بين القرارات المعلنة وما يُطبق على أرض الواقع.. تناقض يزعزع الثقة ويُحَوِّل رهان تطويق كورونا إلى فوضى
تُسابق السلطات المغربية الزمن لتلقيح أكبر عدد من الأشخاص ضد فيروس "كوفيد 19"، وهو الأمر الذي فرضه الانتشار السريع للنسخة المتحورة "دلتا" ويسرته الشحنات المتتالية من اللقاحات القادمة أساسا من الصين، لكن الإجراءات المتخذة لتسريع العملية الهادفة إلى الوصول لمرحلة المناعة الجماعية، والمعلن عنها بواسطة بلاغات رسمية، تصطدم في الكثير من الأحيان بوضع مختلف على أرض الواقع.
وأمس الاثنين، أصدرت وزارة الصحة بلاغا مذيلا بختمها تؤكد فيه فيه أن مراكز التلقيح ستظل مفتوحة إلى غاية الساعة الثامنة مساء طيلة أيام الأسبوع، وهو التذكير الذي يأتي تبعا للقرار الذي أعلنته بتاريخ 24 يوليوز 2021 والذي قالت إنه سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من يوم الأحد الماضي، غير أن ما يجري على أرض الواقع مخالف لما أعلنته وزارة خالد آيت الطالب.
وحسب ما عاينته "الصحيفة"، فإن مجموعة من المراكز تغلق أبوابها في الثالثة أو الرابعة بعد الزوال، ليس لأن العاملين فيها يرفضون الاستمرار في العمل إلى الساعة الثامنة مساء، ولكن لأن للأمر علاقة بجرعات اللقاح المتوفرة، إذ في هذه المراكز، التي توجد في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، يجري تطعيم المئات من المواطنين بحلول الفترة الزوالية، ما يجبر المشرفين عنها على التوقف باكرا عن استقبال أشخاص آخرين، الأمر الذي يفتح عليه أبواب الاحتجاجات باعتبارهم "يخرقون" قرار الوزارة.
ويطرح هذا التناقض أيضا بالنسبة للأشخاص الملقحين، خاصة بعد قرارات التشديد التي اتخذتها الحكومة مؤخرا نتيجة ارتفاع مؤشر الإصابات والوفيات، إذ الوقت الذي أصدرت فيه وزارة الداخلية دورية موقعة من طرف الوزير عبد الوافي لفتيت بتاريخ 5 يوليوز 2021 تنص على أن حاملي جواز التلقيح يمكنه التنقل بشكل طبيعي بين المدن وفي جميع الفترات، أي حتى بعد الـ11 ليلا، لا زال العديد من عناصر الدرك يغرمون المُلقحين.
ويتضح هذا التناقض في كلام رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أيضا، فهذا الأخير أكد الأحد، عندما حل ضيفا على قناة "ميدي 1 تيفي" أن من حق حاملي جواز التلقيح التنقل بحرية، موردا أن الشكايات التي يقدمها المواطنون المعنيون بخصوص فرض غرامات عليهم تحال لوزير الداخلية، لكن ما يُروجه بعض رجال وأعوان السلطة مخالف لذلك، إذ يزعمون أن هذا الجواز صالح إلى حدود الساعة الـ11 ليلا فقط.
ويُلاحظ هذا التناقض أيضا في توزيع المواطنين على مراكز التلقيح، إذ منذ يوم السبت الماضي كانت السلطات المحلية تروج لقرار تمكين المعنيين من التلقيح في أي مركز بغض النظر عن مكان السكنى، على شكل "تسريبات" توصلت بها بعض وسائل الإعلام، الأمر الذي أدى إلى تردد بعض مسؤولي المراكز في تفعيل هذا القرار اعتبارا لغياب أي وثيقة رسمية، والتي لم تصدر عن وزارة الصحة إلى اليوم الاثنين.