المغرب وتحالف "فيشغراد".. الرباط تخطط لاختراق الجمود الأوروبي حول الصحراء عبر دول "يمينية" تعادي الانفصال
خطوة أخرى خطاها المغرب نحو تنويع شركائه الاستراتيجيين، وهذه المرة داخل الاتحاد الأوروبي، المنظمة التي لا تعيش علاقات الرباط مع دولتين مركزيتين فيها أفضل أيامها، وتحديدا ألمانيا وإسبانيا، ليختار التوجه شرقا نحو حلف "فيشغراد" المكون من دول كانت جزءا من المعسكر الشرقي سابقا، والتي تبدي ليونة في التعامل مع القضايا الاستراتيجية للرباط بما في ذلك قضية الصحراء.
وشارك وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، اليوم الثلاثاء، في أول اجتماع وزاري بين دول هنغاريا وبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا والمغرب، والذي أطلق عليه "مجموعة فيشغراد + المغرب"، وهي الخطوة التي تأتي بعد أن جنت الرباط العديد من المواقف السياسية والاقتصادية، خاصة من بودابيست ووارسو، المؤيدة لمغربية الصحراء.
وكان التمهيد لهذه الخطوة جاريا منذ أشهر، حيث استطاع المغرب كسب دعم لا تُقدم عليه دول غرب أوروبا، باستثناء فرنسا، لطرحه بخصوص حل ملف الصحراء، إذ في يونيو الماضي مثلا حل بالرباط بيتر زيارتو، وزير الخارجية والتجارة لجمهورية هنغاريا، الدولة التي ترأس الحلف حاليا، أين التقى نظيره المغربي ليوقعا معا إعلانا مشتركا يدعم مخطط الحكم الذاتي المغربي، أما في أكتوبر الماضي فحلت بعثة اقتصادية بولونية بالمغرب لتعلن إطلاق استثمارات بمدينتي العيون والداخلة.
ويحاول المغرب إحداث اختراق غير مسبوق داخل الاتحاد الأوروبي بخصوص قضية الصحراء، إذ في الوقت الذي تقود فيه ألمانيا الجبهة المُصرة على جمود الموقف الأوروبي المشترك الذي تراه الرباط "حيادا سلبيا"، وبينما تتمسك إسبانيا أيضا بهذا الطرح، بدأت الدبلوماسية المغربية في بناء علاقات قوية مع محور دول وسط أوروبا، التي يجمعها تقارب سياسي وثقافي كبير.
وتشترك الدول الأربعة في الاتجاه نحو اليمين الذي عادة ما يجد المغرب توافقات معه بخصوص قضاياه الاستراتيجية، إذ في هنغاريا يقود الحكومة حزب الاتحاد المدني المجري "فيدس" المنتمي إلى اليمين المحافظ، والذي يتزعمه رئيس الوزراء فيكتور أوربان، أما في بولندا فحزب "القانون والعدالة" اليميني هو الحزب الحاكم، أما في تشيكيا فعوَّض "تحالف "معا" الليبرالي المحافظ حزب "بابيش" اليميني الشعبوي في السلطة سنة 2021، وفي سلوفاكيا حصل حزب "نوفا" الليبرالي المحافظ على صدارة انتخابات 2020 التشريعية.
وبشكل عام، تقف هذه الدول ضد النزعات الانفصالية، لدرجة أنها أعلنت استعدادها لمواجهة روسيا عسكريا في أوكرانيا بعد تدخلها عسكريا الذي انتهى بضم شبه جزيرة القرم ودعم الانفصاليين في منطقتي دونيتسك وهانسك، ويعد التحالف العسكري إلى جانب التكامل الاقتصادي والثقافي أهم ركائز حلف "فيشغراد"، الذي يريد المغرب الآن أن يدفعه إلى اتخاذ موقف أكثر صراحة في ملف الصحراء قد يصل إلى فتح تمثيليات قنصلية على أراضيها.