الجزائر لم تنس "نكبة الكركارات".. العمامرة ربط قطع العلاقات مع المغرب بقضية الصحراء التي قال تبون بأنها "أصبحت ميتة"
لم يكن قرار الجزائر قطع علاقاتها مع المغرب، والتي تعاني أساسا من فتور غير مسبوق، أمرا مستبعدا، لكن المثير للانتباه كان هو الأسباب التي ساقها وزير الخارجية الجزائري، رمطان العمامرة، في ندوة صحفية اليوم الثلاثاء، وهو يعلن عن اتخاذ بلاده لهذا القرار، مستندا تارة إلى قضايا وأحداث مرت عليها عقود من الزمن، وتارة أخرى إلى استنتاجات لم يقدم عليها أي دليل، لكنه لم يُخف أيضا ارتباط هذه الخطوة بما حققه المغرب في قضية الصحراء.
ونظريا، ربط لعمامرة قرار قطع العلاقات مع المغرب بقضية شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرارا بأن بلاده "ليست طرفا فيها" على الرغم من إصرار الرباط على عكس ذلك، ويتعلق الأمر بقضية الصحراء، حيث أورد وزير خارجية الجزائر أن المملكة المغربية "تخلت عن التعهد الرسمي بإقامة استفتاء تقرير المصير في الصحراء، الذي التزم به الملك الحسن الثاني والمدون في الوثائق الرسمية لمنظمتي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي".
ويبدو من كلام رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن بلاده لم تعد قادرة على الصبر أكثر بخصوص الواقع الذي يتجذر يوما بعد يوما في الصحراء، موردا "القادة الحاليون للمملكة المغربية يعيشون على وقع وهمِ فرض إملاءاتهم على المجتمع الدولي في ما يتعلق بأطروحة الحكم الذاتي"، وهو ما يحمل إشارة إلى تبني العديد من دول العالم للحل الذي يطرحه المغرب، بما في ذلك العضوان الدائمان في مجلس الأمن، فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
ويثبت كلام لعمامرة أن الجزائر لم تستسغ بعد التطورات المتلاحقة منذ العام الماضي، حين اعتقدت جبهة "البوليساريو" أنها أقرب من أي وقت مضى للسيطرة على منفذ تجاه المحيط الأطلسي بقطع الطريق البرية الرابطة بين المغرب وموريتانيا في المنطقة العازلة بـ"الكركارات" لمدة 6 أسابيع، قبل أن تنقلب الآية تماما بعد التدخل العسكري الميداني للقوات المسلحة الملكية في 13 نونبر 2020 الذي انتهى بإدخال تعديلات في الجدار الأمني، ثم الاعتراف الرئاسي الأمريكي بمغربية الصحراء يوم 10 دجنبر 2020.
وتظهر تبعات خسارة الجزائر ميدانيا ودبلوماسيا، ليس فقط في حديث الرئيس الجزائري لوسائل إعلام بلاده قبل أيام التي قال فيها بالحرف إن قضية الصحراء "أصبحت ميتة"، ولكن أيضا في تصريحات اليوم الصادرة عن وزير خارجيته، حين قال إن بلاده "ترفض منطق الأمر الواقع والسياسيات أحادية الجانب بعواقبها الكارثية على كافة الشعوب المغربية، وترفض الإبقاء على وضع غير اعتيادي يبقي المجموعة المغاربية في حالة من العداء الدائم التي تتعارض كليا مع المبادئ والقواعد المنظمة للعلاقات الدولية وعلاقات الجوار والتعاون".
وتحيل عبارة "فرض الأمر الواقع" إلى ما يجري حاليا في الصحراء، حيث يعمل المغرب سياسيا على استقطاب البعثات الدبلوماسية لفتح قنصلياتها هناك، بالإضافة إلى تحكه اقتصاديا عبر فتح المجال للاستثمار فيها على عدة مستويات، على غرار المشاريع الطاقية المرتقبة مع المملكة المتحدة، ومشاريع أخرى متوقعة مع دولة من الاتحاد الأوروبي وهي بولندا، إلى جانب تركيز الرباط على مشاريع البنى التحتية الاستراتيجية، مثل ميناء الداخلة الأطلسي والطريق السيار تيزنيت –الداخلة المار عبر العيون.