بطالة الثلاثينيين وصلت لـ33 في المائة بعد كورونا والعثماني فتح المباريات لذوي الـ55 سنة.. هل استحضر بنموسى هذه المعطيات قبل قراره؟
لا تكاد حكومة عزيز أخنوش، التي لم يمر بعد شهر ونصف على تنصيبها، تخرج من أزمة إلا وهي واقفة على أبواب أزمة أخرى، فبعد الاحتجاجات التي عادت إلى الشوارع بسبب قرار وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب فرض جواز التلقيح لولوج المرافق العمومية، أشعل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، شرارة احتجاجات أخرى بقراره حرمان الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 30 عاما اجتياز مباريات الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية.
وفي الوقت التي وعد فيه الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بيتاس، بإعلان الحكومة حلولا مبتكرة في ملف الأساتذة المتعاقدين قبل نهاية الشهر الجاري، صدم بنموسى الرأي العام بـ"إقصاء" عدد كبير من الشبان المغاربة المعطلين من حاملي الشواهد العليا الطامحين لولوج قطاع التعليم، من اجتياز المباراة، الأمر الذي برره في توضيح رسمي أمس الجمعة، بـ"جذب المترشحات والمترشحين الشباب نحو مهنة التدريس، وبهدف ضمان التزامهم الدائم في خدمة المدرسة العمومية، علاوة على الاستثمار الأنجع في التكوين وفي مساراتهم المهنية".
وعلى الرغم من أن بنموسى كان رئيسا للجنة النموذج التنموي الجديد، الذي أفرد تقريرها مساحات واسعة لمشكلة البطالة في المملكة، إلا أنه بدا أبعد ما يكون عن معرفة حقيقة وضع هذه الظاهرة في صفوف الشباب الذين تتجاوز أعمارهم 30 عاما، والتي تفضحها التقارير الدورية لمؤسسة رسمية هي المندوبية الجهوية للتخطيط، التي تتحدث عن أن حوالي ثلث الشباب المغاربة في هذا السن لا زالوا بدون عمل.
وبالرجوع للتقرير الصادر عن المندوبية في غشت الماضي، والذي يهم توزيع معدلات البطالة خلال الربع الثاني من سنة 2021، يظهر أن 28,3 في المائة من الشباب المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و34 سنة يعانون من هذه الظاهرة، وهو رقم رغم كبره إلا أنه يشير إلى تحسن انخراط هذه الفئة في سوق الشغل مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2020 المتزامنة مع ذروة جائحة كورونا، والتي سجلت فيها البطالة في صفوف هؤلاء الشبان نسبة أعلى بـ4,4 في المائة أي أنها كانت تصل إلى 32,7 في المائة.
وإلى جانب ذلك، لا يبدو أن وزير الداخلية الأسبق انتبه إلى أن ما قام به يزكي الطرح القائل بوجود "تمييز" بين الأساتذة أطر الأكاديميات الجهوية وأساتذة التوظيف العمومي، إذ في وفق المرسوم رقم 349-02-2 الصادر بتاريخ 7 غشت 2002، والخاص بتحديد السن الأقصى للتوظيف ببعض أسلاك ودرجات الإدارات العمومية والجماعات المحلية، والذي وقعه الوزير الأول الراحل، عبد الرحمن اليوسفي، تنص المادة الأولى على أن رفع سن التوظيف ارتفع من 40 إلى 45 سنة.
بل إن خطوة بنموسى تعاكس حتى الفكرة الأساس للتوظيف بالتعاقد، والتي كانت هي امتصاص البطالة في صفوف حملة الشواهد إلى جانب سد الخصاص في قطاع التعليم، وهو الأمر الذي انتبهت إليه حكومة سعد الدين العثماني التي نحت منحى آخر، حيث قررت الرفع من السن الأقصى لاجتياز المباريات بـ10 سنوات كاملة بشكل استثنائي عندما فتحت مباريات الموسم الدراسي 2019 – 2020.
وحينها وجه العثماني رسالة إلى وزير الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، السعيد أمزازي، في دجنبر من سنة 2018، كانت بمثابة قرار صادر عن رئيس الحكومة، والذي جاء في نصه "من أجل فتح المباريات المذكورة في وجه هذه الفئة من المرشحين وعدم حرمان عدد مهم منهم من اجتيازها، يشرفني الترخيص، بصفة استثنائية، لاجتياز المعنيين بالأمر المتوفرين على الشروط المطلوبة لهذه المباريات، وذلك برفع شرط السن المحددة نظاميا إلى 55 سنة".