في إسبانيا.. هناك من يقتات على "التطرف اتجاه المغرب"
منذ عامين، قال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بأن المغرب ليس "دركي الهجرة" ويرفض أن يتحمل على عاتقه كامل المسؤولية في قضية التصدي للمهاجرين غير النظاميين لفائدة قارة بأكملها هي أوروبا، ويبدو أن بعض الأطراف السياسية في إسبانيا المنتمية لليمين، وعلى رأسها الحزب المتطرف "فوكس"، تحتاج اليوم لتذكيرها بهذه الكلام.
مناسبة هذا الكلام، هو ردود الأفعال التي خرج بها "فوكس" وبعض الأحزاب الأخرى التي تسبح في فلكه، ومعهم بعض المنابر الإعلامية الإسبانية، على إثر تنفيذ الآلاف من المهاجرين غير النظاميين الذين ينتمون في غالبيتهم إلى بلدان دول جنوب صحراء إفريقيا في الأيام القليلة الماضية، لثلاث هجمات جماعية على حدود مليلية وتمكن حوالي 900 منهم من تجاوز السياج الحدودي ودخول المدينة المحتلة.
وقبل العودة لردود الأفعال الإسبانية "المتطرفة"، تجدر الإشارة إلى أن هذه الهجمات كانت -حسب قول السلطات الإسبانية نفسها في مليلية- بأنها كانت هجمات عنيفة، حيث استعمل المهاجرون أساليب الرشق بالحجارة والضرب بالعصي والأعمدة الحديدية والهروات ضد القوات الأمنية المغربية والقوات الإسبانية، وقد أصيب على إثر ذلك عدد من أفراد القوات المساعدة المغربية وعدد من أفراد الحرس المدني.
كما وثقت الكاميرات الإسبانية محاولات التصدي التي قامت بها القوات المساعدة المغربية خلال الهجمات الثلاث، حيث تصدت للآلاف من المهاجرين في الهجمتين الأولى والثانية، في حين تصدت لجميع المهاجرين في الهجمة الثالثة وبالتالي لم يستطع أي مهاجر من دخول مليلية في اليوم الثالث.
لكن هذه المجهودات الكبيرة التي تقوم بها السلطات المغربية، لم تُقنع ولم تكف حزب "فوكس" الإسباني الذي يبني وجوده وخطابه السياسيين في إسبانيا على "كراهيته للمغرب والمغاربة" والمهاجرين عموما، وبالتالي اعتبر أن تلك الهجمات التي نفذها المهاجرون يقف ورائها المغرب بدعوى أن الرباط تستخدم سلاح الهجرة للضغط على إسبانيا في قضايا ومصالح أخرى.
وبالرغم من أن الحكومة الإسبانية وعدد من الأحزاب الأخرى، لم تسر في نفس اتجاه "فوكس"، إلا أن مواقف الأخير بدأت تجد آذانا صاغية لدى العديد من اليمينيين والمنابر الإعلامية الإسبانية، وبالتالي فإن هؤلاء يحتاجون لمن يذكرونهم مرة أخرى بأنه ليس من واجب المغرب أن يحمي ما يسمونها حدودهم، حتى ينعمون، ومعهم أوروبا، بالأمن والسلام، في حين يتحمل المغرب لوحده التصدي لظاهرة الهجرة، التي أصبحت ظاهرة عالمية تحتاج لتعاون ومساندة دولية.
يُحسب لحكومة سانشيز - على الأقل في ما حدث في مليلية مؤخرا- بأنها تبنت خطابا منطقيا وعاقلا، واعترفت بصعوبة التصدي لظاهرة كبيرة مثل الهجرة، وأشادت بالمقابل بالمجهودات التي يقوم بها المغرب، لكن كل هذا لا يمنع المغرب من تجديده التذكير بحقيقة الوضع، لعل "الذكرى تنفع اليمينيين".