مَغرِبُ الشّباب!
■ بِلادُنا في رَيْعانِ الشّباب۔۔
طامِحةٌ إلی مَزيدٍ منَ التّشبِيب۔۔ تَشْبِيبِ المُٶسّسات، لبِناءِ فضاٸِنا الدّيمُقراطي۔۔
وهذا الحُلمُ الوَردِيُّ يقُودُنا إلی هَدَفِنا المُشتَرَك، وهُو: "مَغرِبُ الشّباب"۔۔
حرَكِيّةٌ دِيمُغرافيّةٌ نَهضَويّةٌ تَستَوجبُ تَهيٸةَ شبابِنا لتَسَلُّمِ مِشعَلِ المَسٶوليةِ المُستَقبَلية، سياسيّا واقتِصاديّا واجتِماعيّا وثقافيّا، علی الصّعِيدِ الوَطنِي۔۔
وهذه مَسٶوليةٌ طبِيعيّةٌ عبرَ التّاريخ، ومِن جيلٍ إلی جِيل۔۔
وهكذا دَأبَت بلادُنا منذ قرُون۔۔
وكلُّ الظّرُوفِ اليومَ مُتاحةٌ لخَوضِ غِمارِ تَشبِيبِ المسٶوليات، في اتّجاهِ مَغربِ الشباب۔۔ المغرب المُوَحَّد۔۔ السّاٸر إلی الأمام۔۔
■ والدّيمُقراطيةُ في "المَغربِ الجَدِيد" تعنِي كُلَّ ما هو تَشبِيب:
تشبِيبٌ للمَسؤوليّاتِ الحِزبية التي هي اساسٌ لِلمُمارسةِ الدّيمُقراطية۔۔
والتّشبيبُ لا يَعنِي التّفرِيطَ في الخِبرَات۔۔ وفي التّراكُمِ المَعرِفِي.. التّشبيبُ يُركّزُ علی أنْ تُسَلَّمَ مَفاتِيحُ المَسؤُولياتِ الحِزبيّة، ومِنها النّيابيّةُ والتّنفِيذيّةُ وغَيرُها، إلى شَبَابِ النّضالِ الدّيمُقراطِيّ، في كلّ رُبُوعِ "مَغرب الشّبَاب"!
• وهذا ليس تَورِيثًا لأحزَابِنا، بِغَثِّها وسَمِينِها۔۔
إنّهُ تمريرٌ مَرِنٌ هادِفٌ لِمسٶولياتِ حِمايةِ البلد، وضَمانِ استِقرارِهِ التّنمَوِي، وبناءِ غدٍ أفضَل، وتَداوُلٍ آمِنٍ للسُّلطةِ في مجمُوعِ "دولةِ المُٶسّسات"۔۔
وهذا يُشكّلُ دَعمًا للمُستَقبَل، مِن جِيلٍ لجِيل۔۔ واعتِرافًا بكَونِ المَسٶولياتِ ليسَت عبَثيّة، بل هي هادفةٌ لتنشيطِ الغَد، بطريقةٍ تَداوُليّةٍ آمِنَة۔۔
ومِنَ الطّبيعي، في دولةِ الدّيمُقراطية، أن تتَمَحوَرَ هذه الرُّٶيةُ المَسٶولة، حولَ دِيمُقراطيةٍ فِعليّة، لا شَكليّة، ولا صُوريّة۔۔
• وَجبَ التّفكيرُ جِدّيًّا لمُستَقبَلِ هذه الأحزَاب۔۔
إذا تغيّرَت شَكلاً ومَضمُونًا وَهدَفًا، ففي التّغيِيرِ الحِزبي كثيرٌ من الأمَل۔۔
واذا لم تتَغيّر، فهي تقُودُنا في اتّجاهٍ مُعاكِس۔۔ وقد تُشكّلُ خَطرًا علی ديمُقراطيةِ البلَد۔۔
■ وماذا عن تَشبيبِ النّضال؟
سٶالٌ إلی الآتي۔۔ فغَدًا، يكُونَ شبابُنا - إناثًا وذُكُورًا - قادةً "للنّضالِ السّياسي" الوَطني.. مُؤهَّلِين للتّميِيزِ بينَ "المَصلَحَةِ العامّة" و"المَصلَحَةِ الشّخصِيّة".. وهذَا مَا يَتَراءَى منَ الآنَ في الأُفُق..
ولكن، إلى ذلكُم الحِين، ما زِلنا بعِيدِين..
• أحزابُنا في واد، ومُناضِلُونا الشّباب، في حالةِ تهمِيش، وتَعامُلٍ بمَحسُوبيةٍ وزَبُونيّة..
• والأحزابُ لا تُريدُ مِن قَواعدِها الشّبابيّة، إلاّ أنّ تُصفّق.. هي تريدُ من الشبابِ التّصفِيقَ لا أكثر..
أمّا أن تكُونَ للنّضالِ الشّبابي أفكارٌ مُتطَوّرة، وتَصوُّراتٌ مُفيدةٌ للجميع، فهذا يَعنِي أنّ الشبابَ في ذاتِهِ يُشكّلُون مَشرُوعَ زَعامةٍ ومسؤُولية..
والزّعاماتُ الحِزبيةُ الحاليةُ تُفضّلُ ألاّ تتَحرّك.. وما زالت كما كانت، ثابِتَةً في مَكانِها، تَقلِيديّةً في قَراراتِها.. ولا تزِيغُ عن عقليّةٍ مُبَرمَجةٍ علی استِغلالِ الغير، وعلى التّفقيرِ والتّخلُّف..
ولا علاقةَ لهذه الأحزابِ بالمُستَقبَل..
▪︎ومع الأحزابِ الحاليةِ المَشلُولة، لا مَجالَ للاشتِغالِ في "المَصلَحَةِ العامّة"، ومِنْ ثَمّةَ في حياةٍ دِيمُقراطيّة..
فأين هي الأحزابُ والنّقاباتُ والنُّخَبُ التي تُؤطّرُ النّضالَ السياسِي في بلادٍ طَمُوحَةٍ إلى الفِعلِ الدّيمُقراطيّ النّمُوذِجِيّ؟
• هل هذه الأحزابُ تُفكّرُ في القادِم؟
■ هل لها ارتباطٌ بالحُلمِ الدّيمُقراطيّ الوَطنِيّ؟
في بلادِنَا حوالي 40 حزبًا تُوصَفُ بالسياسية۔۔ وهي مِن كلّ الألوانِ والأطيافِ والأشكالِ والمُستَويات۔۔ وخليطٌ من المُتحرّكِ والجامِد، والانتِهازِيّ والرّدِئ والفاسِد۔۔ ومَا لا يُفكّرُ إلاّ في رَصيدِه البَنكِيّ..
▪︎وليس فِيهَا ولا حزبٌ واحِدٌ لهُ ثِمارٌ إيجابيّةٌ في الجماعاتِ المحلّية، والبرلمانِ بغُرفَتَيْه، وفي الغُرَفِ المِهنيّةِ والصناعيةِ والتّجاريّةِ والخدَماتيّة..
ولا بصَماتٌ فعّالة منذُ انْ وصَلَت للحُكم۔۔
أينَ ثِمارُ القائمةِ الحِزبيةِ الأربعِينَ المَحسُوبةِ على "الدّيمُقراطية المَغربية"؟
وما السّببُ في كَونِها لا تَملِكُ خِطابًا إقناعيّا إلى مَلايِينِ المَغربيّاتِ والمَغاربة، الطّمُوحاتِ والطّمُوحِينَ إلى مُواكبَةِ أحلامِ المَغربِ الجديد؟
وإلى متى، وهذه "النُّخبةُ" المَشلُولةُ تَستَهلكُ ولا تُنتِج؟ وتنامُ وتَشخَرُ ولا تَستَيْقِظ؟ لماذا مَسيرتُنا الحِزبيةُ عاقِر؟
▪︎إنّ بِلادَنا لا نَعرِفُها إلاّ مِعطَاء، وذاتَ مَردُوديّة إيجابية، في تُربَتِها وأدمِغَتِها ووَطنيّتِها ووَحدَتِها التّنَوُّعيّة..
ماذا يَنقُصُنا، ونحنُ قد واجَهْنا أصعَبَ التّحدّيات؟ ومَرَرْنَا مِنْ أخطَرِ جائحةٍ صٍحّيةٍ واقتِصاديّةٍ واجتِماعيّة؟
ونَستَحضِرُ مُجتَمعَنا الذي عانَى ويُعانِي، وبكُلّ صَبرٍ وصُمُودٍ وتَضحِيّة.. وما زال مُتشَبّثًا بالأمَل۔۔
ويُردّدُ سِرّا وعلانيّةً: "غدًا۔۔ نكُونُ أحسَن!"۔۔
■ وهذه من طِباعِ بِلادِنا الشّامِخة..
تمُرّ بصُعُوباتٍ كبيرة۔۔ ومع ذلك، هي مُتفاٸلة۔۔
بلادُنا لا تَفقدُ الأمَل۔۔ وفي أحلامِنا المُشترَكة، وحركاتِنا المَيدانيّة، مَشارِيعُ عِملاقَة، ورُؤيةٌ مُستَقبليّةٌ جيّدةٌ في عَلاقاتِنا معَ القارّاتِ الخَمس..
• ورغمَ هذا الرّصيدِ الإيجابِيّ، عِندَنا هَشاشةٌ واختِلالٌ في مُؤسّساتٍ نيابيّة.. ونحنُ اليومَ بحاجةٍ ماسّةٍ إلى ورشةٍ إصلاحيّة لرُكامٍ من الأحزابِ والنّقابات والغُرَف التي تَستَهلكُ أكثرَ مِمّا تُنتِج، وليسَت لها رؤيةٌ استراتيجيةٌ مُستقبليّة..
وهُنا يكمُنُ الإشكال..
• ويَتوَجّبُ الاشتِغال علی هذه الورشة:
الدّيمُقراطيةُ في بلادِنا بهذه الأحزابِ تُعانِي..
احزابُنا عاجِزةً عن إقناعِ الرأي العامّ الوطَنِي بسياساتِها، وهيّ خِطابيةٌ اكثرَ مِنها عمَليّة۔۔۔
• ولماذا "الدّيمُقراطيةُ" عِندَنا، تَستَطِيعُ أن تَكُونَ ذاتَ مَردُودِيّة، ورغمَ ذلك هي عاجِزة؟ لماذا يَقتَصِرُ وُجُودُها على توزيعِ مِيزانياتِ مُؤسّساتِها على "مُنتَخَبِين" أغلبُهُم غيرُ مُؤهَّلِين؟
▪︎هل قَدَرُنا يَقضِي فقَط بِتَبذِيرِ حُكوماتٍ للمَالِ العام، على "مُنتَخَبِين" غيرِ مُؤهَّلِين؟ هل قَدَرُنا هو الاقتِصارُ على توزيعِ المالِ العامّ على فئةٍ قليلةٍ، وعلى حِسابِ المَصلحةِ العامّة؟ والأغلبيةِ السّاحقةِ المُهمّشة؟
▪︎ها نحنُ اليومَ أيضًا، نُباغَتُ بأكياسٍ منَ الانتِهازيةِ وسُوءِ التّدبِيرِ واللاّمُبالاةِ التي تَقِفُ خلفَها نُخبةٌ يُقالُ "إنّها سياسية"..
أينَ مَردُوديّةُ الدّيمُقراطية؟ أين المَصلحةُ العامّة؟
ألاَ تَستحقُّ بلادُنا أحزابًا في مُستوَى المَغربِ الجدِيد؟
■ وما مَوقِعُ شَبابِنا المُناضِل؟
وما قيمةُ الإكثَارِ منَ الأحزَاب؟
هل الدّيمُقراطيةُ تَفرِيخٌ حِزبي؟ أم هيّ مَردُوديّة؟
أين إيجابيّةُ الحياةِ الاجتِماعيّة؟
▪︎المَطلُوبُ تقليصُ الأحزابِ المَغربية إلی حدُودِ 10، على أكثرَ تقدِير..
إنّ تَفرِيخَ الأحزابِ عِندَنا يَضُرّ ولا يَنفَع..
وعلينا بإعادةِ النّظر في القانُونِ الحِزبي..
وهذا من أجلِ تَكوِينِ وإدماجِ شبابِنا للانخِراطِ في المَسؤولياتِ الحِزبيّة.. معَ الوِقايةِ مِن وَباءِ الفَسادِ السياسي الذي اكتَسحَ جُلَّ أحزابِنا..
▪︎وفي سياقِ التأثيرِ الشّبابي، والمُجتَمَعِي بصفةٍ عامّة، وجبَ التّفريقُ بينُ المَواقعِ السياسيةِ للأحزاب: المُعارَضة، المصلحة الخاصة، والمصلحة العامة، وحُقوق الوَطنِ والمُواطِنِ والمُواطَنَة والوَطنيّة..۔
وهذه الجَبهاتُ النّضاليةُ تَقودُ إلى بِناء "مُواطِنٍ جديد" يتّسِمُ برُؤيةٍ مُتجدّدة، لتَصحِيحِ أيّ خللٍ سياسيّ قد يكونُ مُضِرًّا بمَسارِ الاستِقرارِ التّنموِيّ الوَطنِيّ..
▪︎وفي سياقِ تأهيلِ شبابِنا للمَسؤولياتِ الحِزبية، الحاجةُ إلی تأطيرٍ للتّفريقِ بين ما هو "مَصلحةٌ خاصة" و"مَصلحةٌ عامّة"..
وهذه نُقطةٌ جَوهريّةٌ في مَسؤولياتِ أحزابِنا.. إنها تَخلِطُ بين ما يَنتَفِعُ به الفرد، وما يُفِيدُ كافّةَ الناس..
• الشارعُ - مَثَلاً - يَكمُنُ في المَصلحةِ العامة.. وكذلك التعليمُ والصحةُ والرّعايةُ الإجتماعيةُ وغيرُها…
▪︎أما استغلالُ المَسؤوليةِ الحزبية للإثراءِ الذاتي، فهذا فَسادٌ سياسي، لأنّ السياسةَ خِدمةٌ للصالحِ العام، وليست سُلّمًا إلى اغتِناءٍ فردِيّ..
▪︎وفي هذا الاتجاه، تأهيلُ شبابِنا المُناضِل، لتنميةِ الضّميرِ المِهنِيّ، والوَفاءِ للوَطن، والمَصلحةِ العامّة..
▪︎وبهذا نستطيعُ إعادةَ بناء أحزابٍ جديدة، بإشراكِ شبابٍ مُؤهّلينَ يُفرّقُون بين "مَصلَحةٍ شخصية"، وهذه لا مكان لها في الحِزب، و"مَصلَحةٍ عُمُومية"، وهذه هي صُلبُ النّضالِ الحِزبيّ، لأنها تَهُمّ كُلَّ البَلَد..
▪︎وهكذا نَطوِي مِلفَّ الفَسادِ الحِزبيّ في بلادِنا، ونُسَلّمُ لفئةٍ نزيهةٍ مُؤهَّلةٍ مِن شبابِنا، مَسؤوليةَ أحزابٍ يقُودُها شبابٌ قادِرُون على بِناءِ الدّيمُقراطيةِ الوطنيةِ المُقبِلة..
■ ولكنّ حَواجِزَ الأحزابِ مُغلَقَةٌ في طريقِ الشّباب..
شَبابُنا يَطمَحُون للمُشارَكةِ في صُنعِ القَرارِ الحِزبِيّ، ومِن ثَمّةَ صُنعِ القرارِ الحُكومي..
بيدَ أنّ أحزابَ اليَومِ غيرُ مُقتَنعةٍ بأنّ وقتَها قد فات.. وهيّ نفسُها قد هَرِمَت، ولم تَعُد صالِحةً لأيّةِ مسؤولية، لا لليَومِ ولا للغَد.. وأمامَها خِيّارَان: أنْ تَنصَرِفَ بمَحضِ إرادتِها منَ الباب.. أو يُقْذَفُ بها منَ النافِذَة..
لعَلّ منَ الأفضَل، إذا تَبَقَّى لها نصِيبٌ منَ الإدرَاك، أن تَنصَرِفَ بهُدُوء، وتَغلِقَ خَلفَها البَاب..
■ التّفكيرُ في الغَد، يُحِيلُنا علی تَصَوُّراتٍ مِن حُكماٸِنا وعُقلاٸِنا۔۔ وتَستَهدِفُ الهَرَمَ التّنظِيمِي الذي انجَذَبَت وتَنجَذِبُ لهُ بِلادُنا:
* المَملَكةُ المَغرِبيّة: ديمُقراطيّةٌ اجتِماعيّة..
- الفَصلُ بين الدّينِ والدّولة.۔
- فَصلُ السُّلَط۔۔
- دَولةُ المُؤسّسات۔۔
- حُقُوقُ الإنسَان..
- حُرّياتٌ مَدنيّةٌ وسيّاسيّة، مِنهَا: الحُرّيّاتُ الشّخصِيّة۔۔۔
- العَدالةُ الاجتِماعِيّة۔۔۔
- مَجّانيّةُ التّعلِيمِ والصّحّة..۔
■ وهذه مِن أبرزِ العَناصرِ الضرُوريّة، لخَلقِ بِيٸةٍ مُلاٸمةٍ للاستِقرار، والتّنميّة، والتّداوُلِ السّلمِي للسُّلطة، واستِيعابِ أيةِ صِراعاتٍ مُحتَمَلة، سياسيًّا واقتصاديًّا واجتِماعيًّا وثَقافيًّا۔۔۔
• وبلادُنا تَستَطِيعُ اقتِحَامَ الغَد، ومُواجَهةَ التّحدّيات، بشَبابِها الطّمُوح، وديمُقراطيّتِها المُتَوازِنة، وحُسْنِ التّسيِيرِ والتّدبِير لمُٶسّساتٍ نيابيةٍ يسُودُها التّخلِيق، تحتَ مُراقَبَةٍ قانُونيّة۔۔