهل المغربي والرئيس الموريتاني لـ"آخر التطورات الإقليمية"، وهو ما يعني عمليا مناقشة مستقبل الصحراء في ظل الوضع الجديد الذي فرضه المغرب في الكركارات وقراره بناء ميناء ضخم واستراتيجي في الداخلة عوض الكويرة حتى لا يُضيِّق على ميناء نواذيبو الموريتاني، إلى جانب اتفاق قائدي البلدين على القيام بزيارة متبادلة، والتي أكدها نص البلاغ.

حدود موصدة أمام الانفصاليين

وتبقى مسألة الحدود أهم تمظهر للتقارب الحاصل بين المغرب وموريتانيا، فالبلدان اتخذا خطوات عملية من أجل منع تسلل عناصر البوليساريو عبر الحدود الموريتانية، وهو الأمر الذي كانت نواكشوط قد دفعت ثمنه طيلة 3 أسابيع من إغلاق الانفصاليين لمعبر الكركارات عندما أدى ذلك إلى نفاذ المواد الغذائية من الأسواق بسبب توقف الصادرات المغربية والأوروبية العابرة لتراب المملكة، وإلى مضاعفة أسعار الخضر 6 مرات، ما أدى إلى غضب شعبي غير مسبوق على الجبهة كانت له انعكاسات داخل البرلمان الموريتاني الذي زار بعض من أعضائه السائقين المغاربة العالقين على تراب موريتانيا في نونبر الماضي.

لكن التحرك الأهم كان هو ذاك المسجل في السادس من يناير الماضي، حين صادقت الحكومة الموريتانية على مشروع مرسوم يقضي بإنشاء منطقة دفاع حساسة على طول حدودها الشمالية المتاخمة للصحراء المغربية، وقالت السلطة التنفيذية في نواكشوط حينها إن المرسوم "يحدد إحداثيات المعالم البرية التي تجسد حدود هذه المنطقة، التي تقع في الشمال وتعتبر خالية أو غير مأهولة، وقد تشكل أماكن للعبور بالنسبة للإرهابين ومهربي المخدرات وجماعات الجريمة المنظمة"، علما أنها المنطقة التي يتسلل منها عادة انفصاليو البوليساريو.

نحو تجميد الاعتراف بالبوليساريو

لكن التقارب المغربي الموريتاني قد يصل إلى أبعد من ذلك، فنواكشوط أصبحت تعتزم جديا سحب اعترافها بما يسمى "الجمهورية العربية الصحراوية"، وهو الأمر الذي تحدثت عنه صحيفة "أنباء أنفو" الموريتانية منتصف فبراير المنصرم، والتي قالت إن هذا الأمر سيتم قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، وسيستند على مرجعية الأمم المتحدة التي لا تعترف بالجمهورية التي أعلنتها البوليساريو، وقرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة حول القضية التي حددت الحلول في ثلاث نقاط هي الواقعية والتوافق والرغبة في التسوية.

وبدأت معالم هذه الخطوة تظهر على أرض الواقع من خلال إصرار نواكشوط على تحجيم قيادات البوليساريو، فقبل يومين قالت الصحيفة الموريتانية المذكورة إن الرئيس ولد الشيخ الغزواني "رفض" استقبال وفد من الجبهة يرأسه عضو الأمانة العامة للجبهة البشير مصطفى السيد، والذي يحمل أيضا صفة مستشار زعيم البوليساريو للشؤون السياسية، على الرغم من وجوده سلفا في العاصمة نواكشوط، وحمله لما وُصف بـ"الرسالة المهمة من إبراهيم غالي"، قبل أن يتم هذا الاستقبال اليوم، لتخرج العديد من الشخصيات الموريتانية وتنتقد هذه الخطوة الذي على ما يبدو جاءت بعد ضغوط كبيرة مورست على الرئيس الموريتاني من الطرف الجزائري لاستقبال مبعوث الجبهة الانفصالية.

وكانت صحيفة "الخبر" الأسبوعية قد أوردت أن ممثلي الجبهة الذين كانوا قد حلوا بنواكشوط عقب التدخل المغربي في الكركارات من أجل طلب لقاء عاجل مع السلطات الموريتانية، ووجهوا بالرفض، كما أن الرئاسة الموريتانية رفضت طلب لقاء قدمته قيادة الجبهة ولم ترد عليه إلا بعد 5 أيام بالقول إن "الوقت غير مناسب"، وعلى الرغم من أن الوفد كان يضم من يوصف بـ"وزير خارجية" البوليساريو وقياديين آخرين، ووصل إلى البلاد بعد رحلة برية استمرت لـ3 أيام، إلا أنه لم يحظ بأي استقبال رسمي رغم وجوده في أحد فنادق نواكشوط طيلة أسبوع.

النظام الجزائري.. ووهم القوة !

صَرَف النظام الجزائري ما يزيد عن 350 مليون دولار عن استعراض عسكري دام ساعتين بمناسية الذكرى 70 لـ"الثورة الجزائرية". كل هذا المبلغ الضخم صُرف من خزينة الدولة، فقط، ليرسخ صورة ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...