أتم الملك محمد السادس 25 عاما على عرش المملكة، ليصل إلى "اليوبيل الفضي" من زمن حُكمه الذي كان مُفعما بالأحداث والتحولات على العديد من المستويات، من أبرزها المجال الاقتصادي، الذي ورثه عن والده الراحل الملك الحسن الثاني، ذات يوم من صائفة 1999، وهو مُنهكٌ من تبعات "التقويم الهيكلي" الذي أفقد المغرب سنوات من التنمية.
لكن العاهل الجديد، حينها، لم يأخذ الكثير من الوقت، قبل أن يشرع في تنزيل تصور جديد لإعادة بناء المنظومة الاقتصادية للبلاد، وفق تصور حديث ينطلق من ضرورة تجديد البنى التحتية، وإعادة الاعتبار للمجال الصناعي، والاستغلال الأمثل للموقع الجغرافي للمملكة، لعل ذلك يساهم في تدارك عقود من التأخر، وفي محاولة لتقريب المسافات بين المملكة ومحيطها الإقليمي.
في عدد شهر غشت 2024 من "الصحيفة" في نسختها الورقية، نقف بالتفصيل، على ما أنجزته المملكة من مشاريع وما أنزلته من رؤى اقتصادية، في مدة ربع قرن التي مضت من حكم الملك محمد السادس، في محاولة للوصول إلى خلاصات موضوعية بخصوص الاختيارات التي أثبتت نجاعتها وتلك التي تحتاج إلى مزيد من المراجعة والتصويب، وانعكاسات كل ذلك على المواطنين.
هو ملف مُطول إذن، نتفحص فيه خيار المرور من عهد "البلد الفلاحي" إلى زمن "الدولة المُصنِّعة"، التي استطاعت خلق منظومة كان يُعتقد أنها بعيدة للمنال لقطاع السيارات، ومحاولات إحداث أخرى في مجال صناعات الطيران، ونقف على الانعكاسات المُؤثرة للتحول الشامل الذي شهدته البنى التحتية، من ميناء طنجة المتوسطي إلى القطار فائق السرعة، مرورا بشبكة الطرق السريعة.
الملف هو أيضا وُقوفٌ على مدى سرعة وفعالية التحولات الاقتصادية التي عاشتها "مملكةُ محمد السادس" على الناتج الداخلي الخام، ومُعدلات خلق الثورة، وسوق الشغل، والعدالة الاجتماعية والمجالية، وصولا إلى محاولة لاستقراء المستقبل انطلاقا من الحاضر، وبناء على طموح بلد يريد أن يرتقي إلى الصفوف الأولى اقتصاديا في فضائه الإفريقي والأورومتوسطي على الأقل.