أزمة الهجرة تفجر مجلس سبتة.. اتهامات لذوي الأصل المغربي بـ"العمالة" وتبادل للأوصاف قدحية بين حزبي اليمين
لا زالت قضية دخول الآلاف من المهاجرين غير النظاميين إلى مدينة سبتة عبر شواطئ مدينة الفنيدق، ترخي بظلالها على الشأن السياسي بالمدينة ذاتية الحكم الخاضعة للسلطة الإسبانية، وهو الأمر الذي اتضح بشكل جلي يوم أمس الخميس خلال أشغال المجلس المحلي الذي شهد تبادل عبارات الاتهام والأوصاف القدحية بين رئيس الحكومة خوان فيفاس المنتمي للحزب الشعبي وكارلوس فيرديخو الناطق باسم حزب "فوكس"، ما صار يهدد حتى تحالفاتهما المتوقعة مستقبلا على المستوى الوطني.
وعلى الرغم من أن الجلسة لم تمتد إلا لنصف ساعة فقط بعدما اضطر فيفاس لرفعها بسبب النقاش الحاد، إلا أنها شهدت أحداثا صاخبة كان للحزب الممثل للسبتاويين من أصل مغربي، الحركة من أجل الكرامة والمواطنة، نصيب منها، حين وصف "فوكس بأنه "عار وطني" بسبب السلوكات الصادرة عن أعضائه بمن فيهم زعيمه سانتياغو أباسكال، الذي حاول تنظيم نشاط احتجاجي داخل المدينة ضدا على قرار المنع القضائي، الأمر الذي رد عليه الحزب اليميني المتطرف باتهام الحركة بـ"العمالة لصالح المغرب".
وبعد أن كان أباسكال قد وصف حزبها بـ"الطابور الخامس" في إشارة إلى "ولائه" للمغرب، اتهمت فاطمة حامد حزب "فوكس" بممارسة الاستفزاز للحصول على مكاسب انتخابية، معتبرة أن "القبح" الذي أبان عنه من خلال استغلاله للأزمة تسبب بأضرار لمدينة سبتة، وهو ما رد عليه الناطق باسم "فوكس" بادعاء أنهم أصبحوا الحزب الأول في المدينة، مستشهدا بحصولهم على مقعد في البرلمان من سبتة، وأضاف "لن يكون لكم يوما نائب يمثلكم في مدريد مثلا، لكن على أية حال سيكون لديكم نائب في المغرب".
وتسببت هذه العبارات في صراع كلامي حاد بين بين بين أعضاء فوكس وباقي المنتخبين بعدما رفض فيرديخو الاستجابة لطلب ملح من فيفاس بسحبها، الأمر الذي دفع وزير المالية في الحكومة المحلية، جمال إدريس، ذي الأصل المغربي والمنتمي للحزب الشعبي، إلى وصفه بـ"الوغد" و"الفاشي"، في حين حذره رئيس الحكومة المحلية من أن "خطابه الموجه إلى المغرب يضر إسبانيا بشدة"، قبل أن يقوم برفع الجلسة.
وكان فيفاس قد رد على انتقادات ممثل "فوكس" بخصوص عدم قيام المجلس بعقد جلسة عامة استثنائية بخصوص ما وصفه بـ"الغزو" القادم من المغرب ووصفِ ذلك بـ"المخجل"، بأن اتهمَ الحزبَ اليميني المتطرف بـ"السعي وراء المناصب في واحدة من أخطر اللحظات في تاريخ سبتة"، مبرزا أن "العار" هو غيابه عن المشهد في الوقت الذي كان المجلس يدرس ما يمكن فعله، مضيفا "كنت أقترح استراتيجية للدفاع عن المدينة بينما حاول حزبكم إحراقها تمجيدا للشعبوية".
ورغم أن هذا السجال السياسي يجري نظريا في مدينة صغيرة، إلا أن تأثيراته المتوقعة تبدو كبيرة على المدى القريب، فبالإضافة إلى كونه يبرز الاختلاف الكبير في وجهات النظر بخصوص قضية الهجرة والعلاقة مع المغرب بين الحزب اليميني المحافظ ونظيره اليميني المتطرف، فهو أيضا قد يؤدي إلى تعقيد التحالفات بينمها، والتي يجري التخطيط لها على مستوى إقليم مدريد بعد نتائج الانتخابات الإقليمية الأخيرة، ثم عقب الانتخابات البرلمانية العامة المتوقعة سنة 2023.