لا شراكات اقتصادية مع من لا يعترفون بمغربية الصحراء.. ثلاث دول معنية بـخطاب الملك محمد السادس

 لا شراكات اقتصادية مع من لا يعترفون بمغربية الصحراء.. ثلاث دول معنية بـخطاب الملك محمد السادس
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 8 نونبر 2021 - 12:00

في الوقت الذي كانت فيه أنظار الكثيرين متجهة إلى خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسير الخضراء، أول أمس السبت، وهي تتوقع أن يكون للخطاب التصعيدي الصادر عن الرئاسة الجزائرية موقعٌ في نصه، بدا أن اهتمام العاهل المغربي كان منصبا على شيء آخر أراد إيصال رسالة مباشرة بشأنه، ويتعلق الأمر بالمستقبل الاقتصادي لمنطقة الصحراء التي "لا نقاش في مغربيتها ولن تكون يوما على طاولة التفاوض"، وفق نص الخطاب.

ولم يكن الملك يوما واضحا إلى هذه الدرجة في ربط الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء بأي تعاون اقتصادي مع دول العالم، إذ وفق كلامه يوجد لدى المغرب بالفعل "شركاء دوليون صادقون يستثمرون إلى جانب القطاع الخاص الوطني في جو من الوضوح والشفافية وبما يعود بالخير على ساكنة المنطقة"، ولهؤلاء قال "نعبر عن تقديرنا للدول والتجمعات التي تربطها مع المغرب اتفاقيات وشراكات والتي تعتبر أقاليمنا الجنوبية جزءا لا يتجزأ من التراب الوطني"، أما من وصفهم بـ"أصحاب المواقف الغامضة والمزدوجة"، فلم يتردد في إخبارهم بصيغة صريحة بأن المغرب "لن يقوم معهم بأي خطوة اقتصادية وتجارية لا تشمل الصحراء المغربية".

وفي سياق لا يكاد فيه ملف الصحراء يعرف أي كُمون، بحكم التطورات المستمرة التي أضفت إلى كسب الرباط العديد من النقاط ميدانيا وسياسيا، انطلاقا من تدخل القوات المسلحة الملكية في الكركارات، ومرورا بالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، ووصولا إلى القرار الأخير لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي رحبت به المملكة وانتقدته الجزائر وجبهة "البوليساريو" الانفصالية، يبدو أن المغرب دخل مرحلة لعب الأوراق الاقتصادية أيضا لدفع دول بعينها لحسم موقفها من مغربية الصحراء.

إسبانيا.. لا وقت للتردد

ولا يحتاج الخطاب الملكي إلى الكثير من التحليل لفهم أن المعنيين الأوائل بـ"تحذير" الملك محمد السادس هي دول الاتحاد الأوروبي التي تربطه بالمغرب اتفاقية للتبادل الحر ومصالح اقتصادية كبيرة، وتحديدا إسبانيا، البلد الذي تطارده لعنة الصحراء حتى بعد 46 عاما من مغادرتها، وهذه المرة لعجزه عن حسم موقفه من انتمائها للمغرب سياسيا على الرغم من إقراره بذلك ضمنيا عبر الاتفاقيات الاقتصادية التي يدافع عن استمرارها بقوة.

وفي الوقت الذي تسود فيه أزمة هي الأسوأ من نوعها منذ 19 عاما العلاقات المغربية الإسبانية نتيجة سماح مدريد لزعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهيم غالي، بدخول أراضيها بشكل سري وبهوية مزيفة، وذلك منذ أبريل من هذا العام، وجد الإسبان أنفسهم أمام مأزق حقيقي حين استطاعت الجبهة استصدار حكم أوروبي يهدد بوقف الاتفاقيات الاقتصادية الأوروبية المغربية التي تشمل الأقاليم الصحراوية أواخر شتنبر الماضي، ولأن شرِكاتها هي المستفيد الرئيس من تلك الاتفاقيات، لم تجد حكومة بيدرو سانشيز في مطالبة الاتحاد الأوروبي بالطعن في الحكم لإبقاء الاتفاقيات كما هي.

ويبدو موقف مدريد الاقتصادي مناقضا لموقفها السياسي الذي يتحجج بضوابط السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي وبالمرجعية الأممية لتفادي الاعتراف بمغربية الصحراء، لكن هذا الأمر قد ينتهي بتهميش دورها في الموقع الاقتصادي المستقبلي للصحراء، والتوقع هنا لصحيفة ABC في فبراير من العام الجاري، والتي أنجزت ملفا أكد أن سكان الصحراء أنفسهم يرون أن التنمية الفعلية للمنطقة لن تكون إلا تحت السيادة المغربية، مخاطبة الحكومة الإسبانية بالقول "إسبانيا قد تفقد قطار الصحراء".

روسيا.. ذات الوجهين

ولا يمكن استبعاد روسيا أيضا من قائمة الدول المعنية بما ورد في خطار المسيرة الخضراء الأخير، فهذا البلد ذو التأثير الواضح في الملف من خلال عضويته الدائمة في مجلس الأمن، وأيضا نظرا لكونه حليفا استراتيجيا للجزائر والمزود الأول لهذا البلد المغاربي الذي يحتضن "البوليساريو" بالأسلحة وحتى بالمواقف السياسية، يبدو أنه يعامل المغرب بوجهين، الأول هو وجه الخصم السياسي والثاني هو وجه الشريك الاقتصادي.

ورغم أن روسيا تعتبر نفسها "محايدة" في ملف الصحراء، فإن أي خطوة تصب في مصلحة المغرب في هذا الباب تدفع موسكو لإبراز معاكستها للرباط، فهي التي كانت وراء تأجيل قرار التصويت على مجلس الأمن الأخير لـ24 ساعة على أمل تعديل صيغته بما يخفف من تبنيه للطرح المغربي ويُخرج الجزائر من معادلة الصراع، وفي دجنبر الماضي، وعقب الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في دجنبر 2020، عبرت الخارجية الروسية بشكل صريح عن اعتراضها على ذلك.

لكن الروس يبحثون أيضا عن موطئ قدم اقتصادي في المغرب، لدرجة أنهم يفضلون الاستثمار على ترابه عوض الذهاب للجزائر، وهو ما حدث عندما قرروا نقل مشروع تصنيع لقاحات "سبوتنيك في" المضادة لكورونا والمخصصة للتصدير نحو دول إفريقيا، من الأراضي الجزائرية إلى المملكة، بل إنهم يغمضون أعينهم حتى على قضية الصحراء عندما يتعلق الأمر بمصالح اقتصادية، مثلما حدث عندما جرى تجديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب في نونبر من سنة 2020، وأكد الوزير المغربي المكلف بالقطاع حينها، عزيز أخنوش، أن الاتفاقية تشمل سواحل الأقاليم الجنوبية.

إسرائيل.. اللاعبة على الحبال

قد يبدو من المستغرب الحديث عن توجيه المغرب رسائل بنبرة حادة إلى إسرائيل في الوقت الذي مضت فيه أقل من سنة على توقيع اتفاقية إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وفي سياق يبدو فيه، إعلاميا، أن البلدين يعيشان تقاربا تدريجيا على العديد من المستويات، لكن ما يفسر ذلك هو اختيار تل أبيب عدم الوضوح في قضية مغربية الصحراء، وهي التي تلعب مع المغرب أوراقا أخرى تحاول فيها جني مكاسب سياسية سريعة.

وكانت الرباط قد اختارت التغاضي على قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، بنيامين نتنياهو، بتوجيه رسالة إلى المغاربة، مباشرة بعد عودة العلاقات بين البلدين، وخلفه خريطة لإفريقيا تبدو فيها الصحراء مبتورة عن باقي تراب المملكة، لكن حوار مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط مع وكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، الذي تفادى فيه الإقرار بمغربية الصحراء، واكتفى بالقول إن بلاده "تدعم المفاوضات المباشرة بين جميع الأطراف المعنية"، وأن "المهم هو إيجاد حل سلمي لجميع النزاعات"، قد لا يُتعامل معه بالطريقة نفسها.

ويعلم المغرب أنه يتعامل مع ديبلوماسية تتقن "اللعب على الحبال"، إذ تسعى لدفع الرباط إلى الإسراع بتبادل السفراء ونسيان موقفها العلني من القضية الفلسطينية الذي يتبنى حل الدولتين ولا يعترف بالقدس الموحدة عاصمة للدولة العبرية، لكن الورقة الاقتصادية تبدو آلية فعالة في يد المملكة لدفع الدولة العبرية لحسم موقفها من قضية الصحراء، خاصة مع وجود تقارير تتحدث عن الشهية المفتوحة لشركات الغاز الإسرائيلية للدخول على خط الاستثمار والاستفادة من التوقعات الواعدة بخصوص الاحتياطيات الموجودة في سواحل جهة الداخلة وادي الذهب.

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...